سلمان بن محمد العُمري
نسمع مقولات كثيرة ومتعددة من رجال ونساء يطعنون في مسألة قوامة الرجال على النساء وتثار حولها كلام لا يستند إلى علم شرعي ولا إلى طبيعة وخصائص المرأة، وجلها أقوال إما منطلقها العاطفة أو مآرب أخرى تتراوح بين الشبهات والشهوات، وللأسف أن هناك من انجرف خلف هذه الدعاوى الباطلة وانساقوا خلفها وترتب عليها مشاكل زوجية دائمة وربما انتهت بالطلاق.
القوامة للرجل حق شرعي ثابت بدليل من كتاب الله - عز وجل - كما جاء في قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (34) سورة النساء، وكون المرأة تحت قوامة الرجل لا يعني أن ذلك حق يجعله يتسلط عليها، أو يكرهها أو يهينها، أو يسلبها إرادتها، وإنما القوامة لها مدلولات واسعة تقوم على الحفظ والرعاية والصيانة لما فيه صلاح بيت الزوجية.
والرجل ملزم بموجب هذه الولاية والقوامة أن ينفق على بيت الزوجية وليس على المرأة أن تنفق حتى وإن كانت غنية بإرث أو لها دخل كراتب أو إيجارات أو خلافه، وهذا من أسباب القوامة، وقبلها كان هو الملزم بالمهر، ولو تخلَّف الرجل بالنفقة على امرأته حق لها طلب الطلاق منه، وعلى القضاء تمكينها من ذلك، وفي المقابل على المرأة الالتزام بحفظ حقوق زوجها وبيته وكرامتها وكرامته فلا تخرج عن طاعته فيما هو من غير حقها.
وعلاوة على الحقوق الشرعية في التفضيل الشرعي والإنفاق فهناك تفاوت في طبيعة الرجل والمرأة ، وخلق الله لكل منهما خصائص فطرية لا يمكن تغييرها لأن الخالق -جلّ وعلا- قدّرها وقضاها، وحتى لو أنفقت المرأة وكان لها دخل أعلى من زوجها أو مماثلاً أو أقل من ذلك، واكتفت ببعض مصاريفها فإن هذا لا يلغي قوامة الرجل عليها وعلى أهل بيته عموماً، ومهما عملت المرأة من أعمال وتحقق لها من دخل، ولو كانت مسؤولة في عمل خارج المنزل فهي تظل زوجة وربة بيت وهي قيمة في أمور كثيرة ولكن بإذن زوجها، وهذه هي من شُبَه المتحدثين المشككين في قوامة الرجل على المنزل بحجة أنها تعمل وتكسب وتنفق، وحتى وإن كان الأمر كذلك فقدرات المرأة الطبيعية في المنزل وخارجها لا تمكنها من أداء واجب القوامة على البيت وأعبائه إلا في حدود قدراتها الطبيعية، ومن الشُبَه التي ينشرها البعض أيضاً أن بعض النساء أكثر قدرة على التدبير والتصرف من بعض الرجال، وإن إعطاء زوجها القوامة عليها فيه ظلم وبخس لها وغير ذلك من الشُبَه التي تثار بأن القوامة تعني التسلُّط، وأصبحوا ينادون في كل نادٍ بأن تأخذ المرأة حريتها في كل أمر داخل المنزل وخارجه، والرد عليهم بما جاء في كتاب الله - عز وجل - فالقوامة لا تعني التسلُّط والتجبُّر، فقد بيَّن الله تعالى في كتابه الكريم عدداً من الأحكام، ومنها (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (228) سورة البقرة. وقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (19) سورة النساء. فلا تسلُّط ولا سلب للحقوق ولا تحكُّم إنما عيش ومودة ومحبة، وقد تقوم المرأة مقام الرجل في بعض الأحوال في غياب الزوج لسفر أو خلافه أو مرضه ووفاته، وتبدع وتبرز، وكم من امرأة فاقت الرجال في تربية أبنائها الأيتام، أو من تخلى والدهم عنهم بعد طلاق الزوجين فأحسنت أمهاتهم تربيتهم، ولكن كل هذا لا يعني الإخلال بالأسس الشرعية من حق القوامة ولا حقوق الزوجية ولا الاحترام الواجب بين الزوجين.