من المؤسس الإمام محمد بن سعود إلى مؤسس الرؤية الأمير محمد بن سلمان «لدينا عمق تاريخي مهم جداً موغل في القدم ويتلاقى مع الكثير من الحضارات، والكثير يربط تاريخ جزيرة العرب بتاريخ قصير جداً، والعكس أننا أمة موغلة في القدم». ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله ورعاه-
بكل فخر نحن أبناء المملكة العربية السعودية ننعم اليوم بالأمن والأمان المكلل بالخطى والقفزات التطويرية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله-، من خلال فكر (ورؤية المملكة 2030) التي وضعها ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- للانطلاق بالمملكة العربية السعودية إلى صفوف الدول المتقدمة من غير أن يمس ذلك الثوابت الدينية والاجتماعية، بل يدعو كما دعا أسلافه إلى الاستزادة والاستنارة من ذوي الفكر والرؤى لنهضة الوطن والمواطن، فالمهتم بالتاريخ السعودي من خلال مراحله الثلاث يدرك أهمية وحرص ولاة الأمر على ثروات هذه البلاد، وأهم هذه الثروات هو المواطن السعودي، والمطلع على تاريخ الدولة السعودية في عهودها السابقة إلى يومنا هذا يلمس بوضوح أن أئمتها وملوكها ساروا على النهج الحميد لمؤسس الدولة السعودية الأولى.
فمنذ بدأ تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ/ 1727م على يد الإمام محمد بن سعود كرس كل جهوده للإصلاح وتطبيق الشرع، وسيادة النظام، وكف النزعات والحروب المحلية والالتزام بالأنظمة والقوانين التي سنتها الدولة في تلك الفترة بما يتناسب مع قدراتها وإمكانياتها ويتوافق مع تلك الحقبة الزمنية، حيث وضعت الأنظمة المدنية والعسكرية؛ لتطوير الدولة وإلزام أفرادها بتطبيق تلك الإصلاحات؛ وذلك لحماية الجميع وتأمين البلاد الذى كان له دور كبير في النمو الاقتصادي، ما هو إلا دليل واضح على الأمن والأمان الذي تعيشه الدولة، وعلى الرغم من طبيعة الحياة الصحراوية التي يتصف بها أبناء الجزيرة العربية، استطاعت الدولة أن تقوم بعمل بعض التنظيمات والتي كان من أهمها: تنظيم الجيوش، وتنظيم بيت مال المسلمين، ونشر التعليم، ونبذ الجهل، والقيام على الحرمين الشريفين، والتنظيم الاقتصادي.
ومع ظهور قوى خارجية أدت لسقوط الدولة السعودية الأولى عام 1233هـ/1818م إلا أن الأساس اشتد ثباته من خلال تعمق أركان الولاء في نفوس أبناء الجزيرة العربية الذي يستند على قوة أساس الدعوة الإصلاحية، وتأصّل الولاء بالنفوس وذلك تأييدهم للأمير مشاري بن سعود عام 1235هـ/1819م، ومن بعده للإمام تركي بن عبد الله الذي استعاد حكم أجداده عام 1240هـ/ 1824م، ونقل العاصمة من الدرعية إلى الرياض التي أصبحت محط أنظار أبناء الجزيرة العربية وأعاد تنظيم الدولة، وحرص على استتباب الأمن وردع المعتدين.
وبعد سقوط الدولة السعودية الثانية عام 1309هـ/1891م، وبمبدأ ثابت لا ينثني عزمه، استرجع الملك عبد العزيز -طيّب الله ثراه- ملك أجداده ومسقط رأسه الرياض عام 1319 هـ/1902م، عاصمة الحكم السعودي ودعا فيها إلى الاستقرار، والحرص على استتباب الأمن، والانفتاح على العالم الخارجي، والاستفادة من خيرات البلاد للوطن والمواطن ومن بعده أبناؤه الملوك - طيب الله ثراهم- إلى الملك سلمان وولي عهده الأمين -حفظهم الله- في الحفاظ والبقاء على هذا الإرث التاريخي، وانبثاقه من روح الحياة الجديدة للرؤية التي حرص ولي العهد على أن تكون مترابطة في المنهج والمسيرة مع أسلافه.
بدأ رجل التأسيس الإمام محمد بن سعود وتبعه على نفس النهج رجل الرؤية الأمير محمد بن سلمان في رسم خريطة المملكة، نعم إذا قَوِيَ الأساس ثَبُتَ البُنيان.
** **
- البندري بنت حاكم الفغم