الجزيرة الثقافية - مسعدة اليامي:
الداموك: كل ما كتبته في ثلاث مجاميع قصصية وروايتين والكتاب الذي ما زال محفوظاً في الأدراج هي نتاج الجرعة الأولى من تعاطي الكتابة ولا أشعر أنها تعبر حتى الآن عن لذة النشوة في الحكي.
ما هي الجرعة الأولى التي تناولت في عالم الإبداع الكتابي؟
لست أذكر الآن، هذا حدث منذ زمن بعيد،فقد ولدت وأمامي مكتبة ضخمة تضج بالأدب والقصائد والحكايات والتاريخ التي كنت أقلدها وأكتب على غرارها شيئاً يشبه الشعر ولكنه ليس شعراً، ويشبه القصة ولكنه لم يكن قصة.
هل شعرت بشفاء أثناء تناولك حقنة الكتابة أو شعرت بخلاف ذلك؟
بل ولدت الشغف، وإذا أردت أن أكون منصفاً سأقول: إنها ولدت الإدمان ما دمتِ استخدمت عبارة حقنة، وحبك الحكايات وسبك العبارات والتوغل في المشاعر الإنسانية لشخصيات افتراضية أشعر بها.
الكتابة فضاء أنت في أي كوكب هبطت وأي أدب قصصي كان لك مركب العربي أو العالمي؟
بين كل الكواكب الساطعة بالدهشة، ابتداءً من العرب القدماء بالمعلقات والمرويات ومروراً بالأدب العالمي الكلاسيكي والعربي المعاصر ووصولاً للأدب الحديث.
هل شعرت بالأمان و الاستقرار بعدما أبحرت في عالم القصة؟
أعتقد أن التعبير الصحيح لما أجده الآن في كتابة القصة، الأمن والاستقرار الروحيين ومعرفة ما أريده.
كيف تعمل على تغذية ذاتك الإبداعية؟
بالكتابة أولاً ثم بالقراءة، قد يبدو الأمر غريباً ولكنه كذلك، عندما أكتب أجد آفاقاً تفتح أمامي وتتوالد وتنتج عوالم جديدة، حتى أني أقف كثيراً على الأفكار التي لم تنضج بعد وما زالت مسودات وأقول لها: كم عمراً تحتاجين لأكتبك؟!
كم من الوقت تمضي مع خير جليس و ما أنواع الكتب التي تقرأ؟
يومياً ليس أقل من ساعة، والسرد ينال العناية الكبرى بين الكتب التي أقرأها. أميل أيضاً إلى الكتب التخصصية إلى التاريخ والاقتصاد والكونيات وأحب مشاهدة الخرائط ومتابعة التقدم الإنساني المعرفي.
بماذا شعرت عند نشر قصتك الأولى وكيف تصف شعورك عند صدور مجموعتك القصصية الأولى؟
بالنسبة لقصتي الأولى فأنا لا أذكر الآن، لأن هذا حدث منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً وربما أكثر، ومن المؤسف أننا ننسى المشاعر كما ننسى الوجوه والأسماء والأشياء، أما مجموعتي القصصية فكانت فرحتي بها محتشمة لأنها تأخرت كثيراً.
كيف تتعامل مع حبسة الكاتب، وما حجم المسؤولية التي تشعر بها عندما تمثل بلدك السعودية في محفل قصصي أوتمثل منطقتك؟
ربما لا أؤمن بالحبسة رغم أنها تحدث معي، ربما أتجاهلها بالتأمل وتسويد الأفكار والقراءة والمراجعة أو أني أعتبرها فرصة لكل هذا.
الحقيقة أني لا أفهمها جيداً ولا أفهم شعوري تجاهها، الآن وأنتِ تسألينني عنها شعرت بالخوف وربما هي المرة الأولى التي أشعر بالخوف تجاهها منها، أما التمثيليات بكافة أشكالها فهي فطرة إنسانية قبل أن تكون أي شيءٍ آخر، والانتماء في بلدٍ كبلدنا هو أيضاً فطري ولك أن تتخيلي ما تعنيه الفطرة للإنسان.
هل يعاني كاتب القصة مع شخوصه أثناء الكتابة القصصية؟
ليس بالضرورة، ربما يعاني في القصة مع الحبكة، الشخوص قد تكون مضنية وهامة في الرواية أكثر منها في القصة القصيرة.
