د. صالح عبدالواحد
فنَّدنا الموقف الكندي من حقوق الإنسان في أكثر من مقال سابق، وأعدنا بها الاتهام إلى الحكومة الليبرالية في كندا، وأكدنا بأن حقوق الإنسان هو الذي لا يتم احترامه في كندا وليس في المملكة، بالدليل الثابت والقاطع، وأن الموقف الكندي من المملكة موقف مسيَّسٌ، ويندرج ضمن مفهوم التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة، ولا علاقة له بحقوق الإنسان فيها.
* * *
كان ذلك إثر تدخل وزيرة خارجية كندا في الشؤون الداخلية للمملكة، واعتباره أن الموقوفين السعوديين بجرائم تمس أمن الدولة هم أفراد تم إيقافهم لأنهم نشطاء في المجتمع المدني السعودي، وبالتالي تطالب وزيرة خارجية كندا دون وجه حق بإطلاق سراحهم فوراً.
* * *
ما سبق تم نقله من عدة مقالات عن الأزمة التي افتعلتها وزيرة الخارجية الكندية في ذلك الوقت، في تدخل سافر، ومطالبتها إخراج موقوفين بجرائم تمس أمن الدولة، وقد تبدو الكلمات في ذلك الوقت، وخاصة لمن يجهل الواقع السعودي: «دفاعًا عن النفس». ولكنها الآن وبعد أربع سنوات، تظهر حقيقتها مرة أخرى. فنحن نتحدث عن واقع، وهم يتحدثون عن باطل. وحبل الكذب قصير، بل وقصير جدًا.
* * *
تحدثنا كثيراً عن الدور المضلل الذي تقوم به بعض الدول الغربية تجاه بلادنا، إما ضمن محاولة ابتزاز مادي، أو سياسي، أو لوضع بصمات التعامل الفوقية، ولكن - ولله الحمد - فقد تم إيقاف جميع هذه التصرفات الحمقاء مع الدول التي تتعامل بذلك الأسلوب مع المملكة العربية السعودية، بقرارات جريئة، حازمة، أوقفت جميع من يفكر في النيل من سمعة هذا الوطن. فنحن نعيش زمن الحزم، زمن التحول والاستقرار، الذي يمضي بخطوات ثابتة ضمن طرق وعرة، وأجواء عاصفة، لكنها لم ولن تؤثر على هذا الجيل الصاعد تحت قيادة شابة طموحة نحو المستقبل الواعد.
* * *
الأزمة مع حقوق الإنسان لديها التي تعيشها كندا الآن يتم معالجتها من قبل الحكومة الكندية بشكل يفتقد لأبسط الحقوق الإنسانية التي تدعي زورًا وبهتانًا تمسكها بها. فأمامنا الآن - على سبيل المثال وليس الحصر - سائقو الشاحنات في كندا الذين أصابهم العوز والفقر خلال فترة حظر لا يعرف مداها ولا أمدها، فقاموا بالاحتجاج ليتم النظر في وضعهم. فماذا فعلت الحكومة الكندية؟ «التي تعطي محاضرات عن حقوق الإنسان في دول أخرى ضمن تويتر»؟.
* * *
لقد قامت بمنع وصول أي مساعدات لهؤلاء المتظاهرين، في الوقت الذي لا يمنع القانون المدني الكندي المظاهرات، ولذلك فإن عمل هؤلاء السائقين يخضع للقوانين المدنية الكندية، وعمل الحكومة الكندية يعتبر تصرفًا همجيًا وطائشًا وضد حقوق الإنسان.
* * *
وهذا رئيس الوزراء الكندي يهدد باستعمال القوة لتفريق المتظاهرين الذين يعتمدون الآن على وصول المساعدات التي تصلهم من المتعاطفين معهم، وقد تجمعوا في درجة حرارة تصل لدرجة التجمد.
* * *
إن وصول الإسعافات والمؤن لهؤلاء المتظاهرين، وضمن نظام القانون الكندي، يعتبر واجبًا على الحكومة الكندية نفسها القيام به، فإذا بها تمنع ذلك، وتوقف حساب من يحاول التبرع لهم.
* * *
في موضوع حقوق الإنسان، فالمملكة تفتح أبوابها لمن يرغب من الكنديين ليتعلم كيف تعاملت حكومة المملكة مع احتياجات المواطن خلال أزمة طاحنة. نعم، نحن على استعداد لتعليم الكنديين أن حقوق الإنسان جزء أصيل يمارسه حكام هذه البلاد أبًا عن جد عن جد، فهم لا يبحثون عن تشجيع وتصفيق من أحد، لأن التماس حاجة المواطن موروث جيني لدى مؤسسي هذه البلاد التي نحتفل هذا الشهر بمرور ثلاثمائة سنة على تأسيسها.
* * *
وعلى الكنديين أن يأتوا إلى المملكة ليتعلموا أن حكام المملكة العربية السعودية لا ينتظرون حدوث أزمة لدى المواطن، ولكنهم يعملون جاهدين لتوفير وسائل الراحة ليعيش المواطن ضمن مستوى أمن ورفاهية تعتبر حقاً إنسانياً للمواطن.
* * *
ولا يوجد بالطبع أي تبرير لتصرفات الحكومة الكندية التي تقوم بقمع المظاهرات مع أنها لا تخالف الأنظمة الصادرة من المجالس التشريعية لديها، وتمنع المساعدات التي تصل ضمن درجة حرارة تحت الصفر، وتهدد باعتقال من يقوم بإيصال المساعدات، إنها تصرفات لا تليق حتى بعصر الغاب.
* * *
ومن المؤسف جدًا أن تكون حقوق الحيوان في كندا (والتي تمنع حتى اصطياد الدببة المتوحشة)، أكثر تطورًا من حقوق الإنسان لدى حكومة ترودو.
ولا شك أن من أهم الدروس التي يجب أن يتعلمها الكنديون من حكام المملكة العربية السعودية بعد العمل على مصلحة مواطنهم هو: «عدم التدخل في شؤون الغير».