رمضان جريدي العنزي
البخيل أناني، يحب ذاته ويقدسها، يعشق المال ويحبه حباً جماً، لا يحب وجوه البر، وطرق الإحسان، ويوصد الباب أمام المعوزين والمحتاجين وأصحاب الفاقة، لا يحب إغاثة أحد، ويمقت مساعدة الآخرين، ولا يصغي لنداء الفقراء واليتامى والمساكين والأرامل، للبخيل نزعة تفردية مقيتة، تنقله بعيداً عن ميادين النبل والشهامة والبذل والعطاء، مانع وشحيح وممسك، يكنز المال ويجمعه ويحسب نفسه مخلداً دائماً في الدنيا، وبأنه لا يفنى ولا يزولز إن للبخيل صفات مذمومة وقبيحة، كونه ممسكاً لا يعطي ولا يمنح، والبخيل الممسك ضد الجواد الكريم، قال تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}، وقال تعالى: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إيَّاكم والظلم، فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ، فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم)، وكان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال). إن البخل ينقص قدر الإنسان وهيبته ووقاره، ولا يزيد في رزقه، والبخيل صديق الشيطان، وعدو الرحمن، يقول الإمام الشافعي:
ولا ترج السماحة من بخيل
فما في النار للظمآن ماء
وقال الشاعر النبطي سليمان الشراري:
لا بارك الله في حلال البخيلين
لا صار مابه للضعيفين عيشه
ما يدري أن الموت حوله وله حين
لو صك باب غرفته والدريشه
قبله ما خلا من الرجال القديمين
أهل القصور وساكنين العريشه
وقال شاعر نبطي آخر:
البخل بصمة عار في وجه راعيه
والجود يبقى صاحبه رافع الراس
مات البخيل وضاع مالٍ تعب فيه
ومات الكريم وعاش ذكره مع الناس
وقال آخر:
البخيل إليا نصيته تعرف انه بخيل
بينٍ من قومته كن رجله راقده
والكريم ان جيتله كنك مسوي جميل
كنك اللي مقبلٍ له بشيٍ فاقده
أن البخيل يحسب الإنفاق تلفاً، والإمساك شرفً، كالبؤساء يعيش طوال حياته دون أن يتذوَّق طعم الحياة ومتاعها، منبوذاً من المجتمع، ومسخوطاً عليه، ومتندراً على سيرته اللا عطرة. اللهم قنا شح أنفسنا، وأعذنا من البخل، وأبعدنا عن البخلاء.