بادئ ذي بدء أتفق معك بأن ما حدث كان صدمة بكل ما تعنيه الكلمة، هذا الحدث لم يكن متوقعاً لك لأنه في أسوأ الأحوال لم يخطر ببالك بأن ذلك سيحدث ويتغير عليك وتفقده في حياتك، ولكن لو أخذنا المسألة بعين المتبصر في لحظة العزلة وهدوء العقل المتأمل والمتزن، نجد أن الأمر كان عادياً لأنه قدر من الله ليبعدك عما هو أعظم ويبدلك بما هو خير وبرغم الجرح في قلبك وألم الصدمة الشديد لأنك تمر في حالة ذهول،صحيح أنك ستأخذ وقتاً طويلاً لكي تستوعب ما قد حدث ولأجل أن تنتقل من هذه المرحلة المؤلمة إلى مرحلة أخرى وتكون فيها الأقوى إذا احتسبت ذلك لله، وستكون كأنك تستخرج رصاصة أصبت بها من كتفك الذي ينزف ستتألم لدرجة أنك تصرخ وربما ترتفع حرارتك أو تفقد وعيك لفترة، ثم بعد العملية تمر بفترة نقاهة وتبدأ بالتعافي تدريجياً، بعدها بفترة طويلة ستشعر بأنك قد تجاوزت الألم إلى مرحلة جديدة ودخلت في حياة جديدة بحلم وطموحات جديدة، وهذا مثال عندما تتعرض للغدر من حبيب أو صديق أو قريب وتتفاجأ منه بخذلان وصدمة لم تكن تتوقعها منه وأنت تكن لهذا الشخص المحبة والمودة والاحترام، فأنت في حديثك مع نفسك تستغرب وتتساءل وتقول كيف ولماذا وتقول أنا أعرفه لم يكن كذلك، وأنا لم يصدر مني أي إساءة إليه لا بقول ولا بفعل ولا حتى بالنوايا السيئة تجاهه، فتظل تفكر لمدة طويلة في عزلتك وتقول ربما هذا الشخص قد تعرض لصدمات في محيطه، ولأجل ذلك تغير أو أنه قد سمح لآخرين من حوله بأن يدقوا اسفيناً بينه وبينك، أو أن هناك أشخاصاً قد استطاعوا حذف بوصلته عن الطريق السوي، واحتمال آخر هو أنك لم تعرف أن هذا الشخص الذي صدمت فيه لأنه كان يلبس القناع معك، ولكنك صدمت فيه لأنه قد مل من التمثيل عليك وخلع القناع وعاد لطبيعته القبيحة التي لم تكن تعرفها، وعلى كل حال إذا خرج شخص من حياتك برغبته فاتركه ولا تفرض نفسك عليه وابتعد عنه ولا تحرص على التواصل معه ولا تطلب حتى منه اعتذاراً، وأنت أيها المصدوم ستستفيد بمن دخل حياتك سواء كان سيئاً أو جميلاً فهذا سيثري من شخصيتك ويجعلك أنضج وأقوى، وتعرف أنك الأرقى عند الرب وفي المعيار الإنساني أنت الأنبل والأفضل في التعامل وسيجعلك في العلاقات الإنسانية المقبلة تختار من يدخلون حياتك بعناية وتكون حذراً بعدم التعلق أو ترفع سقف التوقعات في أحد، وستفلتر الأشخاص بعد اختبار الشدائد التي تحدث في حياتك عند السقوط في الحياة، وأنت سترىمن يتخلى عنك ومن سيكون قريباً منك، ويسأل عنك ويمد يده لك لكي تنهض ويطبطب على كتفك ويقول لك: «لا تقلق أنا معك ولن أتخلى عنك» فهذا الأحق بصحبتك في حياتك ولن يتغير عليك فعض عليه بالنواجذ.