بدر بن عبدالمحسن المقحم
تعاني الجمهورية اللبنانية حكومة وشعباً من أزمات طاحنة طالت الكثير من مناحي الحياة وأصبحت سويسرا الشرق التي كانت في الأمس القريب تتمتع بكثير من عناصر الجذب السياحي والثقافي والعلمي والتجاري، دولة تعاني البؤس والاضطراب والتردي في أوضاعها الاقتصادية والمعيشية والخدمية والأمنية، كل هذا بسبب المحاولات الدؤوبة لجعلها إقليما إيرانيا يخضع لحكم ملالي طهران ومن خلال وكيله الحصري (حزب الله) الذي استمرأ الحالة اللبنانية بأن تكون بهذه الصورة المأساوية، يقابل هذه الحالة مسعى خليجي جاد لانتشال لبنان من هذا المأزق الكارثي من خلال عدة محاولات من بينها زيارة وزير الخارجية الكويتي الى بيروت يوم السبت الماضي 1443/6/19هـ الموافق 2022/1/22م ونقله للجانب اللبناني ورقة تحمل العديد من الحلول ليتجاوز لبنان محنته الحالية إلى غد مشرق، وحسب ما تناقلته وكالات الأنباء ووسائل الاعلام فإن هذه الورقة تحمل اثني عشر بنداً من ضمنها: -احترام اتفاق الطائف عام 1989م والدستور الذي انبثق عنه. - احترام القرارات الصادرة عن الجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة بشأن الملف اللبناني (وبالذات قرار مجلس الأمن رقم 1559 الصادر في شهر سبتمبر لعام 2004م الذي يؤكد على جملة من البنود من أهمها حل المليشيات اللبنانية المسلحة ونزع سلاحها). - وضع آلية مشتركة لمراقبة الصادرات لدول الخليج. - بسط السلطة اللبنانية هيبتها على المنافذ التي تمر بها هذه الصادرات. - عدم التدخل في الشأن الداخلي الخليجي.. إلى غير ذلك من النقاط التي تعالج الوضع الداخلي وتضمن بقاءه في الحضن العربي، إلا أن تصريح وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب وقبيل مشاركته في الاجتماع التشاوري لدول الجامعة العربية الذي انعقد في دولة الكويت مؤخرا من أنه سيسلم الرد اللبناني على تلك الورقة ولن يحمل معه إلغاء سلاح حزب الله، جاء مخيبا للآمال على الاعتبار أن أساس المعضلة اللبنانية هي في سلاح هذا الحزب الذي يعتبر نبتة إيرانية غريبة على الأرض اللبنانية، مما يعني في نهاية المطاف تقويض تلك الجهود الخليجية في هذا الإطار وإصرارا على تمادي هذا الحزب في غيه وصلفه و ذلك باختطاف الدولة اللبنانية بقوة السلاح المدعوم من طهران والعبث بالسلم الأهلي اللبناني وجعل لبنان برمته جبهة إيرانية وسلاحا معاديا ليس لدول الخليج فحسب ولكن للعالم العربي وأمنه القومي، وهذا يدل دلالة واضحة على عمق المساة في الداخل اللبناني وعدم قدرة باقي القوى اللبنانية بشقيها الرسمي والشعبي على مواجهة هذا الداء الإيراني الذي استشرى في مفاصل الدولة وفرَخ أعوانا له لتنفيذ مخططاته بهدف أن تكون لبنان منطلقا لأدوات الدمار لجواره العربي بدءاً من تهريب المخدرات من جانب حزب الله بشتى أنواعها وعبر طرق خبيثة لدول الخليج، ومرورا بإرساله السلاح والمدربين التابعين له إلى الحوثيين في اليمن لتكون مصدرا لتهديد أمن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وانتهاء بتدخلاته في شؤون الدول العربية وبالذات الخليجية واستخدام خلاياه الإرهابية لتقويض الأمن الخليجي كما حدث لدولة الكويت مؤخرا جراء اكتشافها خلية العبدلي ومخططها التدميري الرامي لزعزعة استقرارالكويت والنيل من مكتسباته. إن ما يحث في هذا البلد العربي (الجمهورية اللبنانية) يحتاج إلى وقفة عربية ودولية حازمة تقطع الطريق على إيران والسعي للتحكم في القرار اللبناني، والمضي قدما في تفعيل قرار مجلس الأمن المنوه عنه آنفاً ووضعه موضع التنفيذ وذلك بالإسراع في نزع سلاح حزب الله أولا حتى لا يكون سيفا مصلتا على رقاب الشعب اللبناني في الحاضر والمستقبل، مع الإسهام العربي والدولي في تنمية لبنان وضمان عودته لمحيطه العربي، وأن تكون قراراته الوطنية نابعة من مؤسساته الدستورية ووفق ما ورد في اتفاق الطائف وليس بناء على رغبة فريق بعينه يضع مصلحته الحزبية فوق أي اعتبار، وقبل هذا وذاك وحدة الصف اللبناني بكل أطيافه تجاه سياسات إيران العدوانية وانتهاكاتها السافرة.