عوض مانع القحطاني - «الجزيرة»:
حظي المسجد الحرام بشكل عام والكعبة المشرفة بشكل خاص باهتمام كبير ودائم من القيادة الرشيدة التي أولتها جل العناية ورعتها حق رعايتها؛ وكيف لا تحظى بتلك الرعاية ؛ غير المستغربة؛ وإليها تهفو قلوب المسلمين في العالم كونها أول بيت وضع في الأرض كما ورد في القران الكريم (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)، ومنذ ذلك اليوم أضحت محط الأنظار وقبلة المسلمين.
والعلاقة بين الكعبة المشرفة ببنائها ومحيطها الجغرافي بالمسجد الحرام كانت ولا تزال وستظل وثيقة وأزلية؛ كون الكعبة هي محور الارتكاز والتجاور الأزلي، وهو الذي أدى لزيادة مساحات المسجد الحرام لإتاحة الفرصة للقاصدين لأداء شعائرهم في خشوع وطمأنينة.
ومن هذا المنطلق وضعت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الكعبة المشرفة في صلب وعمق اهتمامها؛ وخُصِّصت وكالة الخدمات والشؤون الميدانية وتحقيق الوقاية البيئية لمتابعة كل صغيرة وكبيرة لها؛ كونها الذراع التنفيذي التي تقوم بأعمال تطهير سطح الكعبة المشرفة من خلال أعمال دورية تقوم بها وفق جدول زمني، وتستخدم فيها أحدث التقنيات الحديثة للتنظيف والتطهير من أجل المحافظة على جودة وسلامة السطح والرخام، وإزالة العوالق الترابية، والحفاظ على نظافة ورونق الكعبة المشرفة بشكل خاص، فيما تركز وكالة الشؤون الفنية والتشغيلية على صيانة وإدارة المرافق للصيانة الدورية لرخام سطح الكعبة المشرفة؛ عبر فريق مستقل.
«الجزيرة» رصدت تفاصيل عمليات تنظيف سطح الكعبة المشرفة وآلية صيانة رخام سطح الكعبة، للتأكد من سلامتها فضلا عن التعرف على نوعية الأدوات التي يتم شد ستار الكعبة بها، للمحافظة على جودتها.
وتجسيدا للاهتمام بكل ما يتعلق بالكعبة المشرفة؛ يقف الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، شخصيا على هذه الأعمال ويشرف على التطهير والتنظيف وتطييب الكعبة والحجر الأسود، إلى جانب رفع الجزء السفلي من كسوة الكعبة الذي يُرفع كل عام إيذانًا بدخول شهر الحج بمقدار ثلاثة أمتار تقريبًا، وتغطية الجزء المرفوع بإزار من القماش القطني الأبيض بعرض مترين من الجهات الأربع.
وأكد الشيخ عبد الرحمن السديس أن ما يلقاه الحرمان الشريفان وبشكل خاص الكعبة المشرفة من العناية والاهتمام البالغَين من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين غير مستغرب وهو امتداد لاهتمام للحكومة منذ
تأسيسها على يد المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -طيب الله ثراه - بالحرمين الشريفين وقاصديهما، وبالكعبة المشرفة خاصة، وبذل كل ما من شأنه التيسير على ضيوف الرحمن؛ ليؤدوا عبادتهم ونُسكهم بكل يسر وطمأنينة.
وتُعْنى وكالة الخدمات والشؤون الميدانية وتحقيق الوقاية البيئية بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بأعمال تطهير سطح الكعبة المشرفة عبر فريق وطني فني مختص، من خلال أعمال دورية تقوم بها الرئاسة وفق جدول زمني وتستخدم فيها أحدث التقنيات للتنظيف.
ولتسليط الضوء على عمليات التنظيف وآلياتها؛ أفاد وكيل الرئيس العام للخدمات والشؤون الميدانية وتحقيق الوقاية البيئية محمد بن مصلح الجابري في تصريحات للجزيرة بأن آلية التنظيف تتم من خلال عدة مراحل؛ أولها كنس سطح الكعبة المشرفة، وإزالة الأتربة وفضلات الطيور.. وتابع قائلا « يتم عقب ذلك مسح السطح كاملاً وحامل الكسوة، والجدار الحائط، وباب سطح الكعبة من الخارج بالأقمشة المبللة، بعد ذلك تستخدم الآليات والتقنيات الحديثة التي وفرتها الرئاسة العامة وهي آليات تقوم بالتغسيل والتشطيف والشفط، ثم يرش السطح بالماء مرة أخرى ويمسح وبعدها مرحلة التجفيف.
وجميع الأجهزة والتقنيات الحديثة المستخدمة هي من أجل المحافظة على جودة وسلامة الرخام، وإزالة العوالق الترابية، والحفاظ على نظافة ورونق الكعبة المشرفة بشكل خاص.. ويتم إنجاز تنظيف سطح الكعبة خلال مدة زمنية لا تتجاوز (20) دقيقة، تحت إشراف فريق عمل ميداني متخصص ومتكامل يُنفذ أعمال الصيانة والتأكد من تنفيذها، وفق أسس فنية هندسية، لتحقيق أعلى معايير الجودة والإتقان.
