خالد بن حمد المالك
هي مؤامرة كبرى دُبِّرتْ في ليل، وتم تنفيذها كما خُطط لها، وانتهى المطاف بالحبيبة سوريا إلى ما هي عليه الآن، قتلى وجرحى وهدم لكل ما هو جميل فيها، واحتلال، وفقدان للاستقرار والأمن، وزيادة من يوم لآخر في عدد المهَجَّرين، واستمرار للحرب بين دول وميليشيات وإرهابيين من كل الأجناس على الأرض السورية.
* *
حدث كل هذا ممن يريد أن يحمي النظام السوري، ويبقي الرئيس بشار الأسد رئيساً لسوريا، بصرف النظر عن أنه غير مقبول لدى الأكثرية من السوريين، ممن يريدون تغيير النظام، وهؤلاء يريدون أن يطووا صفحة نظام مجرم عاث بالبلاد فساداً، وغيرهم يسعون لتكون سوريا تحت الاحتلال الروسي والإيراني والتركي، وحتى الأمريكي، وتقسيم للنفوذ بينهم.
* *
قَبِلَ بشار الأسد أن يبقى رئيساً صورياً على أن يغادر كرسي الرئاسة، وقَبِلَ أن يتمسك بالرئاسة في مقابل تدمير سوريا، وقتل الأحرار من السوريين، وتهجير من تمكَّن بمغادرة سوريا حفاظاً على حياته، ولم يمانع رئيس النظام أن تكون بلاده ساحة حرب للآخرين، ومكاناً للنفوذ الأجنبي مقابل التكفل بحمايته من شعبه، وعدم محاسبته على جرائمه.
* *
هكذا يمارس الدكتاتور حكم سوريا، ويرخص الأرواح، ويتلذذ بدماء المواطنين، ولا يمانع أن تتحول البلاد إلى أرض محروقة، وأن يكون عبداً مطيعاً ينفذ أوامر الدول والتنظيمات التي تتكفل بحمايته ضد إرادة الشعب، وأصوات الأحرار، وإصرار الشرفاء، وبهذا ظلَّ بشار الأسد حاكماً صورياً، لا يهش ولا ينش إلا بما يرضي أسياده من إيران إلى حزب الله إلى روسيا، إلى الخونة من السوريين الذين تكفَّلوا بحمايته مقابل الدولار.
* *
وفي ظل هذا المشهد الكريه، تتحمس الجامعة العربية لمناقشة وبحث إعادة سوريا إلى مقعدها بالجامعة، بعد كل هذا الدمار الذي أحدثه بشار، وأعداد القتلى والجرحى على أيدي هذا النظام الدموي، وكأنَّ الجامعة تكافئ بشار الأسد على قتله لشعبه، وتدميره لبلاده، أو كأن الجامعة لا علم لها بما ارتكب من جرائم لا مثيل لها في التاريخ.
* *
أبقوا بشار الأسد سجيناً في سوريا، محاصَراً بجرائمه، إلى أن تأتي الفرصة لمحاسبته، ولا تكافئوه بدعوته إلى الجامعة، واتركوا هذه الدعوة وأجلوها إلى حين اختيار بديله المخلص لعروبته، الصادق في خدمة أمته وبلاده، المتحمس في التخلص من المستعمرين، لا كما هو بشار الأسد الذي تطارده الاتهامات الموثَّقة بالجرائم التي ارتكبها، بحق الشعب السوري والدولة السورية.
* *
كان يجب على بشار الأسد عندما هبَّ الشعب السوري يطالب بتنحيه، وترك الاختيار للشعب لتسمية رئيسه الجديد، أن يقبل بالتنحي استجابةً لرغبة الشعب، حقناً للدماء، وليوفَّر على البلاد كل هذه المآسي، وبذلك يكون قد حال دون دخول القوات الأجنبية، واستعمارها لسوريا، ومنع كل هذا التخريب الذي دمَّر سوريا، ولم تسلم منه قرية أو مدينة أو محافظة على امتداد المساحة السورية.
* *
على الجامعة أن تقنع هذا الطاغية بأن دوره قد انتهى إلى غير رجعة، بدلاً من أن تدعوه إلى اجتماعاتها، وعليها أن تقول له إن من العبث أن يتمسَّك بالحكم، بينما لا يزال الشارع يغلي لإقصائه، حتى وإن تأخر تنفيذ قرار الشعب بحكم تدخل الروس وإيران وحزب الله وغيرها في منع سريان تنفيذ إرادة الشعب، فهو قرار قادم قادم قادم، ولن يمنع من تحقيقه بحث دعوته للعودة إلى الجامعة العربية، وتبرير بعض الدول إعادته إلى الجامعة العربية، بحجة أن ذلك يخدم الشعب السوري الشقيق، ويجفف المستنقع السوري من دماء الأبرياء الشرفاء لا أن يزيدها.