عبده الأسمري
امتلك فصل الخطاب.. ونال فضل الجواب.. وامتطى صهوة «الحسنى» وجنى حظوة «التقى»..
رفع «لواء» الحق في ميادين الإمامة وحمل «راية» التقوى على منابر «الخطابة» فكان «الإمام» الهمام و»الخطيب» اللبيب الذي بنى «صروح» الأثر وسط شؤون «الطاعات» وأسس «أركان» التأثير في متون «الحسنات»
أقام «مقام» الإيمان من أصول «الدين» وجني «مرام» الإحسان في فصول «الدعوة» رافعاً «مشاهد» «الصوت» الزاهي من أطهر البقاع وموثقاً «شواهد» الصدى الباهي في أسمى الأماكن.
إنه إمام وخطيب الحرم المكي الشريف الدكتور فيصل غزاوي أحد أبرز الأئمة والخطباء في العالم الإسلامي.
بوجه تقي نقي فاخر بنور «البصيرة» زاخر بإشعاع «المسيرة» وتقاسيم «يملؤها الزهد» ويؤطرها «الجد» مع ملامح حجازية تتقاسم مع أسرته البهاء وتقتسم مع عائلته الزهاء وشخصية أصيلة مسجوعة بالتدين مشفوعة باليقين وأناقة وطنية تعتمر البشوت «الملونة» وصوت يشبع الأنفس بصفاء «الذكر» ويملأ الأرواح بسخاء «التدبر» قضى غزاوي من حياته سنين وهو يؤم المصلين ويبهج الخاشعين في صحن الطواف قارئًا، يسجل بطولته الخاصة ويؤكد براعته الفريدة في «مشهد» التلاوة و«منبع» الطلاوة في آيات تتلى آناء الليل وأطراف النهار في أعظم محفل دنيوي وأسمى مظهر ديني تشهده الملائكة وتشغف له «القلوب» موزعاً «غنائم» الجمال ومجهزاً «مغانم» الامتثال في البيت العتيق. لابسا «تاج» الكرامة المجيد في أعلى «مناصب» الدنيا وأغلى مواقع الحياة موزعاً مهامه بين «مقامات» الترتيل في الحرم المكي و«قاعات» التدريس في جامعة أم القرى.. إماماً وأكاديمياً وخطيباً استثمر وقته في خدمة «الفرقان» واستغل طاقته في إعلاء «البيان».
في مكة المكرمة ولد عام 1385 في «مساء» مكي ابتهج بالبشرى وامتلأت المجالس «المكية» بقدوم ميمون لمولود من سلالة «غزاوي» الضليعة بالمحاسن وانطلقت «أفراح» المقدم المبارك في أنحاء المنازل المسكونة بالألفة وعم «السرور» منازل «المكيين» وتعطرت حارته «الصغيرة» بعبير «التهاني».
نشأ وسط أسرة مكية عريقة «الفضل» عميقة «النبل» وتشربت نفسه «روحانية» المكان وتعتقت أنفاسه بطمأنينة المقر وانخطف إلى «الألحان» السماوية التي غمرت وجدانه برياحين «التلاوات» ونفائس «القراءات» في المسجد الحرام.. وظل طفلاً يحمل «مصحفه» الصغير مترددا على حلقات الدروس ومجمعات التحفيظ متأبطاً سجادته المعتقة بالعود مرتوياً من «نبع» زمزم موجهاً خطواته قرب مقام إبراهيم مردداً ابتهالاته أمام حجر إسماعيل مكملاً نوافله قرب الحجر الأسود ليظل «ثاوياً» في أهل «الدين» ومقيمًا في محفل «التعلم» موجهاً قبلة أحلامه «شطر» التفوق.
وسط محيط عائلي ملأ قلبه بموجهات «السمو» الديني واتجاهات «العلو» القرآني تربى في كنف «الوقار» ومضى في درب «الاقتدار» وركض طفلاً مع أقرانه بين أحياء الغزة والحجون وشعب عامر وأجياد مراقباً «بياض» الطهر في قوافل «المعتمرين» مرتقباً «صفاء» المشهد في مجاميع «الزائرين».
أنشدّ غزاوي إلى «مخارج» الإجادة في «لكنة» علي بن جابر و»أصداء الهجوع» في «غنة» إبراهيم الأخضر وبدائع «الخشوع» في «ترتيل» صالح بن حميد.. مستمعاً إلى تردد «التجويد» في «مذياع» والده ملاحقًا بعد نظره في تتبع «الذكر» واتباع «الأثر» في «نغمات» التلاوات و«تناغم» التراتيل فكبر تحت ظلال «التوفيق الرباني» فظل «قلب» الأسرة النابض بالابتهاج الموشح بالإنتاج ومنبعًا مبهجًا في أرجاء «حارته» ونبعاً متدفقا في أنحاء «عشيرته».
اكتسب من «القرآن» الفضيلة واتخذ من «الإتقان» الوسيلة فكان «الابن» البار لأسرته و«الوجه» السار لعائلته..
انخطف غزاوي لنداءات «الفلاح» في مكبرات الجوامع وانجذب لأملاءات «الكفاح» في محطات المنافع واقترن يومه بمكوث «روحاني» في أحضان «الحطيم» وامتلأت آذانه بأصوات «الفخر» من مزامير آل داود التي انغمست في وجدانه بمثابة «الشوق» ومثوبة «التذوق» فتشكلت في «حنجرته» أول أصداء «النبوغ» ليكون مشروعاً بشرياً أطرب المأمومين وأبهج المستمعين وأسر الناظرين.
درس غزاوي تعليمه العام في مدارس مكة وأنهاها بتميز وأكمل دراسته الجامعية حيث حصل على درجة البكالوريوس في القراءات عام 1409هـ من جامعة أم القرى ثم الماجستير في ذات التخصص ومن نفس الجامعة، ونال درجة الدكتوراه عام 1423هـ. في رسالة بعنوان منهج ابن عطية في عرض القراءات وأثر ذلك في تفسيره.
تتلمذ على يد عدد من جهابذة «العلم» الشرعي في مراحل مختلفة من حياته.. عمل في إمامة عدد من مساجد مكة المكرمة منذ عام 1414هـ، وأشرف على عدد من الأنشطة الثقافية بكلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى لمدة سنتين، وله عدة مشاركات دعوية في الداخل والخارج وألقى محاضرات ودروس علمية وبرامج دينية في إذاعة القرآن الكريم وتقلد مدير مندوبية الدعوة والإرشاد بالرصيفة منذ عام 1414هـ، وترأس لجنة الأئمة والمساجد بالمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد عام 1424هـ،
تدرج غزاوي في العمل الجامعي حتى شغل منصب عميد كلية الشريعة وأصول الدين بالجامعة وفي عام 1428 صدر أمر بتعيينه إماماً وخطيباً في المسجد الحرام.
يقود غزاوي «الغر» المحجلين ويؤم الراكعين الساجدين قارئاً للذكر ومقرئاً للتذكير صادحاً بالصوت «الشجي والصدى الندي»..
اتخذ غزاوي سبيله في «العلم» سبباً فأٌقام في «رحاب» الخشوع واستقام في «محراب» الهجوع ساكباً «عبرات» الابتهال سابكاً «اعتبارات» الجمال في لذة ناطقة تنبع من أعماق «الاستمتاع» وتعانق آفاق الاستماع.
فيصل غزاوي.. الإمام الوجيه والخطيب المفوه والأكاديمي المثالي.. وجه «الضياء» الشرعي وأنموذج «الأداء» النوعي.