هذه عبارة ومقولة مشهورة واشتهرت بلفظ آخر وهو «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، خطرت هذه الكلمة في نفسي في ظل ما يعيشه العالم من تداعيات (كورونا فايروس) وكذلك وأنا أقرأ في جريدة الجزيرة عدد الثلاثاء 22 جمادى الآخرة 1443هـ كلمة أو توضيحاً لمساعد وزير الصحة المتحدث الرسمي للوزارة د. محمد عبد العالي: أن العالم لا يزال يشهد تسجيلاً ورصداً للحالات اليومية لفايروس كورونا كما أن هناك تسابقاً وتصاعداً لتقديم اللقاحات، وقال: إن المنحنى الوبائي في المملكة يشهد تذبذباً ويستبشر خيراً عَقِبَ هذه المرحلة في نزول الحالات وهو ما يؤكد أهمية الالتزام بالاحترازات الوقائية والتقيد بها.
هذه التوضيحات تجعلنا نهتم بهذا المبدأ وهو مبدأ الوقاية والاحتراز بالمقولة الشهيرة التي ذكرها في مستهل هذا المقال ولا يهمني هنا من أوّل من قالها هل هو ابن سينا أو أبقراط أو غيرهما لأن هذه المقولة لها ما يشهد لها من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ولا شك أن الشريعة الإسلامية جاءت لصلاح أمور الدين والدنيا والآخرة. قال تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.
ولا شك أن من مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على صحة الأبدان، لذا كان لزاماً على جميع أفراد المجتمع التعاون والتكاتف في تحقيق هذا المبدأ وهذه القيمة العالية. قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}، وإنك لتعجب أشد العجب ممن يضرب بتعليمات الجهات المختصة عرض الحائط ولا يلقي لها بالاً وهو يرى انتشار العدوى وتأثر كثير من الناس بها وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم كما في الحديث النبوي عندما سأله رجل فقال: «يا رسول الله أترك ناقتي وأتوكل أو أعقلها وأتوكل؟ قال صلى الله عليه وسلم: اعقلها وتوكل.
وعليه فصحّة التوكل على الله لازمها بالضرورة الأخذ بالأسباب وهما الارتباط «اعقلها وتوكل» هو من تمام الإيمان وصواب الأعمال. فالواجب الشرعي يحتم على الإنسان المحافظة على نفسه وعلى أخيه الإنسان وعلى مجتمعه والجوائح والنوازل تتطلب أقصى درجات من التعاون والتراحم والتكامل الإنساني كما علّمنا الدين الحنيف. انظر إلى خطاب النبي للجماعة وهو يقول: (إذا سمعتم الطاعون بأرضٍ فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها) متفق عليه، وهنا خطاب للجماعة لا الفرد.
وانطلاقاً من هذا التوجيه فلا بد لنا من التالي:
* تعزيز ثقافة إجراءات السلامة الوقائية في المنشآت السكنية والصناعية وفي وسائل النقل والمعابر والطرق والمعامل ومتابعة وسائل التعامل مع الآثار السلبية أو المستجّدة لحماية النفس والأفراد والممتلكات والأصول.
* الاهتمام بالصحة العامة والتغذية السليمة؛ وتعزيز مفاهيم حماية البيئة والسلامة الغذائية والصحية.
* نعزز الاهتمام بحالتنا النفسية عن طريق تلاوة القرآن الكريم والحفاظ على الأذكار من الكتاب والسنة في جميع أمور حياتنا.
* رفع سقف المناعة والحياة الصحية والاجتماعية بالتقيّد بالإجراءات الاحترازية وسرعة استكمال التحصينات والحصول على الجرعة التنشيطية لإيقاف وتهدئة انتشار متحوّر «أوميكرون» بإذن الله.
* تأصيل مفهوم الوعي.
وفي الختام نتقدم بالشكر الجزيل لمبادرة حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظها الله- بمكافحة فايروس كورونا (كوفيد 19) من بدايات انتشاره وحتى الآن، وقيامها بجهود مكثفة وموفقة من أنظمة وإجراءات وقائية للحد من تفشي هذه الجائحة، وبذلها الغالي والنفيس لتجاوز هذه الأزمة بإذن الله ومن ثم الوصول إلى حياة طبيعية وآمنة شهد لها بهذه الجهود البعيد من الدول والمنظمات العالمية قبل القريب.
وبالله التوفيق.