رمضان جريدي العنزي
أصبح لوطننا أبعاد باهرة، ورسالة خاصة، وموقع مؤثر، وصفات وسمات مغايرة، أبوابه مفتوحة، ونوافذه مفتوحة، وهواؤه عليل، ويوم تأسيسه فريد، كان بيدا ورملا وحصى وجفافا، كان زمهريرا وسموما، كان خوفا وشتاتا، كان غزوا وحنشلا ودما وخرابا، والناس فيه رحل لا يستقرون على حال، كان فاقة وجوعا وعطشا وحاجة ومرضا وقتالا، صار الآن مذهلا بالجمال، يصعب توصيفه، والإلمام بتفاصيله، صار قبلة البلدان، وزينة الأوطان، صار سنابل خضر، وماء عذبا من بحر، ارتقى اسمه ورسمه، وعبر الطريق الطويل، وجهه وردة، وخبزه عافية، وخطاه حثيثة، ضوء ينساب نحو الفضاء، انبثق كزهرة برية، حتى صار الدليل الأول والمسار، بيرقه عال، وفضاؤه وسيع، مثل قنديل يضيء المكان، هي القصائد وإن حاولت قولها في الوطن لا تقول الذي أريده، أتهجى حروف اسمه واحداً واحداً، وأتعب ولا أصل لمداه، عطر صيف هو، وحنان شتاء، مثل نسيم سحر، يداعب روحي، وينساب فيها كضياء شفيف، كل ما في الوطن يهتف، نحو العلا يهتف، حبه أبجدي، مثل وردة وضوء وعطر فواح، في حضوره حضور، وفي غيابه غياب، هو الوطن نائم في سريري، أبوح له جل الكلام المنمق، وأصبح معه سندباد، في عالم البحار، يجمع اللؤلؤ والمحار، ويحمل ياسمين وغاراً، ترف في روحي وقلبي، رميت معه من على كتفي الهموم الثقيلة، وأقضي وقتي معه كطير يسافر من غيم لغيم، ويستظل في الدوالي الظليلة، وتكبر عنده المناعة، مغاير وجه صار، لونه وطعمه، وفي مقلتي معه كثير الكلام، هو الوطن كحبة قمح، كأشعة شمس، كخوخ ولوز وتين وطوق ياسمين، هل أخبركم كيف زال الظلام، وجاء النهار، وكيف صار الناس فيه بهاء في بهاء، وأمن وأمان، وعافية في الأبدان، وكيف الثمار صارت فيه ثمار، والماء المالح صار فراتاً، والسموم تحول لبراد، عالياً صار مثل نسر يطل على ما وراء القمم، أبيض أنت، ولك زهو، في مثل يوم تأسيسك، تصبح القصائد فيك مطرا، والبلاغة فيك عالية، سيد الحضور أنت، يعانق نداك بالصدى، وليفهم الآخرون في يوم تأسيسك بأن الصحارى عندنا تحولت لقناديل ضوء، والرمل تحول لذهب، والنخل يرقص حين يغني الحمام ويهدل، يا مغاير كيف حولت ذاك كله، وبنيت وطناً يضاهي الأوطان، وأضاءت فجوج الفيافي بقناديل الفرح والبهاء، كيف حولت الوادي الجاف إلى حقل قمح، والساحل منارات، والغزالة ترتع مع الذئب بلا خوف ولا وجل، يا وطني، يا صديق القلب، يا جميل المحيا، معك أعانق مداد الفضاء، وأرمي بذار القائد على أرضك البهاء.