نجلاء العتيبي
«الحياة عبارة عن توازن بين ما تستحوذ وما تترك». «جلال الدين الرومي» 80 دقيقة لا أكثر كانت كافية لجعلي أقف مع نفسي أتفكر في كل سلعة قمت أو لم أقم بشرائها فيلم وثائقي لـ مات دافيلا عن ترشيد الاستهلاك والاكتفاء بالحاجيات الأساسية التي نستخدمها في حياتنا اليومية.
قدَّم لنا المخرج تجارب بشرية على كوكبنا أوناس اختاروا أسلوب حياة بسيط يعتمد على عدم إنفاق نقودهم في شراء منتجات بالإمكان الاستغناء عنها، دعونا نتحدث مع أنفسنا بشفافية ننظر إلى كل ما حولنا.
في السنوات القليلة الماضية زاد شره الشراء لسلع، أدوات، وخدمات ثانوية بسبب أساليب الدعاية والإعلان المبتكرة على برامج التواصل الاجتماعي.
انتشر داء لا دواء له.. مرض ينخر في تركيبة المجتمعات، يبعد الإنسان عن نفسه وعن التفكير في احتياجه الحقيقي، يفقده فرحته بالعيش بأشيائه البسيطة الاعتيادية، يصنع منه شخص استهلاكي مختلف عمَّا كان عليه سابق، قوة اجتذاب مرعبة لشراء سلع وهمية بداع ودون داع دعايات عجيبة ترويجًا لما لا نحتاجها بضاعة تضرنا بتكدسها وعدم استخدامها تستنزف طاقة الأرض.
وجودها الحديث خلق طلباً وسوقاً لها وأصبحت دارجة خصوصًا في أواسط المولعين بالتقليد والتكرار.
مظاهر ترف مبالغ فيها، جرفت القادرين وغير القادرين إلى عمق حفرتها، أملاً في إشباع إناء الذات الراغبة بركوب موجة لا تصنيف لها، وكأنه لزامًا عليهم تعذيب أنفسهم بتحميلها ما لا تطيق من ديون والتزامات وأعباء.
لو نظرنا إلى هذه السلع جيدًا لوجدنا أنها لا تمثّل لنا شيئًا، لا تسعدنا، لا تصل بنا إلى القمر، وليس من الضروريات امتلاكها، بل إن الاستهلاك الغير مجدي هلاك سعار لا شفاء منه ضغط على إمكانات الأسرة المادية يجعل الحياة متكلفة صعبة، وفي كل يوم يظهر في الأسواق منتج جديد يكبر معه نهم شراء ما لا نحتاج، لهاث وانقطاع أنفاس دائرة لا خروج منها إلا بالإفلاس النفسي والمادي، لذة تملك الأشياء المادية مؤقتة تنتهي بانتهاء وجودها ثقافة الاستهلاك الجديدة جعلت الإنسان المعاصر دائم البحث عن التميز باقتناء الأغلى لمواكبة عصره وسد ما يشعر به من فراغ.
علينا أن نتذكر أن جنون الشراء يفسد الطبيعة يصيبها بالاختلال، يثقل القلوب والأجساد التوازن هو ما يعيد كل شيء إلى أصله الفطري.
لا بُخل ولا إسراف فلنبحث عن الاستدامة بموارد الأرض بدلاً من تبديد ثرواتها.
«ضوء»
الاعتدال والاتزان في الأشياء.. أبو الفضائل
شيشرون