د. أحمد محمد الألمعي
أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمرًا ملكيًا بأن يكون يوم (22 فبراير) من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، ويصبح هذا اليوم إجازة رسمية للمرة الأولى هذا العام. يوم التأسيس هو اليوم الذي نشأت فيه الدولة السعودية الأولى قبل نحو 3 قرون، مع تولي الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية في منتصف عام 1139 هجري الموافق لعام 1727 ميلادي.
وجاء ذلك في وقت كانت تشهد فيه شبه الجزيرة العربية فوضى سياسية وفُرقة وتشتتًا ودائمة الحروب فيما بينها. قاد الإمام محمد بن سعود البلاد في عصره من الفوضى إلى الاستقرار، ومن التشتت إلى الوحدة، ليؤسس دولة دستورها القرآن الكريم وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكان عمره -آنذاك- 49 عامًا (وُلد في الدرعية عام 1679). كان لديه حس إداري ونظرة مستقبلية لإنشاء حضارة تزدهر عبر القرون، فرفع شعار الوحدة، وبدأ بمدينته «الدرعية» ووحَّد شطريها، وجعلها تحت حكم واحد، بعد أن كان الحكم متفرقًا بين مركزين لها.
وتوالت الإنجازات في عهد هذه الدولة، ومنها نشر الاستقرار في الدولة التي شهدت ازدهارًا كبيراً في مجالات متنوعة، وشملت الاستقلال السياسي وعدم الخضوع لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها.
ويهدف القرار إلى إبراز العمق التاريخي والحضاري للمملكة، لتتعرف الأجيال الحالية على الجذور التاريخية لبلادهم، ويتعرف العالم أجمع على مدى عراقة الدولة السعودية وحضارتها العظيمة.
ولي أن أفخر كأحد أبناء هذا الوطن وكمبتعث سابق ضمن برامج الدولة للتدريب والتخصص إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ضمن نخبة كبيرة من الأطباء والشباب السعوديين المثقفين الذين وفرت لهم الدولة كل الدعم في سبيل اكتساب المعرفة والخبرات بهدف العودة للمساهمة في بناء هذا الوطن المعطاء.
من ينظر لتاريخ المملكة وما حققته في فترة وجيزة يتملكه الذهول والإعجاب بكل إنجازاتها الحضارية في جميع المجالات بلا استثناء، في صورة مبدعة جعلها محط أنظار العالم ومقصداً للدول الأخرى للاستفادة من الخبرات في كل ما تحقق.
وكطبيب أود تسليط الضوء على الجانب الصحي وما تم فيه من إنجازات مذهلة، فنموذج المملكة في التعامل مع جائحة الكورونا مثال يحتذى به ويُدرس في أكثر دول العالم تقدماً. ولا أدل على ذلك من أرقام الإصابات التي لا تذكر، مقارنة بأرقام دول متقدمة فشلت أنظمتها الصحية في التعامل مع الجائحة، وانظر إلى مستوى الرعاية الصحية المجانية المقدمة للمواطن والمقيم على حد سواء بقرار حكيم من خادم الحرمين الشريفين أثناء موجات الكورونا التي مررنا بها. وانظروا إلى المنشآت الصحية في كل مناطق المملكة التي تدار بكوادر وطنية وتحقق إنجازات طبية مميزة على مستوى العالم. وقد بعثت هذه القرارات المهمة في هذه الفترة الطمأنينة في نفوس الجميع بوجود قيادة واعية ذات نظرة وتخطيط بعيد المدى. ومما يثلج الصدر ما نراه من اللحمة الوطنية والتفاف الشعب بالقيادة في ظروف صعبة تمر بها المنطقة من اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية، بينما يعيش كل من يقيم على هذه الأرض الطيبة استقرارًا في كل هذه المجالات، كما خطط لها المؤسس الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون. كما أن هناك إحساسًا عميقًا بالأمل في مستقبل واعد لشبابنا وأمتنا في ظل إنجازات متسارعة علمية وتقنية وتصنيع عسكري ومدني وبناء اقتصاد متين آمن ومستقر لم نره حتى في أقوى اقتصاديات العالم.
وقد رأينا مؤخرًا التصنيف الائتماني لصندوق الاستثمار السعودي المرتفع الذي يعزز ثقة المواطن في القيادة والكوادر السعودية التي تدير مقدرات هذا البلد. ونرى في كل يوم إنجازات على طريق تحقيق رؤية 2030، واستمعوا إلى تصريحات سيدي ولي العهد «فخور بأن المواطن السعودي أصبح يقود التغيير، بينما تخوف الكثيرون من أن الرؤية ستواجه مقاومة بسب حجم التغيير الذي تحتويه».
أدركت القيادة الحكيمة ببعد نظرها منذ قرون أن الإنسان السعودي هو أهم لبنة في بناء الوطن ووضعت الخطط والبرامج في هذا السياق، كما هيأت البنية التحتية لتستمر عجلة الإنجازات في التقدم وتحقيق المزيد من الرخاء والاستقرار للوطن ومواطنيه.
المملكة رائدة في مجال البحث العلمي كما تشير التقارير منذ سنوات عدة. البحث العلمي هو أساس بناء الصناعات والحضارات المستقبلية، وعنصر أساسي للاستمرار في التقدم لكي نصل إلى مصاف الدول المتطورة، وكل هذا هو من ضمن أهداف رؤية الخير 2030. أدام الله علينا هذا الاستقرار والرخاء وهذه الإنجازات العظيمة وحفظ الله قيادتنا وشعبنا.