في رأيك الموهبة تكفي أم أن الموهوب يحتاج إلى الكثير من الأدوات ، أنت ماذا كنت تحتاج؟
الموهبة تأتي أولاً وهي ما أحرص دائماً على التصريح به، أما ما يحتاجه الموهوب فهو القراءة، التشارك في الآراء والاحتكاك، والكتابة وأيضاً الوقت، وهذان العاملان الأخيران مهمان جداً، فمع الكتابة يحصل التجويد والتطور، ومع الوقت يحصل على القدرة على الكتابة، فمشاغل الحياة والتفكير فيها كثيراً ما تمنعنا عن الكتابة.
ما هي نظرتك المستقبلية لنفسك في كتابة القصة والقصة بوجه عام؟
أن أكتب أكثر، لا أملك أكثر من قول هذا، الكثرة تؤدي للتنوع وتلبي الغزارة وتطور الأفكار، أما بوجهٍ عام فأنا لا أهتم بالهموم العامة، فالقصة وجدت نفسها وتبلورت في إطارٍ فني أدبي قبل أن أُخلق ولست قلقاً على وجودها أو ضعفها أو انحسارها أو ما قد تعانيه من مشكلات، هذا ليس شأني وليس عملي وما علي القيام به هو كتابتها فقط.
ماذا يضيف النقد لكتاباتك القصصية و هل تنوي على ترجمة أعمالك الأدبية؟
لا شيء حقيقةً، النقد رأي يحاول الغوص في أعماق لا تهمني بالقدر الذي تهمني فيه المتعة، متعتي وأنا أكتب، ومتعتي بعد الإنجاز، ومتعة القارئ أثناء وبعد القراءة، ومن هذا الباب كذلك الترجمة، أنا لست مهتماً بها وقد كنت في يومٍ من الأيام مترجماً ولكني تنازلت عن هذه المهمة لأنها ليست شغفي الأول فمن البديهي ألا أكون مهتماً بترجمة أعمالي، قد يكون ذلك مبهجاً في فترة لاحقة، أما الآن وما يحدث في سوق الترجمة فهذا ليس لي ولست ممن يشاركون في هذا السباق المحموم.
ما رأيك في مسابقات القصة و هل فعلاً أن زمن القصة قادم كما بشر بذلك أحد الأكاديميين السعوديين؟
كل تظاهرة ثقافية أياً كان نوعها في زمننا الذي شحت فيه التظاهرات هي عامل جذب إيجابي للحركة الثقافية برمتها قبل أن تختص بالأدب أوالقصة، وأنا لا أريد الحديث عن ندرة المسابقات في حقل القصة على الصعيد الوطني فهذا شيء معروف ومللنا الحديث عنه. أما القول بأن الزمن القادم للقصة فهي أمنية بالنسبة لي ما دمت أكتبها وأقرؤها.
نحن ما نقوله، ولكن أيضاً نحنُ ما لا نقولهُ)) يون كالمان ستيفنسن. أنت ماذا تقول عن ذلك؟
ما قاله ينطبق على مجتمعهم الذي أشبع القول حتى بُحث فيه عما لم يُقل، أما نحن، فما زلنا بحاجة لأن نقول كثيراً وكثيراً
وكثيراً حتى يتسنى لنا فيما بعد البحث عما لم نقله.
القصة القصيرة جداً ما رأيك في ذلك و هل ترى أنه ستكون بنت المرحلة القادمة وسيكون لها حضور قوي في عالم الأدب؟
بإخراج الومضة من عباءة القصة القصيرة جداً، قد تكون كما قلتِ، ربما تكون ابنة المرحلة القادمة. ولكن المشكلة الأساسية في القصة الومضة برأيي، أنها ليست فنا سردياً ولا يمكن نسبتها إلى السرد، بل إن اعتبارها فنا سرديا هو عمل اعتباطي، فهي لا تحمل ملامح السرد الثقافية الثقيلة المشبعة بالوصف والهم والكم والنسبية والسببية والمنطقية والثقل الحقيقي للمشاعر والمواقف المتخفية خلف السرد، قد تحقق كل هذا في الرواية والقصة القصيرة والقصيرة جداً إذا استثنينا الومضة منها، أما الومضة بحالتها الفلاشية فلا أعتقد أنها سرد سوى بالشكل أما المضمون فهي بعيدة عنه.