هذا السؤال الذي جاء في العنوان، لا يحتاج تقعّرا في اللغة - وإن كان مطلوبا ذلك - ولا تعطير السطور ولا الكثير من الحروف بخورا!
وقد نتساءل أنا وأنت وكل من يقرأ: إذا ماذا نحتاج للإجابة على سؤال كيف ألتقطُ الفكرةَ في القصّة القصيرة؟
أن نملك خطام اللغة البيضاء السهلة الممتنعة، ونسرج بالحروف على السطور، وننطلق في بسط مقام المقال طيب كيف؟
للإجابة أحتاج أن نحكي حكاية الناقد السريحي وعبده خال كنتُ سمعتها من الروائي خال: تقول الحكاية كما في سؤال خال للناقد السريحي: إذا ما ذا أكتب ياأستاذ هذه أفكاري! قام السريحي ونزع ساعته من يده وقذها بالقرب من عبده خال وهو مندهش من حركة السريحي الغريبة من وجهة نظره قائلاً له:
الآن يا عبده أكتب عن هذا الحدث!
نفهم من هذه الحكاية القصيرة أن الفكرة في بناء المقال وخصوصاً القصة القصيرة هي فِكْرَة بسيطة وتتولّد منها البناء الحقيقي لجسد العرض والعقدة إلى الخانمة والنهايات المقفلة أو المفتوحة والتي تعني إشراك القارئ في إيجاد الحلول بمعنى تحفيز القارئ لإكمال النهاية كما يراها هو!
والآن ما هي محددات صنع الفكرة الأولى عند الكاتب
كيف يلتقط بداية الأفكار؟
وهذه تحتاج بعض التفصيل فمنها:
- [الأحلام]الأحداث التي نحلم بها، وحين نستفيق نشعر أنها معنا واقعا، فعلى الكاتب أن يلتقط الفكرة في الحُلْم
ويبدأ في توظيفيها بين الخيال والواقع .. صدقوني ستخرج فكرةً خلاّقة ونصا مبدعا .
- [القراءة] وهنا لعمري لُب وأُمّ الأفكار بل مصنعها التي تتشكّل منها القصة القصيرة فبالقراءة تشحذ الهِمم وتشحن الغايات، وتتألق النهايات بدايتها قراءة ووسطها تمعًن وتمحيص ونهاياتها أجمل الأفكار وأنقاها وعلى فكرة قد تأتي الأفكار من جملة قرأناها في كتاب أو سطر أعجبنا حتى الكلمة القويّة المؤثرة تعيش فينا نتأملها، ومنها تولد الفكرة إلى توائم أفكار .
- [الحارة الشعبيّة] نعم وهذه نقطة مهمة جدا يهملها الكثير من الكتّاب وبالأخص كتّاب القصّة القصيرة فالتحدث مع البقّال، الحداد، النجّار … الاستماع جيدا لثقافة الآخرين قصصهم، آحاديثهم، دعاباتهم وهكذا حتما من خلال كل ذلك بين التحدّث والاستماع تستنبط الأفكار، وترجمتها إلى واقعنا المحلي فلم ولن نتطوّر للعالمية ما لم نبدأ من المحليّة مثال ذلك رواية المغزول والوسميّة للراحل يرحمه الله عبد العزيز المشري .
-[ حديث الأجداد ] وهنا تبدأ صناعة الأفكار خصوصا كِبار السِنّ من أجدادنا وجداتنا فحكاياتهم، قصصهم عن الجنّ والسعالية، الحروب، أبطال أبناء القرى في الشهامة والكرم في مجتمعنا السعودي كل ذلك يعدّ تسويقا لأجيالنا فنأخذ كل هذا ونطوره إسقاطا على واقعنا
طبعا هناك كتب متخصصة في هذا منها قد تأتي الأفكار في الاستحمام في حالة السفر كذلك الاستماع لمقطع في اليوتيوب في أغلب مواقع التواصل الاجتماعي، في حوارات المثقفين والأدباء والمفكرين خصوصا في تويتر كذلك الاستماع جيدا للأمسيات الشِعْريّة، القصصيّة الندوات والمحاضرات العلمية وغير ذلك كل ما ذكرته سابقا فوق هو مادة تشكّلها الأفكار.
سطر وفاصلة
سأعبر فواصل الكلمات ويمتاح حرفي الدامي
من فتات كفيك
وبحري المتلاطم يسافر في المدى محلقا
يرشف سحر عينيك
أحبك كلما اقترب غنجك يرفل مودعا
ويداي تحتسي عطر يديك
** **
- علي الزهراني (السعلي)