إبراهيم بن سعد الماجد
العلاقات الإنسانية في أغلبها قائمة على المصالح، فمن مُقل ومن مستكثر، ولا تجد مجتمعًا ملائكياً يبني علاقاته على تقدير لذات الإنسان، وكثيرًا ما يصدم الناس، خاصة أصحاب المناصب، بانفضاض من حولهم لحظة ترجلهم عن كرسي المسؤولية!
يقول أحد الوزراء، كان هاتفي لا يهدأ يوم كنت وزيرًا، عند أي مناسبة، وكنت أعتقد أنني أملك رصيدًا من الأصدقاء بالمئات، لكن بعد تقاعدي أصاب هاتفي شبه سكتة دماغية، فلم يبق لي من الأصدقاء إلا ما يُعد على أصابع اليدين!
هذه حقيقة المجتمعات المادية، فلا مناص من الاعتراف بأن الكثير يربط علاقته معك لمصلحة سواء كانت مادية أو معنوية، وقليل منهم يربط علاقته معك لذاتك، محبةً ومودةً وتقديرًا.
في مراحل حياة الإنسان محطات مختلفة، ينتقل من مرحلة إلى أخرى، إما برصيد يتنامى أو يتناقص، كل حسب ما يبنيه من علاقات إنسانية هي الرصيد الحقيقي له في حياته.
وإذا كان الإمام الشافعي يقول:
جزى الله الشدائد كل خير
وإن كانت تغصصني بريقي
وما شكري لها حمدًا ولكن
عرفت بها عدوي من صديقي
فإنني أقول: جزى الله الأفراح كل خير، فقد جمعت الأحبة من كل أرجاء الوطن، في مناسبة فرحنا بزواج ابننا - عبدالملك - محبة خالصة لا يشوبها أي شائبة، وإنما هو التقدير والمحبة المتبادلة التي أزعم إنني بنيتها، دون أي مطامع في جاه أو مال، وإنما تقدير لهؤلاء الرجال الذين يحمل قلبي لهم من المحبة الصادقة والمودة النقية، التي لا يشوبها أي شائبة بحمد الله.
أصحاب معالي، وعلماء، وأدباء، ورجال أعمال، ورجال إعلام، من أنحاء متفرِّقة من الوطن، هذا الوطن الذي نفخر بأنه وطن الجسد الواحد.
في فرحنا، كان الفرح مزدوجًا، بهذه المناسبة الشرعية الإنسانية، وبهذا التقدير الكبير، من كل الأقرباء والأصدقاء، الذين غمروني بجميل تقديرهم، وجميل عباراتهم، وكذلك لهؤلاء الأحبة الذين لم تصلهم الدعوة، ومع ذلك انهالت عليّ تهانيهم، بل قصائدهم، وعبارات المحبة والتقدير غير المستغرب منهم، فالنبلاء يأتون بمشاعرهم طواعية، لا ينتظرون من يستدعيها.
الشعور بمحبة الناس لك، لا شك أنه شعور جميل، بل إنه طاغٍ يمنحك المزيد من النشوة، تلك النشوة التي تجعلك تشعر بالفخر بأنك تملك كل هذا الرصيد الإنساني، هذا الرصيد الذي يحمّلك مسؤولية المحافظة عليه وتنميته، وهذه مسؤولية كبيرة بكل تأكيد.