عطية محمد عطية عقيلان
من الأمثال الشهيرة المتداولة «لسانك حصانك.. إن صنته صانك وإن هنته هانك «وهي تحفيز لمسك اللسان عن الثرثرة وانتقاد الآخرين والتشهير بهم وتوجيه الاتهام وذمهم وذكر عيوبهم ونشر أسرارهم، لذا القانون يحاسب على ما نقوله من معلومات فيها بهتان وظلم وزور في حق الآخرين، ويعتبر «طول اللسان» من الصفات المذمومة في الشخص، وتجعل الآخرين يتجنبونه والتعامل معه، وكما يقول الفيلسوف جورج هربرت « اللسان البذيء يتكلم جميع اللغات»، ويقول الحكماء « للسيف حدان وللسان مئة حد»، لذا نجتهد طيلة حياتنا لتهذيب ألسنتنا وبالقول اللين والكلام الحسن والمدح وذكر المحاسن، وأجمل الأشخاص في حياتنا من كان لسانه عذبا، وجميل الوصف، وهين السؤال، يقول لقمان الحكيم» لا شيء أطيب من اللسان إذا طاب، ولا أخبث منه إذا خبث» وأيضاً يقال « الكلام اللين.. يغلب الحق البين». ولم يعد لسانك فقط هو ما تؤاخذ عليه، فمع التطور التكنلوجي بوجود مختلفت منصات التواصل الاجتماعي تشعب لساننا وطال، ولم يعد فقط ما نقوله من كلام، بل أصبح لساننا لا حدود لوصوله إلى الناس مع ضغطة زر بأصابعنا، فمع كل تغريدة أو رسالة واتس اب أو إعجاب أو نشر مقولة أو فيديو، صارت تعبرعن لسان حالنا وما ينطقه لساننا، وتدخلك في المساءلة القانونية والعقاب والتجريم والتغريم في كثير من الأحيان، ولن يعفينا جهلنا أو عدم نيتنا ذلك، وقد نقع في كثير من المخالفات ونرتكبها بطريقة مباشرة أو غبر مباشرة بإعادة تداول ما يصلنا، ونعتبرها من الفكاهة والتسلية، ولا نتوقع أننا خالفنا الأنظمة، فعلى سبيل المثال هذه بعض المخالفات التي تجعلنا تحت المساءلة منها:
- تداول أو التغريد بتوجيه اتهام لدولة أو شخص أو جماعة أو إعادة نشر أو إعجاب.
- ازدراء شخص أو جماعة ونشر ما يثير السخرية أو الضحك منهم.
- الانتقاص أو التجاوز في حق الآخرين أو كيانات معينة.
- السخرية والتهكم والاستهزاء من شخص أو مهن أو كيانات.
- نشر الإشاعات أو الأكاذيب أو الافتراءات أو التهم، ولن يعفينا انتشارها من المسؤولية القانونية.
- تأليب الرأي العام على مخالفة الأنظمة والقوانين والعادات والقيم.
- الحث على مناهضة أعمال منافية لقانون الدولة التي نقيم فيها أو التحريض على أخذ موقف أو تبني رأي مخالف لقوانين البلد الذي نقيم فيه، سواء كنا سياحا أو في عمل.
- ترويج البضائع والمنتجات المغشوشة عبر حساباتك الإلكترونية.
لذا شهدت السنوات الماضية تطورا في القوانين الخاصة بالجرائم الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة، وأصبحت هذه القوانين تنظم وتحاسب على ما يتم تداوله ونشره من الناس، ويحاسب كل فرد بما يقوم به في حساباته المختلفة، ولا يعفيه الجهل أو عدم القصد أوسوء الفهم أو قدم ما قاله من المحاسبة، وتحمل المسؤولية، بل إن كثيراً من السفارات تطلب حساباتك لمعرفة توجهك وتأثيرها في منحك فيزا من عدمه، ورأينا كيف يتم تغريم مشاهير التواصل الأجتماعي نتيجة اقترافهم مخالفات وغشا لمتابعيهم، وتتراوح الغرامات بين مالية وإيقاف وقت معين لحساباتهم، بل قد تشمل العقوبات السجن، كما حدث مع 3 مشاهير في روسيا، حيث قاموا بتصوير مواقف ومزاح وهم يعملون مقالب في الناس مثل التظاهر بسرقة سيارة سائق «أوبر» لجذب المتابعين وإضحاكهم، ليتم الحكم عليهم بالسجن لأكثر من 3 سنوات، وأيضاً هناك مئات الأمثلة التي طبقت عليها العقوبات لمخالفتهم القوانين الإلكترونية المنظمة للنشر والتغريد، وجلهم كانوا يبررون ويدافعون عن أنفسهم، بعدم علمهم بالمخالفة أو عدم قصدهم الأذية أو أن ما قاموا من باب المزاح والترفيه، وكما نحرص على صون ألسنتنا من الزلات المعيبة والتي نحاسب عليها، أو أضعف الإيمان تؤثر في مكانتنا وتقدير الناس لنا، لنعمل على صون أصابعنا من التغريد وإعادة النشر ومخالفة القوانين والقيم وتوزيع التهم سواء بقصد أو دون قصد، ولنعتبر أن كل ما نقوم به في مختلف منصات التواصل الاجتماعي هي بمثابة ما نقوله تحتاج منا أن نفكر ونتدبر ونحسن استخدامها قدر المستطاع حتى نسلم في ديننا وأخلاقنا وحياتنا ولا نكون عرضة للعقاب أو الهجوم ونقع تحت طائلة قانون «الجرائم الإلكترونية».