وللتفكك مظاهر غريبة جدا في نصوص شاكر وسيرته، وكأنّ «الإغراب» هو الوسيلة اللا شعورية المحببة لهذه الذات المولعة بلفت الأنظار وجذب الاهتمام تطلبا للحنان المفقود الذي هو جذر أزمتها، فقد جعل قصائده - وسبَق ذكرُ أمثلة منها - متنفسا لأفكاره الوجودية الحائرة المكبوتة في اللا شعور، كما جعل من مقالاته النثرية متنفسا لأفكاره الإيمانية والجهادية ضد الاستعمار والتبشير، وهي أظهرُ مِن أن يُمثل لها، وذلك لأن بنية الشعر بما فيها من مجاز تمنحه هو قبل غيره مخارج للتأويل والتبرير، فتُهيئ له وسيلة دفاع لنفسه أمام ذاته الواعية حين يؤنبه توبيخ الضمير، فكان الشعر ميدانا مناسبا لحياة الأفكار الحائرة المظلمة في الذات المضطربة، في حين أن بنية النثر أضيق في التأويل والمخارج، فكان ميدانا مناسبا لحياة الأفكار المستقيمة النيّرة في تلك الذات.
لكن يبدو أن حالة التفكك هذه لم تَطُل لدى الذات الشاكرية، فقد حَزمَتْ أمرها منذ مقال «إلى أين...؟» للتخلص منها بكبت الأفكار الحائرة والعواطف اللاهثة، والتسامي بتلك الطاقة الهائجة بتحويلها من ميدان الصراع النفسي بما ينطوي عليه من لهاث ظامئ خلف سراب الحب والحنان إلى ميدان الصراع الاجتماعي ومواجهة الاستعمار والتبشير، ولذلك تلا تلك المقالةَ المفصلية المنشورة في مجلة الرسالة سنة 1940 بأجزائها الثلاثة ذات الأعداد 362 – 364 مقالاتٌ تطهيرية بدءا من عدد 365 في مقال ذي عنوان معبر جدا: «ويلك آمِنْ...!» بالنقط الثلاثة التي حملها عنوان «إلى أين...؟»، وكأنه جزء مكمل له جاء في صورة تعليق واعٍ في صورة توبيخ شديد للتعجيل بالخروج من ذلك التيه الذي تضمنه الجدل النفسي اللا شعوري العنيف المعبّر عنه في مقال «إلى أين...؟ «وقد تضمن المقالُ حملة شديدة على العواطف الوجودية الحائرة بالاعتصام ببعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تنير الطريق وتسكّن النفس المضطربة (انظر جمهرة مقالاته 1 /193 - 198)، ثم تلا ذلك مقال «هذه هي الساعة...!»(الجمهرة 1 /199) يقارن فيه بين الشرق والغرب ويتأمل في الصراع بينهما، وكيف أن المسلمين اليوم هم جلّ الشرق وروح الشرق كما يقول، معلقا على ذلك بقوله: «ولكنهم مسلمون قد أُفْرِغوا من معاني الإسلام وبقيت ألفاظه تعيش بينهم. إن كل فضيلة من فضائل هذا الدين وكل عمل من أعماله قد انتُزِعتْ منه روحه فتعامل الناس على ما خَيّلتْ لا يبالون ما أُمِروا به ولا ما نُهُوا عنه « (1/ 203)، وفكرة إفراغ المسلمين من معاني الإسلام حتى لم يبقَ في قلوبهم إلا ألفاظه هي نفس الفكرة المتطرفة التي كان سيد قطب يرددها حينئذ في كتاباته، لكنها تلبّستْ ثوبا ثقافيا لدى محمود شاكر وبلغت ذروتها في كتابه «رسالة في الطريق إلى ثقافتنا»، كما تلبست ثوبا دينيا عند سيد قطب وبلغت ذروتها في كتابه «معالم في الطريق»، ولْيُلْحَظ هنا التشابهُ بينهما في استعمال لفظ «الطريق»، وهذه إشارة سيأتي لها مزيد بيان. ثم تلا ذلك مقال «أخوك أم الذئب...؟» عدد 367، يتحدث فيه أيضا عن الشرق والغرب ويدعو إلى رابطة تجمع الشرقيين وتوحدهم ضد الاستعمار الغربي(1/ 205)، ثم مقالُ «يوم البعث» عدد 368 امتدادًا لما قبله، داعيًا فيه إلى يقظة شرقية وعربية وإسلامية(1 /213)، على النمط الفكري الذي كان شائعا عند بعض الكتاب الإسلاميين آنذاك مقابل اجماعات التي كانت تدعو إلى رابطة إسلامية فقط لإعادة الخلافة، ثم مقال «الحضارة المتبرجة» (1 /216) عدد 370 الذي يبدو أنه كان خاتمة مقالات التطهير، تحدث فيه عن الدور المركزي للمرأة في المدنية الحديثة، وفيه نص مهم يزيد مسألة التطهير هذه وضوحا، يقول: «لكن تبرج الحضارة الأوروبية في ذلك الخَلْق الجميل الفتان ذي الحيلة والفتنة والسحر الذي يعيش في صورة الأنثى قَسَر هذه المدنية على الخضوع لسطوة الشوق المتمرد، فقام النظام كله على هوى واحد إلى المرأة..»(1/ 218)، وكأن المعنيّ الأول بهذا الهجوم هو نفسه التي يجرّها إلى التخلص من تلك المرأة الجميلة الساحرة التي فتنته واحتالت في فتنته وأسرته في حبها حتى جفّت روحه لاهثا خلف سراب حنانها، فابتكرتْ نفسُه حيلة للتخلص من هذا الأسْر الذي يأباه كبرياؤه بربط المرأة بالحضارة المتبرجة التي تستعمر الشرق الذي جوهره وروحه الإسلام والمسلمون - هكذا َصوّرتْ له الحيلة اللا شعورية – فتخضعه وتستعبده وتستذله لأنه من جملة هؤلاء الشرقيين المسلمين المستهدَفين، بل من نخبهم. ولا شك أن الحرب العالمية الثانية كانت بما جلبته من كوارث وآلام حدثًا خارجيا مزلزلا ساعد هذه الذات المتأزمة على إخراجها من تيهها وعزلتها.
ومع أن الذات الشاكرية نجحت إلى حد ما في الخروج من حالة التفكك هذه لكنّ صراع المتناقضات فيها لم يمتْ، فلم يزل يتفلّتْ من اللا شعور المرة بعد المرة شيءٌ مِن حَرّها وآلامها، كالذي ظهر مثلا من خلال قصيدة نظمها شاكر في عام 1943 بعنوان «الشجرة: ناسكة الصحراء!»، حين رأى شجرة جرداء منتصبة وحيدة في بلقع فاستحضر نفسه الشاحبة المنعزلة اللاهثة خلف ماء الحب والحنان أو التي تخلص إلى حد ما من لهاثها العاطفي، وقد غلب عليها النفس الوجودي المعهود في أشعاره السابقة، فشاع فيها الإحباط والسوداوية كقوله:
أيتها الجرداءُ في بلقعٍ قفرٍ من النابتِ والسائرِ
مُفْردةٍ تنأى بأحزانها عن هَجْمة النازلِ والزائرِ...
وعن سواد الحِقْد في باطنٍ مغلَّفٍ بالنور في الظاهرِ
عن عالمٍ زورٍ.. أباطيلُهُ حقٌ ولكن.. في يد القاهرِ..
