محمد السنيد - «الجزيرة»:
السياحة البيئية بمفهومها الذي يقتضي ممارسة الإنسان لنشاط سياحي صديق للبيئة، من خلال محافظته على الموارد الطبيعية والفطرية للبيئة التي يعيش فيها، تلعب دوراً بارزاً في الحفاظ على الموارد الطبيعية واستدامتها، ورفع مستوى الوعي لدى الأفراد والمجتمعات بأهمية الحفاظ على التنوع الحيوي، وأثره على التوازن البيئي، وتمنح الزائرين تجربة سياحية ثرية وفريدة.
وفي المملكة العربية السعودية، تشكّل السياحة البيئية عنصراً مهماً من عناصر الجذب السياحي فيها، نظراً إلى ما حباها الله به من مقومات جغرافية فريدة، وثروات طبيعية، وتنوّع في النظم البيئية. ويحظى الملف البيئي بأولوية واهتمام ودعم لا محدود من لدن القيادة الرشيدة. وتجلى هذا الدعم في التوسع في المناطق المحمية التي تفتح آفاقاً جديدة للسياحة البيئية المستدامة، عبر إنشاء 7 محميات ملكية، والتركيز في مستهدفات رؤية المملكة 2030 على حماية وتهيئة المناطق الطبيعية.
محمية الملك عبدالعزيز الملكية.. مقومات سياحية
تمثّل محمية الملك عبدالعزيز الملكية، بمساحاتها الممتدة على أكثر من 28000 ألف كيلومتر مربع، نموذجاً فريداً للسياحة البيئية، حيث تجمع المحمية تضاريس مختلفة: الأودية والروضات، والهضاب والجبال، والسهول المفتوحة، والصحراء الرملية. وهي مقومات تمنح المحمية فرصة لتقديم تجارب سياحية ثرية ومختلفة، في مقدمتها التخييم في مناطق محددة، ووفقاً لمعايير بيئية. وتضاف إليها أنشطة التسلق الحر والتزلج على الرمال والانزلاق على الحبال، والرحلات الاستكشافية وغيرها من الأنشطة المتنوعة.
وعلى مستوى التنوّع الأحيائي، تمنح المحمية زائريها فرصة للتعرّف على أكثر من 214 نوعاً من الطيور، و19 من الثديات. كما أن تضاريسها المختلفة يمتاز كل واحد منها بإمكانيات نباتية فريدة تضيف رونقاً إلى الجمال الطبيعي للمحمية. ويضاف إلى هذه المقومات، موقعها الجغرافي بالقرب من مدينة الرياض، وتقاطعها مع عدة طرق رئيسية، مما يسهل عملية الوصول إليها والاستمتاع بتنوعها الفريد.
روضات المحمية لوحة طبيعية خلابة
تضم المحمية بين جنباتها كلاً من روضة التنهات، أكبر الروضات في الجزيرة العربية مساحة، وهي أرض الجمال وزهور الأقحوان، وروضة الخفس التي تفترش رمالها بزهور النفل، إضافة إلى روضة نورة وهي متوسطة الحجم، قليلة الأشجار، وتكتسي بالخضرة والنباتات البرية التي تجعلها مقصداً للزوار والمتنزهين، أما روضة الخشم، فيعود سبب تسميتها بالخشم، إلى خشم الأرطاوي وهو أحد خشوم جبال العرمة. وهي ضمن أبرز الأماكن التي أصبحت، بفضل أشجارها المتنوعة والشبيهة بأشجار الغابات الكبرى، مصدراً للتغذية البصرية لدى الزوار.
قلتة أم قليدة.. مسابح طبيعية في قلب الجبال
تشكِّل القلتات أحد عناصر الجذب التي تمتاز بها المحمية، وهي فجوات طبيعية تجتمع فيها المياه في وسط الجبال والأماكن المرتفعة. وتعد قلتة أم قليدة، الواقعة بالقرب من تمير، الأشهر من بينها، حيث تمنح الزائر منظراً طبيعياً فريداً، من خلال بحيراتها الواقعة وسط الصخور، إضافة إلى نحوتها الصخرية، وشلالاتها المتكونة من تساقط الأمطار، الأمر الذي صنع منها وجهة مفضلة لدى الباحثين عن الاسترخاء واكتشاف عناصر الطبيعة.
الأودية والكثبان الرملية... تجربة استرخاء فريدة
تمتاز المحمية بجريان العديد من الأودية في مختلف روضاتها، والذي يساهم في تشكيل بساط أخضر تكسوه زهور النفل والنباتات الموسمية. ومن أشهر تلك الأودية وادي الشوكي ووادي الطيري ووادي العتك ووادي الودي، إضافة إلى عدد من الشعاب، ومنها شعيب ملهم ودقلة ومحرقة، وشعيب السلحية.
وترتبط محمية الملك عبدالعزيز الملكية بشكل مباشر بصحراء الدهناء التي تمثّل كثبانها الرملية قيمة إضافية لزوار المحمية من خلال التجارب البرية التي تستضيفها، ومن أهمها الرحلات الاستكشافية للصحراء، وممارسة التزلج على الرمال، إضافة إلى مسارات المشي والرحلات البرية، فضلاً عن الأجواء الهادئة التي تمنح الزوار تجربة استرخاء وتخييم مميزة وسط الكثبان الحمراء لصحراء الدهناء.
التنمية السياحية ركيزة إستراتيجية لتطوير المحمية
تركِّز إستراتيجية المحمية على التنمية السياحية كمحور إستراتيجي تهدف من خلاله إلى جعل المحمية وجهة سياحية جاذبة للتعلّم والترفيه، وبما يتوافق مع أولويات الحفاظ على البيئة. وتخطط المحمية إلى تقديم عدد من الخدمات السياحية كالمغامرات النشطة، واستكشاف الطبيعة والتراث، ومغامرات الأطفال، والاستجمام، والضيافة من خلال التخييم؛ وذلك بهدف أن تكون نموذجاً لسياحة البيئة المستدامة، بما يحقق المستهدفات البيئية لرؤية المملكة 2030 وبرامجها التنفيذية، في تهيئة وتطوير المناطق الطبيعية وتحسين جودة الحياة، وتنويع مصادر الدخل.