الأمر الملكي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم «يوم التأسيس» واعتماده إجازة رسمية، حدث تاريخي قُوبل بترحابٍ وتقديرٍ كبيرَيْن من جميع الأوساط السعودية؛ لما فيه من تذكير بأيام خالدات ومحطات مفصلية، ومنعطف تاريخي غيّر مجرى تاريخ شبه الجزيرة العربية.
وإن الاحتفاء بيوم التأسيس يؤكد على اعتزازنا بالجذور الراسخة للمملكة العربية السعودية، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وما أرسته من الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، بعد أزمان من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار، وبما تحقق للبلاد في العصر الحالي من نهضة وتنمية شاملة وبناء للإنسان حاضرًا ومستقبلًا وتخليد ذكرى التأسيس من شأنه أن يرسخ في عقول أجيالنا الحالية والمستقبلية أنهم يعيشون في وطن ظل حاضراً في التاريخ، وصنع له مكانة صلبة بين أقرانه من الدول بعيدًا عن الثورات والحروب الثأرية والغزوات والاستعمار.
ومنذ ذلك التاريخ، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين، حفظهما الله، شهدت المملكة تحولات مذهلة في غضون عقود قليلة، وتحولت من بلد صحراوي إلى دولة حديثة متقدمة، حيث تعيش المملكة اليوم تحولًا تاريخيًّا وإنجازات مستمرة في إطار نهضة شاملة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وينفذها ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الذي بثّ روح الشباب في أوصال الدولة بأفكاره ومبادراته وسياساته، انطلاقًا من رؤية المملكة 2030 المبنية على مكامن قوة هذا الوطن وقدراته الفريدة، وما يتخللها من برامج ومبادرات أسهمت في بناء اقتصاد قوي ومتين يعتمد على تعزيز التنافسية، وتحقيق تقدم ونجاحات في جميع مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
كما أصبحت المملكة لاعبًا رئيسًا على الساحة الدولية، وتبوأت مكانها الطبيعي ضمن مجموعة العشرين كدولة كبرى في العالم، وليس ذلك بسبب ما تملكه من إمكانات اقتصادية فقط، بل بما تتمتع به من مقومات وعوامل جعلتها تتبوأ أفضل المراكز المتقدمة في ملفات حقوق الإنسان، والعدالة ، والبناء، والعمران، والتقدم، والتنمية، والإصلاح.
وفي ظل هذا التطور المستمر والتنمية المتلاحقة، كانت المرأة السعودية وما زالت تُشكّل أولوية خاصة، وتلقى الاهتمام والدعم والعناية من قبل قيادتنا الرشيدة ـ أيدها الله - وأتيحت لها فرص التميز والإبداع والمشاركة الفاعلة، بدءًا من الإقرار بحقها في التعليم وصولًا إلى تقليدها المناصب العليا، بصفتها مواطنة شريكة في بناء الوطن والانخراط في مؤسساته، حيث رسمت رؤية المملكة معالم الطريق، وحددت المستهدفات الوطنية التي تجعل المرأة شريكًا فاعلًا في التنمية، ووضعت البرامج والمبادرات التنفيذية التي تدعمها وتمكنها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها ومستقبل مجتمعها ووطنها، عبر صدور وتنفيذ الإصلاحات التشريعية في الأنظمة واللوائح الهادفة إلى تعزيز دور المرأة في التنمية الاقتصادية، والاستفادة من قدراتها وخبراتها وتعليمها العالي، ثقةً بها وإيمانًا بكفاءتها، ورفع تنافسية المملكة إقليميًّا وعالميًّا.
لقد أحدثت المملكة قفزة نوعية غير مسبوقة في مجال تمكين المرأة وهو ما أكدته تقارير دولية، حيث حقّقت المملكة تقدُّمًا جديدًا للعام الثاني على التوالي في تقرير «المرأة، أنشطة الأعمال والقانون 2021» الصادر عن مجموعة البنك الدولي، إضافة إلى التقدم الملحوظ في العديد من التقارير والمؤشرات الدولية الصادرة عن المنظمات الدولية ومجموعة العشرين
ويعد ما نشهده اليوم من نجاحات للمرأة السعودية وتوليها المناصب القيادية الرفيعة المستوى في المملكة خير مثال على نجاح المستهدفات الاستراتيجية المتعلقة بالمرأة، حيث وصلت المرأة السعودية إلى مراتب وزيرات، وسفيرات، ورئيسات مجالس إدارة، وعضوات في مجلس الشورى السعودي.
ولم تقتصر جهود المملكة على تمكين المرأة، بل تعدتها لتشمل حماية ورعاية كبار السن والأطفال، بما في ذلك الحماية من الإيذاء، وضمان توفير وسائل رعاية صحية فعالة، والتعليم، ويتمثل كل ذلك في المبادرات والخدمات المختلفة التي تقدمها القطاعات الحكومية المختلفة.
ختامًا يحق للوطن وأبنائه التفاخر والاحتفاء بيوم التأسيس؛ لما يمثله من عمق تاريخي، وأصالة، وامتداد لهذا الوطن المعطاء بكل مراحله وتطوراته.
** **
د. هلا التويجري - الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة