«الجزيرة الثقافية» - جابر محمد مدخلي:
إنّ المتابع لمسيرة الخطاب الليبرالي سيجد كما لو أنه ومناوئيه وأتباعه قد بذلوا لأجله منذ نشوئه وتمظهره على عدد كبير من الساحات العالمية والعربية والإسلامية بذلًا كبيرًا لإعلاء صوته والتشويش على ما سواه.. ولمّا كان للخطابات المتجادلة معه والمخاصمة له من سلطات تأثيرية كالمنابر والكاسيتات والمنشورات والملصقات وغيرها انفرد هو بالجانب الإعلامي من المرئي والمسموع والمقروء بين مقالات ومشاهد وبرامج وسلسلة من اللقاءات «والمانشيتات» الصحفية الرامزة للخصوم تارة والمجابهة العلنية تارات أخرى.. ولعل المحلل لهذه المسيرة سيجد كما لو أنه ومن خلال هذه النوافذ قد استطاع أن يجد له آذانًا صاغيةً في كثير من هذه البلدان. ولا ندري حتى اليوم على ما نصدفه من دراسات وتحليلات وما نقرأه من مؤلفات حول هذا الخطاب هل ستجعلنا نجزم بحق أن ثمة ليبرالية قد وجدت لنفسها موقعًا في الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص أم لا؟ وهل كانت لها معاركها الصدامية لأجل إثبات وجوديتها -فعلًا- أم لا؟ وهل أثّرت في المجتمعات الخليجية وخلقت داخلهم تأزيمات وإفرازات وصراعات لم تكن ظاهرة من قبلهم أم لا؟ وهل استأثروا بالخطاب المجتمعي وساقوه بموجبه لصفهم أم لا؟ وإن كان تيارًا خليجيًا خفيًا كان أم ظاهرًا فهل خطابه مؤدلج -حقًا- أم مجرد خطاب حركي لمنح أتباعه الصيت والصوت والسمعة التحررية ليس إلا؟
ولعلنا سنجد وإياكم قراء «الثقافية» الأعزاء إجابات كثيرة منها المفتوح الذهني المتروك للقارئ، وبعضها قد أجابت عنه مؤلفات كثيرة، وأخرى قد نذهب وإياكم إلى قراءتها في الخلاصات المقبلة التي قد توصلنا إليها من خلال قراءات باحثة وفاحصة في الخطاب الليبرالي وتاريخه حيث يحيلنا مؤلف كتاب «الليبرالية في السعودية والخليج دراسة وصفية نقدية» للأستاذ وليد بن صالح الرميزان، إلى تحليل الليبرالية تاريخًا ونشأةً حيث يقول: «نشأت الليبرالية بعدما سيطرت الكنيسة خلال عصور الظلام في أوروبا على مجريات الحياة العامة فلم يكن للفرد دور فاعل أثناء تلك الفترة فقد احتكرت الكنيسة جميع مجالات التفكير وحرمت كل تفكير يخالف تقاليد البابوية، كما كانت قوى النظام الإقطاعي المتحالفة مع الكنيسة تقدم الاضطهاد ضد أي فكر تراه الكنيسة مخالفاً لها، وكانت محاكم التفتيش الجهاز التقليدي لهذا التحالف، وقد أفرز ذلك الاضطهاد الديني والسياسي حركات فكرية مناهضة حاضنة لبدايات الأفكار الليبرالية التي كانت تعكس آمال الطبقات المتوسطة الصاعدة التي تتضارب مصالحها مع السلطة الملكية المطلقة والارستقراطية من ملاك الأراضي، وكانت الأفكار الليبرالية أفكارًا جذرية تسعى إلى الإصلاح الجذري في بعض الأوقات إلى التغيير الثوري فالثورة الإنجليزية في القرن السابع عشر والثورات الأمريكية والفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر كانت تحمل مقومات ليبرالية رغم أن المصطلح لم يستخدم حينذاك بالمفهوم السياسي. وقد عارض الليبراليون السلطة المطلقة للحكم الذي قام على مبدأ «الحق الإلهي المملوك» ونادى الليبراليون بالحكم الدستوري ثم لاحقًا بالحكومة التمثيلية أو البرلمانية. وانتقد الليبراليون الامتيازات السياسية...»..
ويضيف الرميزان أيضًا: «تعدّ الحرية القيمة العُليا المشتركة في الفكر الليبرالي، الذي يزعم أنه لا يمكن للفرد أن يمارس حقه في الاختيار ويحقق مصالحه ومنفعته ويتمكن من تنمية قدراته ما لم يتم تحقيق الحرية، باعتبارها حقا طبيعيا ملازما للوجود الإنساني فكل فرد يتطلع إلى غايات ومصالح تختلف عن تلك التي يتبعها الآخرون».
واليوم وبعد مضيّ سنوات على صدور كتابه يعود الرميزان ليكتب للثقافية خارج إطار كتابه حول هذا الملف خصيصًا واضعًا نقاطًا مهمة افتتحها بقوله:
«- يمكنني من وجهة نظري في البدء تحديد ظهور التيار الليبرالي في الخليج بوضوح خلال حقبة ما بعد تحرير الكويت، أي بعد تأزم العلاقة بين تيارات الصحوة الإسلامية وحكومات المنطقة، بسبب معارضة التيار الإسلامي لوجود القوات الأجنبية في الجزيرة خلال حرب الخليج الثانية والفترة التالية لها، فاستغل التيار الليبرالي الأزمة بين الإسلاميين والحكومات، بالإضافة لتواجد القوات الدولية في منطقة الخليج وما صاحبه من اهتمام إعلامي بالمنطقة لتعزيز نفوذه مستقويًا بالنفوذ المتنامي للولايات المتحدة، وقد أسهمت الثورة المعلوماتية وسائل الاتصال الحديثة كالإنترنت والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي في عملية الاستقطاب الفكري للخطاب الليبرالي بالإضافة إلى تزايد البعثات التعليمية للخارج.
- تعد الليبرالية الخليجية باعتبارها خطابا حضاريا امتدادا للأفكار والمشاريع النهضوية المستوردة من حضارات اخرى، فالنظرية الليبرالية جاهزة وناجزة ومطبقة في الغرب وقد حققت تقدما هناك, ومن ثم فإن قيمها هي الكفيلة بتحقيق التقدم والنهوض في الواقع الخليجي، وذلك اتخاذ الفكرة والتجربة الغربيين نموذجا واجب الاقتداء. بحيث يتم من خلاله إسقاط التجربة الغربية على الواقع الخليجي. وهذا ما جعله يستبطن الزمن الغربي الذي أنتج الفكر الليبرالي فهو بداية يعيد تجربة أوروبا في صراعها مع الكنيسة، فجعل من قضية الثقافة السائدة ومنها الدين قضية أولية وأساسية في النهضة.
- يعتقد الخطاب الليبرالي الخليجي أن الفكر الذي يطرحه ويدافع عنه أمر يرتقي إلى مستوى المسلمات والحقائق الناجزة, وهذا يفسر نفى ورفض كل ما يعتقد أنه لا يتوافق مع مرجعيته الفكرية برغم ادعائه التأسيس على قيمة قبول الآخر, إلا أن نتائج الخطاب وآلياته الكامنة فيه تقصي الآخر؛ مما يجعل الخطاب متناقضا بين الليبرالية في مصدرها التنظيري والنتاج الفكري والواقع الفعلي للخطاب الليبرالي الخليجي.
- على الرغم من إصرار الليبراليين على وصف الواقع الخليجي بالمتخلف، فمن البديهي أن يكون لدى الخطاب نفسه رؤية شاملة لانتشال ذلك الواقع من تخلفه. إلا أن الليبراليين يركزون على جانب واحد فقط، وهو الجانب الثقافي بحيث يصبح محورا يرتكز عليه خطابه ويصبح الواقع بكل تعقيداته يدور حول تلك القضية، ثم يصور النهوض أنه مرتبط بتلك القضية، مع أنه قد لا يكون له أولوية في ذلك الواقع، لهذا أصبح الخطاب الليبرالي الخليجي أسيرا لمسلماته على المستوى الفكري وغير قادر على استيعاب واقعه من خلاله.
- الخطاب الليبرالي الخليجي عندما يفهم الواقع الخليجي يقدم صورة جزئية عن الواقع بالتركيز على أبعاد معينة تخدم مشروعه, دون تقديم نظرة تحليلية كلية للواقع المعقد والمتداخل وفي المقابل يعد الغرب بأكمله متقدما ومدنيا, دون تفكيك لما عند الغرب من حضارة وتجربة تاريخية».
ولم يتوقف الرميزان لا في كتابه ولا في هذا المقال الذي بعثه للثقافية عن وضع خطوط طويلة وعريضة أمام الخطاب الليبرالي ملخصًا فيها مرئياته ومختتمًا حديثه قائلًا:
«- إن الخطاب الليبرالي الخليجي انطلق من مفاهيم ومقاييس المنظور الليبرالي الغربي وتجربته الذي أنتجته بيئة مغايرة من حيث الزمان والمكان والمرجعية، جعلت منه طرحا يحمل رؤية مسبقة معزولة عن طبيعة الواقع وحاجاته، متجاهلا الخصائص والظروف والإمكانات للواقع الخليجي، ومن ثم فهو لا يعبر عن واقع دول الخليج العربي فقط بل يعبق التجدد الداخلي والاستقلال الثقافي ويشوه النسق الحضاري ومنظومة القيم السائدة.
- وهذا الطرح جعل من ليبرالية الخليج نسقًا معرفيًا مغلقًا غير قادر على الانفلات من التجربة التاريخية الغربية من جهة، ومن ثقافة العولمة التي يعدها حتمية من جهة أخرى, كما جعلته غير قادر علي التطوير أو التجديد أو إثارة قضايا جديدة أو تقديم حلول متجددة لإشكالات قائمة في الواقع الخليجي لارتباطه بمصدر تلك القيم».
ومن هنا يمكننا أن نترك الحُكم الفيصل للقارئ والمتابع الكريم بعدما سنتركه مع مرئيات ضيوف الثقافية الذين يناقشون معنا هذا الخطاب بإشكالياته ومؤثراته وحتى لا نتحيز أو ننصاع لخطاب دون آخر نؤكد أننا ناقشنا في ملف سابق «الخطاب المتشدد المتحور وإشكالياته على الثقافة الإبداعية» ونترككم اليوم مع قراءات وآراء المهتمين بالخطاب «الليبرالي» وفيهم الأستاذ الدكتور وائل أحمد خليل الكردي أستاذ الفلسفة والنقد بكلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، والأكاديمية العربية في الدنمارك والذي كتب للثقافية تحت عنوان: معضلة استخدام «الليبرالية» قائلًا: «يمكن ملاحظة أن معضلة أي مفهوم تكمن في نزعه من سياق معرفي معين وتحويله إلى (مصطلح) ذي دلالة ثابتة محددة، وأن معضلة أي مصطلح تكمن في كيفية وطريقة استخدامه على المستوى السيميائي semiotics. و(الليبرالية) - liberation بالفرنسية - هي كلمة تحضرت في سياق ظروف اجتماعية وفكرية وتاريخية معينة في أوروبا من أجل التعبير عن الحرية أو بالأحرى (التحرر) من نوع معين من أنواع القيود كان سائدا هناك إبان عصر النهضة لا سيما في فرنسا. ولكن حينما أخذنا هذا المفهوم بمسماه لنتداوله في ثقافاتنا العربية تعاملنا معه كمصطلح أي كيان قائم بذاته له قواعده المستقلة التي يمكن تجريدها وتنزيلها على أي واقع ثم جعلنا له مؤيدين وجعلنا له معارضين لتصبح الليبرالية بذلك تيارا من ضمن تيارات، بل ربما أصبحت ايديولوجيا.. وهكذا خلقنا من هذا المفهوم مشكلة زائفة pseudo problem لأن الليبرالية ليست في الأصل مصطلحا دالا على كيان مستقل، وإنما هي بالأحرى (حالة) ربما تتغلغل في كل تيار ومذهب ويطلب فيها الإنسان التحرر ضمنا أو علنا من شيء ما يقيده هو وقد لا يقيد غيره. فلم ينتبه الكثيرون ربما من دعاة الليبرالية في الثقافات العربية إلى مستويات الدلالة المتعددة في مفهوم التحرر، فهناك مستوى يطلب التحرر من قيد الاحتلال والاستعمار الأجنبي، ومستوى آخر يطلبه من قيد الأديان وتكاليفها. وآخر يطلبه من قيد السجون والمعتقلات والطغيان السياسي، وغيره يطلبه لفك أي قيد كان عن الإنسان الفرد لتصير الحياة إلى فوضى وجودية وعدمية.. وهكذا كل يراه بحسب ظرفه المجتمعي والتاريخي والسياسي. لذا كان يكفي أن يتحدث المثقف العربي عن الحرية والتحرر من قيده المعين دون الدخول في تأسيس مصطلح فضفاض الدلالة من حيث هو غيرمصطلح أصلا، خاصة وأن معنى وقيمة الحرية والتحرر تكمن حقيقة ليس في فك القيد عموما وبالكلية وإنما بالأحرى في اختيار نوع القيد المناسب لوضع الحرية بمعناها الواسع فيه، على اعتبار أن الأصل السائد عند الإنسان أنه حر بإطلاق..»..
وأكمل الدكتور كردي مختتمًا حديثه بسؤالٍ موجه قائلًا: «ولكن السؤال إنما يكون عن مدى وحدود هذه الحرية فإن لم يضعها في قناة تجري عبرها نحو غايات قاصدة صارت كماء سكب على الأرض المسطحة بشكل عبثي، الأمر الذي تضيع معه هوية الإنسان وشخصيته وما هو به قائم لخير الحياة والنفع للناس، وعلى هذا أيضا تكون المجتمعات.. وهكذا يجب علينا أن ننتبه ألا نصنع المشكلات الزائفة باستخداماتنا اللغوية والاصطلاحية التي نضمنها في خطاباتنا للجماهير، فبحسبان أن (الخطاب) هو رسالة من مرسل يراد بها ليس منح المعلومة للمتلقي فقط وإنما أيضا وبالضرورة تحقيق تأثير حي وفاعل لدى هذا المتلقي، فإنه كثيرا ما تستخدم المصطلحات في الخطاب كوسائل دعائية ولو كانت زائفة، ومن ذلك بعض الاستخدامات في خطاب (الليبرالية)».
