تحتفل المملكة العربية السعودية يوم الثاني والعشرين من فبراير من كل عام بيوم التأسيس، وهي ذكرى مرحلتها الأولى في عام 1139هـ 1727م، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها العالم، بسبب اجتياح وباء كورونا «كوفيد 19»، فإنّ الابتهاج بهذه الذكرى العطرة تتخذ شكلاً جديداً، مرتكزاته تقييم الإنجازات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي تم تحقيقها خلال الأعوام الماضية والنهضة العلمية والمعمارية الحضارية والمدنية التي شهدتها المملكة. وسيكون الاحتفال بوطننا العامر هذا العام تحت عنوان «يوم بدينا»، وهو شعار مستوحى من معاني جوهرية تاريخية متنوعة، ترتبط بأمجاد الدولة السعودية وبطولاتها وعراقتها.
وروح التأسيس تكمن في الفخر والحماس والأصالة والترابط، ومرتبطة بالضيافة والكرم والمعرفة والعلوم، والسير عبر سياسة تقوم على السلام وعمودها التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، وسياسة عربية وإقليمية مبدأها التفاهم وحلّ النزاعات على نحو سلميّ وبالحوار وعدم اتخاذ القوّة، وسياسة دولية نشيطة هدفها جلب الاستثمارات النوعية واكتساب طمأنينة العالم، على نحو سعي المملكة لزيادة قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال (106 مليارات) بحلول 2030، مقابل نحو 19.7 مليار ريال في العام الماضي، بما يشير إلى استهداف مضاعفة القيمة لنحو 20 مرة خلال عقد، وذلك هدف عالٍ إذا تحقق فهو مفخرة لنا نحن كسعوديين.
وتتصف روح التأسيس التي جسّدها الإمام المؤسس محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بالحكمة والتقوى والصدق والشجاعة والحزم والقيادة الراجحة والعدل. وليس من قبيل العبث أن يسير الأمام تركي بن عبدالله والملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ومن بعده، مؤكدين امتداد الدولة ووضوح المبادئ الراسخة التي قامت عليها، وهكذا كانت هذه المناسبة الوطنية لاستذكار تاريخ إنشاء الدولة السعودية الذي قارب الخمسة قرون.
لقد حقّق وطننا العتيد تطورات هائلة على الصعيد العلمي والتقني، وكان تمكّن المملكة في تسجيل اسمها كأول دولة عربية تشارك في رحلة الفضاء ديسكفري 1985م دليلاً آخر كبيراً على المكانة التي تحتلها، كما خطا وطننا خطوات بشكل سريع وعلمي في مجال التعليم عبر تحقيق معايير الجودة في نواتج التعليم والمقررات والمناهج، إضافة لدعم منظومة التقويم والتدريب، ومواكبة أحدث التقنيات التي يشهدها العالم، لدرجة أصبح منارة حقيقية للعالم.
وفي المسار الطبي والصحي، فإنّه يعتبر من البلدان المتقدمة، وقد ظهر ذلك واضحاً في تعامله مع جائحة «كورونا» الذي شلّت العالم بأسره، فكان نعم المثال والقدوة، وهو في غير تميزه الطبي والصحي أطلق العديد من المحفزات الاقتصادية وتوفير البدائل المالية لمعالجة تداعيات الجائحة المادية على المستهلكين والشركات المتضررة.
ولأنّ المقوّمات كانت صائبة وذات منهجية مدروسة، فإن البناء جاء صائباً وشفّافاً ونزيهاً ومتراكماً.. هكذا كانت البداية في عهد الدولة السعودية الأولى، واستمرت في عهد الدولة السعودية الثانية، وكذلك في عهد الدولة السعودية الثالثة حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، واتفاق العهدين اللذين تليا العهد الأول على الإرث التاريخي والحضارة العظيمة في إطار دولة لها كيانها وأهدافها، وهي اليوم إذ تحتفل بذكرى يوم التأسيس والاحتفال الذي سنحتفل به بنجاح الرؤية السعودية 2030 وتحقيق أهدافها التي تقوم على المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح.
هنيئاً لوطننا المبارك، وتحيّة لقيادته الرشيدة بمناسبة ذكرى 22 فبراير لتأسيسه، ومن «يوم بدينا» ونحن في عزة وارتقاء وازدهار.
** **
ياسر بن عبدالله آل شملان - مدير مستشفى وادي الدواسر العام