د.شامان حامد
لا يمكن التنبؤ بما سيكون عليه الجيل المستقبلي من شبابنا في مجتمع الغد، ممن تغيرت عوالمهم وستتغير، ويزيد من مخاوفنا بمعرفة آثار ذلك جراء الجائحة وعزلتها لهم لعدم التحاق الأطفال بالمدرسة أثناء الوباء، «فالوباء قلب حياة الشباب رأساً على عقب»، وفق مديرة الصحة النفسانية في NHS كلير مردوخ، والأطفال هم الأكثر تضرراً، من ذلك ولإهمال حكوماتهم في كل أنحاء العالم لهم، ولا سبيل لتفادي وقوع كارثة جيلية إلا بمفتاح أوحد وهو التعليم، فوفقاً لمنظمة غير حكومية، لم يتمكن أكثر من 168 مليون طفل من الذهاب إلى المدرسة، في حين أن طفلاً من بين كل ثلاثة أطفال في العالم ليس بإمكانه متابعة الدروس الافتراضية، حيث عانى 142 مليون طفل إضافي حرماناً مادياً عندما تضرر الاقتصاد العالمي جراء الوباء، ولم يعد 370 مليون طفل يحصلون على وجبات في المدرسة، وقد لا يحصل 80 مليون طفل على اللقاحات الروتينية لأمراض أخرى بسبب الضغط الذي تواجهه أنظمة الرعاية الصحية.
وفي تقرير البنك الدولي للخبيرين «أندرميت» الهندي نائب رئيس البنك الدولي في مجال النمو العادل والشئون المالية والمؤسسات، والخبير «خايمى سافيدرا»، من بيرو مدير عام قطاع الممارسات العالمية للتعليم بمجموعة البنك الدولي، وجود تهديد محتمل لما أسماه (الرخاء العالمي) لعقود قادمة لكثير من الاستنتاجات المُقلقة بسبب استمرار إغلاق المدارس والجامعات، منذ عُمر الجائحة بيننا للآن، وقد تستمر بالرغم من إنفاق الحكومات في هذا العام نحو خمسة تريليونات دولار على التعليم من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر، فإن العالم سيخسر ضعف أو ثلاثة أضعاف هذا المبلغ مستقبلاً، لذا سيكون العبء الأكبر على الأطفال والشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 4 و25 عاماً في عامي 2020 و2021، ليفتح أبواب التفاوت بين الأجيال، لتدنى مستوى التحصيل العلمي، وبالتالي ارتفاع معدل فقر التعلم إلى ما يقرب من 70 %، بعدما كانت النسبة قبل الجائحة لا تتعدى 55 %، مؤثراً على كل جهود التنمية والتعافي الاقتصادي الكلى على المديين المتوسط والبعيد.
ومثل هذا التفاوت في التحصيل العلمي وفى الفرص المحتملة للعمل بعد التخرج، من شأنه أن يزيد من الاضطرابات المجتمعية ويعطل بشكل عام جهود النمو الاقتصادي، وستكون النتائج أكثر خطورة بالنسبة للدول النامية، حيث سترتفع معدلات الفقر وعدم المساواة على مدى جيل كامل؛ ليظل الاعتماد على التعليم عن بُعد أقل تأثيراً من التعلم الحضوري وصلتهُ بالوضع الاجتماعي الكلى ويزيد من التفاوت ويُعمق ذلك بين الدول والمجتمعات، لزيادة «الارتفاع الحاد» للعنف الأسري خلال فترات الإغلاق، والذي غالباً ما يكون الأطفال ضحاياه. فكانت فلسطين بالمرتبة 104 لاهتمامها بالرعاية الصحية رغم الظروف الصعبة، وجاء تصنيف المملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا سيئاً بسبب نقص الحماية لبعض الأطفال. كما تراجعت النمسا والمجر في الترتيب بسبب التمييز.
حقيقي أن مستقبل مليار طفل في جميع أنحاء العالم بات على المحك. وفي حال عدم عودة أطفالنا إلى المدارس، فإن جائحة كورونا ستؤدي إلى انتكاسة هائلة لهذا الجيل، فهناك واحد من أربعة أنظمة تعليمية تقريبًا ما زال مُغلقا، وعاد 1.5 مليار طفل إلى فصولهم، لكن ما زال هناك 300 مليون طفل لم يعودا لحياتهم التعليمية بعد.