وأما الأستاذ سعيد عبدالله الغامدي الخبير في المجالات الأمنية والحروب الناعمة فقد وجه حديثه حول الخطاب الليبرالي إلى قراءة الأحداث التي عدّها إشارة زمنية للحكم المقبول بتحليل كل ما حدث فيها أو قبلها أو وبعدها: حيث يقول: «بحكم متابعتي الجيدة للخطاب الليبرالي منذ زمن طويل أجد البعض منهم يملكون الاحترافية في ركوب الموجات الزمنية. فبعد ركوبهم لموجة التطرف الديني من حرق محلات الفيديو وتكسير «الدشوش» اعتنقوا الليبرالية كمنهج جديد
ثم ركبوا موجة الثورات العربية دعماً وتشجيعاً. وبعد فشل الثورات اتجهوا نحو رؤيتنا السعودية العظيمة 2030 ليتحدثوا عنها حتى يشعروا الجميع بأنها مخصصة لهم ولرغباتهم وكل من يختلف معهم يتهمونه أنه ضد هذه الرؤية الخالصة والمخلصة للأجيال والوطن. وأغلب أطروحاتهم مثيرة للرأي العام ومستفزة ويصنفون المجتمع بعدة تصنيفات لم نكن نسمعها سابقًا وتحولوا إلى مناكفين من أجل الانتقام لحقبة مضت متناسين النزاهة وحرية الرأي والاختلاف!».
وتابع الغامدي حديثه للثقافية بمقارنته بين تيارات متشابهة في الأساليب قائلًا على حدّ وصفه: «أسلوبهم يشبه الإخوان في الطرح.. فمثلاً: الإخوان يؤلبون الشعوب على الحكومات والليبرالية يؤلبون الحكومات على الشعوب بتوزيع التهم على المختلفين معهم.. واختتم الغامدي حديثه لـ«الثقافية» بقوله: «إنهم يريدون تحررا تاما ضاربين بالقواعد والحدود الشرعية عرض الحائط، بل ترى البعض منهم يتضايق من أي مظهر من مظاهر الإيمان!. لديهم سيطرة إعلامية استغلوها في خلق الصراعات الداخلية وتفكيك اللحمة الوطنية واستفادوا منها في التأثير الفكري الذي يستهدفون به الأجيال الشابة والمراهقة.! .
وبين ما سبق من الآراء والأقوال وإعادة قراءة الواقع والحياة ومتغيراتها، وبين ما كتبه الإعلامي والكاتب الأستاذ محمد منصور الحازمي معتمدًا كما قال للثقافية على كتابات متكررة كتبها حول هذا الخطاب، وقراءات عايشها، ومواقف لمسها عيانًا، حيث قال في مطلع حديثه: «الليبرالية تعني حرية الجميع في التعبير عن رأيه الذي يتمسك به ولا يقبل بالإملاءات عليه، وإلى المساواة وتكافؤ الفرص، هذا في قوانينها ودساتير دولها لكن المطبق منه ضئيل جدًا، فمن يصلون لمناصب قيادية وسيادية هم من أباطرة المال أو المدعومين من كبرى الشركات وامبراطوريات الإعلام ولكل دعم ثمن...
في المقابل القضاء لدى تلك الدول يكبح جنوح أي مسؤول بقوة القانون، وكذلك يفتح المجال لمن يتضرر من الخطاب الليبرالي أو الديني أن يتقدم للقضاء بالاستناد على الدستور.
بينما مجتمعنا العربي كما يقال: «لدينا من يدعون الليبرالية وهم ليسوا ليبراليين». نجدهم ينشرون بما يتناسب مع إرهاصات أي كاتب أو مفكر لا هم لديه سوى مهاجمة معارضيه فيما هو لا يفقه ما اللبرالية التي تقوم بمجملها على أساس كفالة حرية من يختلفون معهم وعدم إقصائهم سواء كانوا من المسلمين المتشددين ومنهم دون فهم عميق لأصول التعامل في الإسلام،والقبول بالآخر والتعايش، وكثير ممن يطلق عليهم أو هم يدعون أنهم لبراليون لا يتوفرون على قدر كافٍ من قاعدة «لا يعني حريتك أن تسخر من حرية الآخرين فيما يعتقدون». ولا تعني أن تستخف وتشنع على من يخالفك بالرأي.
أغلبية مجتمعنا العربي حتى وإن بدا على بعضهم من مظهرهم أو مجال عملهم أو لديهم ممارسات ليست وفقًا لتعاليم الإسلام الرئيسة.. بل من مرتكبي معاصٍ وسلوكيات لا تصل إلى حد تجريده من دينه، تجدهم حين يساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدافع كل فرد منهم من موقعه ويتأذى وأولئك من غالبية العرب حتى المقصرين منهم في فرائضهم الأساسية، فيما للأسف نجد الصمت المريب أمام من يتهجمون على الإسلام والقرآن الكريم ورسول الله ولو بمقال أو منشور في أي مواقع ينكر ما يسيء للإسلام، المؤكد أن الغالبية من جوقة الليبرالية يلتزمون الصمت». ويكمل الحازمي حديثه مستشهدًا بكل ما حوله من قراءات، وكتيبات، ومقالات، وإذاعة.. قائلًا: «كذلك مما سمعت من غير الليبراليين والعبرة بالنوايا لا بالقول؛ في حديث له بإحدى الإذاعات أن مجاراة المسيئين للإسلام وخروج المظاهرات وإثارة الشغب، يجعل منهم أناسًا مشهورين فيما هم ببلدانهم نكرات، مشيرًا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد الأذى والإفك ومحاربته من قومه، ومن فئة المنافقين وصبر عليهم، مع أن الإسلام لا يتأثر بمثل تلك الافتراءات وهدفه من ذلك ألا نعطي الفرصة لأعداء الإسلام أن ندخل السرور إلى قلوبهم بأنهم نجحوا في إغاظة المسلمين وأنهم حققوا بغيتهم بالشهرة، مع علمهم أن ما دعاهم لذلك هو انتشار الإسلام ودخول الملايين فيه دون إكراه أو إجبار.
الفكر الديني المتشدد لا يزال أوسع بمقاييس محددة ليس منها العنف، والإشكالية أن فئة عريضة من الشباب حتى غير الملتزمين مظهريًا يناهضون بشدة القفز عن ثوابت تأصلت عبر عقود من الزمن.
ومن الصعوبة بمكان تطويعهم بين عشية أو ضحاها، وأذكر منذ أسبوع بالتحديد، كتبت منشورًا أتساءل فيه هل من ضرورة للتلاسن والاصطفاف لهجمة منهجية على «تهنئة المسلم بعيد الميلاد وما يدور في المواقع»، هل من دليل من كتاب الله أو سنة رسول الله حكم يحرم تهنئتهم، أما من يقيم احتفالًا من المسلمين بعيد الميلاد فذلك لم نسمع به أو نشاهده، عدا على مستوى ضئيل من أنظمة بعض الدول...
ومن ضمن الردود، وصم المنشور ومن يتوافق معه بالليبرالي والعلماني، ومحاربة الإسلام، ولم يأت أحدٌ بدليل واحد من كتاب الله أو سنة رسوله يحرم التهنئة». وفي ختام حديث الحازمي للثقافية يشرّح فصائل الليبراليين ويصف سلوكهم الخفي حسب قوله: «أما من يطلق عليهم ليبراليون بدول الخليج، هدفهم الاستفزاز والتشفي أن أغاظوا مخالفيهم، وفي الأساس من الليبراليين ممن ينادون بديمقراطية وتعددية ينبع من تبني الفكر الأحادي، وبعيد جدًا عن نهج الأنظمة أو الأحزاب اللبرالية أو العلمانية التي تعترف بالآخر وتمنحه حقوقًا متساوية ما دام لا يدعو لعنف أو يشارك فيه أو يموله، فيما لبراليو الخليج ومنهم سعوديون يناهضون وبشدة أي فكر أو أسلوب حياة يتناقض معم يدَّعون أنهم ينتسبون إليه، فلو تأملنا دولًا أوروبية انتشرت فيها المظاهر الإسلامية وعمرت فيها مساجد ومراكز إسلامية، بعد أن تخلصوا من كهنوت الكنيسة وسطوتها.
من جانب آخر أورد مثالًا نشر بإحدى الصحف منذ عقود، أن مقيمة مسلمة محجبة في بريطانيا اجتازت شروط الحصول على رخصة قيادة سيارة بيد أن قانون المرور منع منحها رخصة القيادة بحجة رفضها أن توضع لها صورة في رخصة القيادة؛رفعت دعوى لإحدى المحاكم البريطانية، فحكمت ببطلان القرار لمخالفته للقانون العام «الدستور» الذي يكفل حرية الاعتقاد واللبس واحترام خصوصية أتباع الأديان، وأن يُكتفى بأخذ بصمة الإبهام مكان الصورة، وتسلمت الرخصة من المرور الذي نفذ حكم المحكمة المستند على القانون والدستور.
أما من يدعون أنهم لبراليون بمجتمعنا العربي والخليجي لو حصل ذلك في دولة عربية لمكثوا أشهرًا يهرفون بما لا يعرفون ويعدون ذلك تخلفًا، فيما في بريطانيا مر الخبر مرور الكرام ولم يشنع أحد على إصرار المرأة على موقفها، أو ينتقد حكم القضاء، لأنهم يحترمون أحكام القضاء واستطرادًا احترامهم لدستور بلدهم وقوانينه.
لذلك حريٌ عدم الاكتراث بما يقولون سوى أنهم يمقتون مخالفيهم ومنتقديهم فأنى لهم أن يكونوا دعاة لحرية الرأي والاعتقاد».
قد يبدو لنا من خلال قراءات متعمقة أن بعض الخطابات متصلة ببعضها في كثير من الثقافات عدا أن لكل زمان ومكان تأثيراتهما الكبيرة وعلّنا نبلغ من خلال هذا الفحص الباحث عن المؤثرات ما نود بلوغه من توضيحات ولعل ما كتبه الأستاذ محمد علي المحمود وهو أحد المهتمين بتتبع مسيرة خطاب الليبرالية يعدّ مهمًا وتحليلًا من وجهة نظره التي قال فيها: «من ناحية وجود الليبرالية، فلا بد من تحديد أمرين في هذا السياق: الأول، هل المقصود بالليبرالية هنا ليبرالية مكتملة الأركان والشروط والإمكانيات ومستوى التأثير، وهذه غير موجودة أصلا في الواقع، حتى في الغرب الليبرالي، أي هي غير موجودة إلا كنموذج نظري معياري، يُستخدم في الجدل والتساؤل والتّحاكم، فالليبرالية بطبيعتها نِسبية، وهي في تحقّقاتها الواقعية أشد نسبية؛ بعد دخولها في الشرط الثقافي والاجتماعي والسياسي للمجتمع الذي تحاول التموضع فيه. والأمر الثاني متعلق بمعنى الوجود هنا، أي هل المقصود وجود طرح نظري/ ثقافي أم المقصود وجود أحزاب ليبرالية أم مجرد حراك اجتماعي ذي طابع ليبرالي؟.
بناء على تحديد هذين الأمرين، نستطيع أن نقول بوجود أو عدم وجود ليبرالية في دول الخليج. ولكن، وعلى أي حال، وبشكل أوليّ، يُوجد تَوجّه ليبرالي بمستويات مختلفة، كما يوجد ليبراليون بمستويات مختلفة أيضا».
ويعزي المحمود المعارك الصدامية حول هذا الخطاب ومنه إلى أنها طبيعية وحتمية قائلًا «أما عن وجود معارك صدامية، فهذا موجود بطبيعة الحال، على الرغم من اختلاف ظروفها في كل بلد، بل في كل ظرف زمني. وفي تقديري أن الليبرالية في السنوات العشرين أو الخمس والعشرين الماضية كانت هي الحاملة لعبء مواجهة التيارات الظلامية المتطرفة على مستوى المواجهات الفكرية، كما هي أيضا الحاملة لعبء تقديم المشاريع التقدمية ذات الطابع الانفتاحي، أو حتى الدفاع عن هذه المشاريع في حال وجودها ضدّ مُنَاوئيها من المتطرفين والمتخلفين».
وحول تأثير الليبرالية على جميع المجتمعات بوجه عام والخليجي والسعودي بوجه خاص فقد أضاف: «من ناحية تأثيرها في المجتمعات الخليجية فهي أثّرت قطعا، ولكن الخلاف على مستوى هذا التأثير. لقد كانت صمّام أمانٍ ضد قُوَى التطرف والتخلف والانغلاق. لكن، وبصراحة، فهي تبدو ضعيفة ومحاصرة ومحدودة؛ إذا ما قارنتها بالتأثير القوي الذي يمتلكه التيار الديني التقليدي (الصحوي)، فالتأثير لهذا التيار تأثير كاسح، والسبب معروف، وهو أن هذا التيار - بعكس التيار الليبرالي - يشتغل على تقاليد ورموز وأعراف ومقولات منغرسة في وجدان شعوب هذه المنطقة، إنه يتحدث بأشياء يعرفونها ويألفونها، بل يقدسونها حتى قبل أن يطرحها عليهم الداعية - الصحوي، إنه فقط يستثير ذاكرتهم، ويضرب على أوتار معزوفاتهم ويؤكد لهم أمجادهم الوهمية في التاريخ، بينما التيار الليبرالي يبدو غريبا في مقولاته، كما هو غريب في مصدره، إنه بالنسبة لهم ثقافة الآخر، وربما الآخر العدو في نظرهم، ومقولاته ليست مألوفة لهم، ومستهدفاته لا تعنيهم في الغالب، بل ربما كانت «الحرية الفردية» التي هي جوهر الرؤية الليبرالية محل استرابة وشك من قبلهم، وترتبط في أذهانهم التقليدية بالتحلل والانحلال!»
