د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** لم يُطل مُقامًا بمصلحة الإحصاءات العامة حين وُجّهَ إليها وَفق رغبته، وقيل له وقتها: إن أهمَّ ما فيها كثرةُ الانتدابات، وكان إغراءَ ذا قيمة لشابٍ لم يكمل الحاديةَ والعشرين وقتها تعيّنَ على المرتبة السادسة براتبٍ مقدارُه: 2634 ريالًا شهريًا.
** داوم في قسم الخرائط والطباعة بإدارة الأستاذ أحمد العسعوس، وزمالة الأستاذين محمد جمعة أبو بكر، وعبدالوهاب العبدالوهاب، ورعايةِ مراسلٍ كريمٍ من أسرة « الخُشيبان» الكريمة كان يناديه: ياعمّ؛ فلا يعرف اسمَه الأول، رعاهم الله إن كانوا وإن بانُوا، مع وجود شابٍ أميركيٍ بوظيفة مؤقتة، ومستشارٍ أميركيٍ اسمه «فون» ضمن اتفاقية اللجنةِ السعودية - الأميركيةِ المشتركةِ للتعاون الاقتصادي.
** التزم بعمله فلم يُغادرْ مكتبَه إلى مكتبٍ آخرَ، ولم يُطالبْ بانتدابٍ مثلما وُعد، واجتهد في الحصول على نسخٍ من خرائط مناطق الوطن أنتجتها وزارة البترول والثروة المعدنية – كما كان اسمُها – وأودعَها القسم، ثم ساق اللهُ إليه رجلًا كريمًا من داخل المصلحة هو الأستاذ غازي الشليّل رحمه الله، الذي عرضَ عليه الالتحاقَ مثله بدورة «الإحصاء المتوسط» في معهد الإدارة ففعل وانتظم في الدورة وأنهاها بتفوقٍ وتقدير امتياز والترتيب الأول على المجموعة، ثم عرض عليه الأستاذ غازي التقديمَ لدورة الإحصاء المتقدم في المعهد كذلك، وتزاملا بها، ومن توفيق الله أنْ اجتازها بالترتيب والتقدير نفسهما.
** لفتَ تفوقُه نظرَ أحدِ أساتذة المعهد، وهو الأستاذ صلاح عون الله من السودان، أكرمه الله حيثما كان، فانتحى به قبيل نهاية الدورة المتقدمة وأبلغه أن المدير العام للمعهد الدكتور محمد الطويل يودُّ مقابلتَه، وإذ رأى ملامحَ توجسٍ في محيَّاه طمأنه، ورتب له موعدًا عبر سكرتير المدير العام الأستاذ عبدالرحمن الجويرُة، وفي اللقاء عرض عليه الدكتور الطويل الانتقال للمعهد على وظيفة ( مساعد مدرب) المكافِئةَ لوظيفة ( معيد)، فطلب أيامًا للاستشارة، ثم قدّم طلب الانضمام وبدأت المكاتباتُ بين المعهد والمصلحة لنقل خدماته.
** تعثّرت الموافقةُ في مكتب وكيل وزارة المالية للشؤون الاقتصادية الدكتور منصور التركي – مدير جامعة الملك سعود لاحقًا – رحمه الله، ويذكرُ أنه أبلغ الدكتور الطويل بذلك فاتصل هاتفيًا بالأستاذ علي الراشد المدير العام لمصلحة الإحصاءات رحمه الله مستفهمًا عن السبب، ولا ينسى دهشة أبي غسّان: (مُشْ معقول!) حين أبلغه الراشد أن الموافقة ضمن صلاحيات الوكيل.
** عرض عليه الأستاذ الراشد بتوصيةِ المستشار الأميركيّ ابتعاثه للولايات المتحدة فاعتذر مصرًا على النقل الذي أوقفه الدكتور التركي أشهرًا، وإذ راجعه في مكتبه رفض وقال له بلهجته الحازمة: (ايش تبغاهم يقولوا: وافقت عشانك التركي وأنا التركي) مع ألَّا قرابةَ بينهما، ولولا تدخلُ وإلحاحُ الأستاذ النبيل محمد بن إبراهيم الدريس رحمه الله، وكان من كبار موظفي وزارة المالية، لما تحققَ الأمر عام 1978م، والمفارقةُ أن الدكتور منصور وقّع عام 1986م خطاب الجامعة لنقله إليها من المعهد، ولهذا شأنٌ آخر.
** المصادفةُ قرار.