أما فيما يتعلق بأعمال الصيانة الوقائية الدورية لرخام سطح الكعبة المشرفة؛ فإن هناك فريقاً مستقلاً متعهداً بهذه المهمة وهو تابع للإدارة العامة للتشغيل والصيانة بالمسجد الحرام التي تهدف للتأكد من سلامة الرخام الموضوع بسطح الكعبة المشرفة، والمعروف باسم «التاسوس» البالغ مساحته (80) مترا مربعا وهو نادر الوجود، ويتم استيراده خصيصاً للحرمين الشريفين، ومن مميزاته عكس الضوء والحرارة إلى جانب فحص القطع الرخامية للتأكد من عدم وجود تشققات وأضرار سطحية، إلى جانب عمل ترويب لملء الفراغات بين الرخام وفق معايير وضعتها الرئاسة، بالتعاون مع الاستشاري لتنفيذ أعمال الصيانة باستخدام أفضل المواد الفنية.
وأفاد مدير الإدارة العامة للتشغيل والصيانة بالمسجد الحرام المهندس عامر بن عوض اللقماني في تصريحات للجزيرة بأن أعمال الصيانة الوقائية لسطح الكعبة المشرفة تتم عن طريق كفاءات هندسية سعودية مؤهلة ومدربة على تنفيذ مهام التنفيذ والإشراف على كافة عمليات الصيانة التي تقوم بها الإدارة العامة للتشغيل والصيانة بالمسجد الحرام، كما أن كافة أعمال الصيانة الوقائية والتصحيحية تتم وفق جدولة بشكل أسبوعي وشهري وسنوي بالمسجد الحرام.
ولاستكمال قصة نجاح تنظيف وتطهير سطح الكعبة كان لابد للجزيرة من تسليط الضوء على ما تقوم به الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي من أعمال تطهير المسجد الحرام وسطحه وساحاته ومرافقه وتهيئته للزوار والمصلين لاستكمال الصورة الكلية، حيث يتم غسله عشر مراتٍ يوميا ويقوم بذلك أكثر من (4000) عامل وعاملة وذلك لضمان أداء سير العمل، حيث إن العناية بتطهير المسجد الحرام وجميع محتوياته هي قصة أخرى تستحق التأمل، فالأرضيات لها طريقة خاصة في التطهير، كما أن لتلك الرائحة المميزة التي يستنشقها قاصدو المسجد الحرام لها رونق تم إعداده بعد التدقيق بأدق التفاصيل في ملف التطهير بالمسجد الحرام، والذي تقوده إدارة تطهير سجاد المسجد الحرام.
ويتم تطهير كل موقع على حدة باستخدام المسَّاحات الجلدية والفرش والفوط ومعدات الغسيل وبعض الآليات لإزالة الأوساخ من على الأرضيات، والمداخل المؤدية إلى ساحات المسجد الحرام، مع غسل الجسور والعبارات الموجودة في الساحات، كما يتم غسل أطراف الحوائط والأعمدة والزوايا، وتنظيف مجاري تصريف المياه في كل موقع.
وتتضمن أعمال تطهير المسجد الحرام عامة الساحات الخارجية ودوراته، باستخدام معدات غسيل مخصصة لعملية التنظيف في الساحات ومعدات مخصصة للمسجد من الداخل، وإخراج المخلفات إلى خارج المسجد الحرام بواسطة السيارات الكهربائية، وتُنقل إلى المواقع المخصصة إلى أطراف الساحات لنقلها عن طريق ضواغط لنقل المخلفات خارج المسجد الحرام.
ويقول مدير إدارة تطهير سجاد المسجد الحرام جابر بن أحمد الودعاني في تصريحات للجزيرة إن عملية التنظيف تبدأ باتجاه المعدات إلى الموقع، ويقوم بذلك مجموعة من العمالة مستخدمين المساحات الجلدية وسكب الماء، يعقب ذلك تجفيف الأرضية وتتجمع المعدات التي يبلغ عددها 500 معدة وآلة يتم تخصيصها لتطهير المكان المخصص له. وهناك طريقة أخرى للتطهير عبر استخدام المساحات الجلدية بطريقة فنية وسريعة لا تسبب في إعاقة زوار المسجد الحرام، وإن تطهير كامل الساحات الخارجية يستغرق قرابة 45 دقيقة، ويشمل التنظيف ساحات المسجد الحرام ودوراته، ويُقدر عدد دورات المياه الموزعة حول الساحات المحيطة بالمسجد الحرام بأكثر من 3500 دورة مياه يتم تطهيرها على مدار الساعة.
أما أرضيات ساحات المسجد الحرام فيتم تطهيرها باستخدام مواد خاصة بالمسجد الحرام،حيث تقوم العمالة برش معطرات بروائح زكية ذات الجودة العالية جلبت خصيصا للمسجد الحرام، ويتم الاستعانة بمعدات خاصة في عملية التطهير كي تتناسب مع الأعمال المطلوبة بها.
قصة تطهير وتنظيف وصيانة رخام الكعبة المشرفة؛ تعتبر قصة نجاح للأجيال؛ كونها تتم لأطهر بقعة على الأرض بأيدي شباب سعودي مؤهل خدمة للقاصدين ويبتغون الأجر والمثوبة من الله.