وتابع المحمود حديثه عائدًا إلى الآثار والمؤثرات التي صاحبت الليبرالية وتركتها على الواقع مشيرًا إلى أنه أمر طبيعي بقوله: «من الطبيعي أن تخلق الليبرالية في حال تمدّدها صراعات وربما تأزّمات، فهي كأي حراك يحاول التغيير، لا بد أن يصطدم بقناعات كثيرين، بل بمصالح كثيرين مستفيدين من الوضع التقليدي السائد. وبما أن الليبرالية تنطلق في التغيير لا من الواقع فحسب، بل من الفكر، ومن الفكر أولا، فهي لا بد أن تبدأ بمساءلة القناعات السائدة الراسخة، وبعض هذه القناعات أو أكثرها مرتبطة بمقدسات متوهمة أو حقيقية، وهنا، ينتفض الوعي التقليدي للدفاع عن نفسه من خلال الدفاع عن مقدساته وأعرافه ومألوفاته التي اطمأن لها بفعل الاعتياد، ويرفض أن يعرضها على محك النقد العقلاني/ الموضوعي. وكل هذا من فعل وردّ فعل، أي من محاولة تغيير ومن محاولة التصدي للتغيير، يخلق أجواء صراع وصدام. وهو في تقديري صراع طبيعي، بل ضروري؛ لأي عملية تغيير».
وحول استئثارهم بالخطاب وساحته فقد أنكر هذه السمة عن أتباع هذا الخطاب قائلًا: «أما من ناحية كونهم استأثروا بالخطاب المجتمعي، فهذا ليس صحيحا، فلا تزال الهيمنة/ الاستئثار للتيار الديني التقليدي الذي يتماهى مع ما رضعته هذه الشعوب في طفولتها الممتدة لقرون. صحيح أن ثمة اتساعا ورواجا للرؤى الليبرالية، وأن الجيل الجديد لديه ازورار واضح عن الرؤى الدينية التقليدية، إلا أن هذا يجري على مستوى الخيارات الواعية، بين البنية العميقة اللاّ واعية منحازة إلى المورث العتيق».
واختتم المحمود حديثه للثقافية عن المتغيرات التي تلحق بكل توجه فكري يؤثر ويتأثر بالظروف المحيطة به حيث قال حول هذا الجزء: «أي خطاب يتغير التغيير، هو بالضرورة خطاب مؤدلج، ولو بدرجة ما. وأما منح أصحابه الصيتَ والشهرة، فهذا أمر يصعب فصله عن ديناميكية الحراك لأي تيار يشتغل على التغيير المجتمعي. يعني أي حراك من هذا النوع، سيُفرِز بالضرورة رموزه، أي يمنحهم صيتا. ومسألة: هل هم يريدون كسب صيت واحتلال مكانة رمزية أم هم يريدون التغيير عن قناعة؟ هذه مسألة تدخل في باب النوايا التي يصعب الجزم بها».
وفي جزء آخر من هذا التحقيق كتب الأستاذ إبراهيم آل زيد عن الليبرالية في السعودية وقد وصفها على حد قوله بحالة وليست منهجًا يقول: «الحالة الليبرالية في السعودية لا ترتقي لكونها حركة ليبرالية بل هي امتداد لحركات التنوير الثقافي التي ابتدأت منذ سيطرة الخطاب «الإسلاموي» على المشهد في محاولة منها لمواجهة فرص التراث على المشهد العصري. هي محاولة لعصرنة المجتمع وتطبيع العصرانية في الثقافة العامة خصوصاً حين حاولت الحركات «الإسلاموية» فرض الهياكل التراثية على الواقع والعصر. وانخدع بعضهم أو صدّق هذا الوصف أو على الأقل تقبله لمجرد وصف هذه الحالة تحت مسمى معين بينما تم استخدامه من قبل «الإسلاموية» لشيطنة التنوير ودعاته خصوصاً وأن الليبرالية في بعض تطبيقاتها تطرفت تجاه القيم الدينية والأخلاقية السائدة في أوروبا في نشأتها كرد فعل طبيعي على الكهنوت ولذلك تم استخدامها من مصادر عدّة تارة لوصف الحالة وتارة لشيطنتها». وأكمل آل زيد مختتمًا حديثه للثقافية بذكره للتأثيرات التي أحدثتها الليبرالية في المشهدين السعودي والخليجي، يقول: «أما تأثيرها في السعودية والخليج عموماً فقد كان سريعاً لسبب وحيد وهو فشل كل الخطابات «الإسلاموية» في مجاراة الانفجارات العلمية والمعلوماتية وفشلها أيضاً في تكييف الغزو الثقافي والمعلوماتي والفكري الذي نشأ وتشكّل بفعل أدوات العولمة الرقمية والثقافية. وعليه فإن تسميتها بالحالة الليبرالية لا يعدو كونه اصطلاحاً تقريبياً لحراك التنوير الذي وقفت ضده «الإسلاموية» مع أنه في بعض جوانبه ليبرالية حقيقية ولكن ليست جوانب سائدة تستحق التسمية..».
