د. صالح بن سعد اللحيدان
حسب تتبعي عن الآثار المدونة عند المحققين المعاصرين ممن طار ذكرهم فإنني لم أجد منهم أحداً أسند أصل تسمية كلمة العرب على من كان في شبه جزيرة العرب وما جاورها.
وكل الذي وقفت عليه إنما هو إنشاء وتخرصات وذلك لفقدانها أصلاً من أصول النظر والاستقراء المكين.
ولما كان بعض الناس اليوم لا يدققون ولا هم يسألون عن الأسانيد فهم يقبلون وينقلون مما وقفوا عليه عند الباحثين وهذه واحدة من مشاكل عد التأصيل عند الكثير في هذا الحين.
وهذا سبب عال وقوي لفقدان أصول المباحث العلمية والتحقيقات النصية.
فمن هنا كان الخلل (ولا ينبئك مثل خبير).
من هذه الحيثية أقول إن أصل كلمة العرب إنما جاءت نسبة إلى (عرابة تهامة) في جنوب غرب شبه جزيرة العرب ذكره الإمام العيني في كتابه المشهور (عمدة القارئ).
ولعل من أقدم ما ورد عن هذه الكلمة عرب والعرب أقول لعل أقدم ما ورد كان في قرابة ?? قرناً قبل الهجرة أي القرن ?؟ قبل الميلاد وذلك في نقش حجري لعله يعود إلى (شلمنصر) وقد كلف هذا الملك من يدون ما كان بينه وبين حاكم دمشق وهو ليس من العرب لكن دخل معه في الحرب (جندبو) وهو في ذلك الحين المعتبر بأنه ملك العرب ولست أدري (لفقدان السند) هل هذا هو أول ذكر للعرب لكنه يبقى ظنياً لفقدان تسلسل الإسناد لأن تسلسله مهم بحد ذاته ذلك أن تسلسل القول وكثرة ذكره لا تعني شيئاً ما لم يتم إسناده برواة ثقاة وهذا ممكن لأن الحاصل إنما يكون بما يثبت لا بمجرد النقولات
وهذا هو السبيل لحفظ الروايات والآثار والأخبار
ولهذا ردت كثير من الروايات مما ورد في كتب الأقدمين لأنها جاءت على سبيل النقل والحكاية فهذا ينقل عن ذاك وهكذا.
والذي لا دراية له بتحقيق المناط وضبط الأصول قد يقبل كل قول ورواية على العلات بل قد يجعلها ضربة لازب لا تقبل عنده جدلاً.
لكن العيني السالف ذكره قد أشار إلى كلمة العرب وهو من ذوي التأصيل في المدونات
وابن سعد في (الطبقات الكبرى) ذكر ما فحواه أن نوحاً صلى الله تعالى عليه وسلم خلف ؟? من الولد:
كنعان وقد غرق مع أمه حين أغوته.
وحام ونسله ما كان غرب بحر القلزم البحر الأحمر اليوم وهم الأفارقة.
ويافث ونسله ما كان شرق وشمال البحر الأبيض المتوسط وهم الأوربيون وأمريكا الجنوبية والولايات المتحدة كما تسمى اليوم.
وسام ونسله ما كان شرق بحر القلزم إلى تخوم مشرق الأرض قاطبة.
ومن نسل سام جاء العرب فمنهم من ينتسب إلى عدنان ومنهم من ينتسب إلى قحطان وليس هذا موضع بحث مثل هذا.
ويبقى القول على ناضحة دائمة يحتاجها الناس من بينة في سبيل صالح قوي مبين.
فلا يصح تكرار النقل كما يقوم به بعض المتقدمين
ولهذا نجد قسطنطين زريق وجرجي زيدان وسلامة موسى ولويس عوض وميخائيل نعيمة ومحمد شحرور وسلام البحيري ما بين أديب ومؤرخ يكتبون ويصنفون على رماد هبت به الريح في يوم عاصف ليس له قرار.
وهذا يوجب التنبه للاتكاء على الصلب من الحق المدون دون النفخ في الرماد.