خالد محمد الدوس
اهتم عددٌ كبيرٌ من المفكرين والباحثين في الشرق والغرب بالدعوة إلى إثراء علم الاجتماع وميادينه، واستخدام مناهجه العلمية في دراسة المجتمع البشري وظواهره، واكتشاف قوانين النظام الاجتماعي الذي يحافظ على استقرار المجتمع وضبط توازنه. وقد أسهم كثير من المفكرين والمنظرين والعلماء في إثراء هذا الميدان العلمي الخصيب، وإشباع اتجاهاته السوسيولوجية. ومن أهم المنظرين والباحثين في علم الاجتماع العربي عالم الاجتماع السكاني (أ. د. علي عبدالرزاق جلبي) الأستاذ بقسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية.
ولد البروفيسور علي جلبي بحي البحيرة بجمهورية مصر العربية عام 1941م وبعد الانتهاء من رحلة التعليم العام التحق بالدراسة الجامعية في قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية بجامعة الإسكندرية فنال درجة الليسانس في الآداب عام 1963، ثم دبلوم التخصص في العلوم الجنائية عام 1964، ثم درجة الماجستير في الآداب قسم الاجتماع من الجامعة ذاتها عام 1970 ثم توّج مسيرته العلمية بحصوله على درجة الدكتواره في علم الاجتماع من جامعة الإسكندرية عام 1973م.
عمل الخبير الاجتماعي د. علي مساعد باحث بالمركز الوطني للبحوث الاجتماعية والجنائية عام 1963 إلى 1973 ثم خبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ثم انتقل للعمل في المجال الأكاديمي في قسم الاجتماع بجامعة الإسكندرية عام 1975 ليتوج مسيرته التعليمية والأكاديمية بترقيته أستاذ عام 1985م.
وفي مجال العمل العملي ترأس قسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية من عام 1987 إلى 1990م، ثم عميداً للمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بوزارة التعليم العالي ورئيس قسم الاجتماع بجامعة قطر عام 1388-1992-، ومستشار المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية - القاهرة.
وفي اتجاه العضوية العملية والعلمية.. فقد شارك كعضو مجلس كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، كما رشح مقرراً اللجنة الدائمة لترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين تخصص علم الاجتماع - المجلس الأعلى للجامعات (2004 -2005)، عضوية اللجنة الاجتماعية في المجلس الأعلى للثقافة، عضوية اللجنة الدائمة للترقيات الدورة (13) (2019-2022) كما رشح مقرر لجنة اختار مرشح لجائزة الدولة التشجيعية تخصص علم الاجتماع - المجلس الأعلى للثقافة، عضوية لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والإنثروبولوجيا - المجلس الأعلى للثقافة عام 2019 وعضوية مجلس إدارة مجلة كلية الآداب جامعة الإسكندرية 2020.
كما تم إعارته للعمل في العديد من الجامعات العربية حيث تم إعارته للعمل بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، (1978-1980) ثم العمل بجامعة بيروت العربية بلبنان (1983-1984)، ثم العمل بجامعة الملك عبد العزيز بجدة (1984-1987) ثم العمل بجامعة قطر ( 1993-1997)، وأستاذ زائر بجامعة الجزائر (1992) وأستاذ زائر بجامعة الإمارات (1993)، كما حضر د. علي العديد من المؤثرات والندوات العلمية وورش العمل في العديد من الدول الغربية والعربية في المجالات الاجتماعية والديموغرافية والتحضر والأسرة والثقافية وقضايا الشباب والمرأة والطفولة والتغير الاجتماعي والقضايا البيئية وغيرها من القضايا المجتمعية.
كما ساهم في تأليف العديد من الكتب التي ازدانت بها مكتبة علم الاجتماع العربي وتراثها الأصيل، ومنها كتاب علم اجتماع السكان عام 1984 وكتاب علم اجتماع الصناعة عام 1984 وكتاب علم اجتماع التنظيم عام 1988، كتاب الطب النفسي الاجتماعي بين النظرية والتطبيق عام 1989 كتاب قضايا علم الاجتماع المعاصر عام 1994 وكتاب مقدمة في علم الاجتماع عام 1999 وكتاب المشكلات الاجتماعية (العنف والجريمة المنظمة) دراسات معاصرة 2003 كتاب الإبداع والنقد الاجتماعي دراسات معاصرة 2003م كتاب الاتجاهات الأساسية في نظرية في علم الاجتماع عام 2005 وكتاب استراتيجيات دراسة المستقبل عام 2007م وكتاب تصميم البحث الاجتماعي: الأسس والإستراتيجيات 2005 وكتاب علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية رؤية جديدة 2013 وغيرها من الكتاب التي تدل على غزارة العلم الرصين الذي يتكئ على المخزون المعرفي والعمق الثقافي للمؤلف بفكره المتخصص وأفقه الواسع، كما كانت للعالم الاجتماعي الديموغرافي المعروف د. علي جلبي مقالات وبحوث علمية منشورة في العديد من القضايا الاجتماعية والسكانية والثقافية والبيئة والتنموية والكوارث والأزمات، كما شارك في التأليف مع خبراء ومنظرين في علم الاجتماع وميادينه الحيوية كعلم الاجتماع الطبي 1988 وتاريخ التفكير الاجتماعي 1991، والإحصاء الاجتماعي 1992، والمدخل لعلم الاجتماع المعاصر 1994، نظرية علم الاجتماع 2002، علم اجتماع المجتمعات الجديدة 2002، مناهج البحث الاجتماعي 1990، العولمة في عالم متغير 2009، العولمة والحياة اليومية2010م، القاموس العصري في العلم الاجتماعي 2009م، المشكلات الاجتماعية 1998م.
ومن إسهاماته العلمية الثرية قام بترجمة العديد من الكتب مثل كتاب علم اجتماع العولمة تأليف ساكياساسن، وكتاب التنوع والمجتمع تأليف فيبلن ألبرسون، وكتاب العولمة والتكنولوجيا تأليف راجنش نارولا، كما كان له نشاطات أكاديمية في مشروعات بحثية واستشارية وأمام هذه الإسهامات العلمية والمنجزات البحثية التي قدمها هذا العالم طيلة مسيرته العلمية والأكاديمية التي امتدت لأكثر من أربعة عقود ونصف من العطاء المتدفق، والإثراء المعرفي نال الأب الروحي لعلم الاجتماع السكاني العربي العديد من الجوائز وشهادات التقدير حيث نال جائزة جامعة الإسكندرية للتشجيع العلمي 1982 وجائزة جامعة الإسكندرية للتميز العلمي في العلوم الإنسانية 2004، ويبقى عالم الاجتماع السكاني (أ. د. علي جلبي) أحد رواد علم الاجتماع العربي الذين تركوا سيرة علمية وبحثية رصينة تستحق أن تدّرس، وتروى للباحثين والمتخصصين في الدراسات الديموغرافية والاجتماعية.