وأمام هذا الكم المهم والكبير من الرؤى والاستقراءات التي سعت «الثقافية» لرصدها حول مؤثرات هذا الخطاب عدنا لكتاب «حسبته لُجّة» للباحثة والكاتبة الدكتورة أمل أحمد الحازمي الذي دار بمجمله حول المدار الليبرالي في السعودية فاحصة الأثر والتأثير والمؤثر لذلك رأت «الثقافية» من الواجب جلب رؤاها وإنارة مسار هذا التحقيق ممن عملوا في تحليله وفحصه وجاء نتاجهم محل اهتمام وتقدير الجهات الثقافية وقد سعت الحازمي في كتابها «حسبته لُجّة» إلى تناول هذا الخطاب بشكل متسع فذهبت لتحليله تحليلَا واقعيًا طارحة في مشاركتها بهذا الملف سؤالًا مهمًا هو: «لماذا الليبرالية؟» وراحت تقدم فرضياتها وإجاباتها لتكون ختامًا لما نحن في صدد تحليله وتقصيّه. تقول «إنّ المراقب لما تمر به المجتمعات الخليجية عمومًا والمجتمع السعودي على وجه الخصوص؛ ربما يكون قد لمح أن هناك ثلاث فئات يمكن أن نضع فيها أفراد المجتمع من حيث رؤيتهم لليبرالية كمفهوم ومعتقد وتمثل أو مبدأ.
- الفئة الأولى والترتيب هنا لا يعني التميز وإنما من قبيل الفرز، أو التصنيف: وهي التي تفهم الليبرالية وتعي معنى الليبرالية وأهدافها، وهي تدافع عنها وتتبناها من هذا المنطلق الواعي المدرك لتبعاتها وعواقبها ورغم ذلك تقف موقف المطالب والمدافع عنها مظهرة الجانب الذي ترغب به منها، وهو لميزتين يراهما فيها؛ الديمقراطية والحرية، وهذه الفئة تدخل ضمنها «الليبرو إسلاميين» الذين يظنون أنه بمقدورهم أن يطوعوها حسب أهوائهم واتجاهاتهم ورغباتهم وأن يكتفوا منها بما يردون ومنها في حين أن في الدين الإسلامي ما يغني عن تلك الفلسفة الموضوعة. والعجيب أن هؤلاء أنفسهم من يقمعون حرية الآخر والمقصود بالآخر هنا هو الشخص المتمسك بمبادئ الدين الوسطي وهويته الوطنية وتقاليده وعاداته الحميدة، وإن كان هناك تحفظ على جزء العادات والتقاليد الحميدة لاختلاف وجهات النظر حيال الحميد والسيئ منها، ولكن بمقياس الليبراليين إذا كانت هذه العادة لن تمسك مباشرة بضر فلماذا تهاجمها! يكفي أن تنئ بنفسك عنها.
- الفئة الثانية: وهي التي تتبنى مبادئ الليبرالية دونما علم منها؛ وهي التي تظن أنها محايدة لا تنتمي لا إلى «ليبرالي» ولا إلى «صحوي» بينما هي بقولها «دع الخلق للخالق» وتتمثل بالمبدأ الأساسي الذي نشأت عليه الليبرالية والذي صار هو الأصل فيها المبدأ القائل «دعها تعبر دعها تمر».
- الفئة الثالثة: وهي التي لا تعي من الليبرالية سوى حريتها وهذه الفئة جُل همها أن تعيش كما تشاء دونما رادع لا أخلاقي ولا ديني وأكثر ما نراها في فئة الشباب المتأثر بتداعيات العولمة».
وبعدما قسّمت الحازمي وفق تحليلها المجتمع السعودي على فئات ثلاث حسب منظورهم ومعرفتهم بالليبرالية اختتمت حديثها بخلاصة تجيب فيها على سؤالها الذي عنونت به مشاركتها قائلةً: «وهذا يعود بنا للسؤال لماذا الليبرالية، إذا كان الحرية أو الديمقراطية فقد كفلها لنا الدين الإسلامي يكفي أن نسير على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة لنحيا حياة صحية سليمة للعقل والجسد والروح.
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (الأحقاف: 13). «قٌل ربي الله ثم استقم».
وعند حدود هذه الآراء نصل بخاتمة تحقيقنا ونؤكد أن جميع الآراء الواردة هنا هي ملك خاص ووجهات نظر وآراء تعبر عن أصحابها وقراءاتهم وهمّهم الذي دعاهم للدفع به لتنوير هذا الملف والأخذ بيديه لبلوغ قراء الثقافية المهتمين والشغوفين دومًا لكل قراءة متجددة، ولكل ما له نواتج إبداعية وثقافية خالية من الصراعات والأزمات المختلقة، وتؤكد «الثقافية» على حرصها باحترام جميع الآراء لذا تُرحب بكل ما يصلها من تعقيبات، أو مرئيات حيال هذا الجزء، وخلافه متقدمة بالشكر الجزيل للأكاديميين، والباحثين والكُتّاب على ما أثروا به هذه المادة...
** **
للتعقيب عبر البريد الإلكتروني: j.madkhali2009@gmail.com