نحن كلانا غربةٌ صٌوِّرتْ تمثالَ حيٍّ ساكنٍ حائرِ
نحن كلانا أملٌ مؤمنٌ بحقِّهِ في عالمٍ كافرِ
أثبَتَنا الخذلانُ في وحشةٍ تُطفأ فيها جمرة الناصرِ
نحن كلانا صرخةٌ حرّةٌ مأسورة في زفرة الزافرِ
وكبرياءٌ أُلبِستْ ذلةً وعُوِّدتْ إطراقةَ الصاغرِ
وكالذي ظهر في قصيدة «القوس العذراء» المنشورة في عام 1952 التي يبدو أن الذات الشاكرية قد تخلصت فيها إلى حد كبير من التمزق الذي أحدثه صراع المتناقضات، فقد بدا فيها البحث عن الحب في صورة تناصّ للتجربة الشاكرية مع تجربة عامر الخُضْريّ الذي نظم الشماخ فيه وفي قوسه قصيدته الزائية الشهيرة. ولكن الذات الشاكرية هنا استبدلت في هذه القصيدة تناقضا من نوع آخر؛ فمنذ القراءة الأولى يتضح أنها مليئة بالرموز والأساطير، وصِيغتْ - كما لاحظ إحسان عباس – في شكل مسرحي سيمفوني، في أربع دورات، مع فواصل من قصيدة الشماخ بين كل دورة وأخرى، «تشبه نشيد الجوق في المسرحية اليونانية» (القوس العذراء، ضمن دراسات عربية وإسلامية 7، 13)، فالرجل الرافض لأساليب الشعر الحديث، والذي كان يَعُدّ الرمز «جبنا لغويا» كما حكى عنه تلميذه محمود الطناحي، والذي حارب التفريغ الثقافي والتغريب الفكري ينظم قصيدة يستوحي شكلها من القصيدة الغربية الحديثة! لكن لم تنجح هذه القصيدة ولم تلاق اهتماما من النقاد، وإحسان عباس نفسه لم يكتب عنها هذه الدراسة الموجزة إلا بعد ثلاثين سنة من نشرها! وعلل خمولها بأن المجلة التي نُشِرتْ فيها كانت قليلة القراء، وأن طولها صرف القراء عنها، وأن اعتمادها على مقدمتها النثرية أفقدها استقلالها، وأنها لم تستغنِ عن التناسب العمودي خلافا لمزاج الشعر الحديث الذي كان ينحو في الشكل آنذاك منحى آخر، وأنها عالجت مشكلة فنية غير مهمة في الجو النقدي العام آنذاك، وهي علاقة الفنان بعمله الفني، فهذه القضية كانت حينئذ ترفًا فنيا ولم تكن هي المشكلة الكبرى (السابق 13 -14)، لكن غاب عنه أهم سبب في خمولها وإعراض الأدباء والنقاد عنها وهو أنها باهتة المضمون وليس فيها إلا الإغراب في شكلها ولفظها، ولولا هذا الإغراب لما وجد أصدقاؤه الذين كتبوا عنها شيئا يقولونه، ولعل المجاملة كانت أهم دوافع كتابتهم عنها! وقد كانت مناسبتها العاطفية جديرة بأن ينشأ عنها نص بديع لكن الشعلة النفسية التي كانت توقِد فيما مضى قصائدَ ديوان البغضاء وأمثالها قد خمدتْ وقت كتابة القوس العذراء فلم تجد ما تقتات عليه إلا زبرقة شكلية وقعقعات لفظية، ويدل على ذلك قوله في خاتمة قصيدة «الشجرة: ناسكة الصحراء»:
تسمو الأماني بين أرجائها
قد طُهِّرتْ بالألم العاصِرِ
فلم يأتِ موعد قصيدة القوس العذراء بعد تسع سنوات من نشر قصيدة ناسكة الصحراء إلا وقد كانت عملية التطهير التي مارستها الذات المضطربة على نفسها قد آتت أكلها إلى حد كبير.
نعم استطاعت الذات الشاكرية أن توجه طاقاتها التي شتتها الصراع النفسي توجيها نافعا عن طريق التسامي بها نحو مجالات الكتابة النقدية والتحقيقية، وأن تكبت الأفكار الحائرة والعواطف اللاهثة إلى حد كبير حتى خمدت جذوتها عند بلوغ شاكر الأربعين أو فوقها بقليل (وقت نشر القوس العذراء)، ولكن المكبوت في اللا شعور لا يزال يبحث عن مخارج ليبرز إلى العلن في صوَرٍ متحوّلة، فهل كانت الذات الشاكرية في منجى من هذه الحيل اللا شعورية؟ وهل هذا ممكن أصلا؟! فمن الذي يسعه الاستغناء عن الحب والحنان والاهتمام؟! خصوصا الروح التي عانت من فقدان ذلك منذ طفولتها، ثم عانت آلام ما تصوّرتْه خيانة وخذلانا حتى انكسرتْ واضمحلّت كما قال في ختام مقالات «إلى أين...؟»: «فكيف لا يضمحل الرجل؟ كيف لا يضمحل؟!» (جمهرة مقالاته1/ 192).
أبدًا لم تنجُ الذات الشاكرية من ذلك فقد ابتكر اللا شعور حيلة «الإغراب» للتعويض عن الشعور بالدونية والنبذ؛ فصارت أعمال شاكر النقدية والتحقيقية موسومة بطابع الإغراب، لأن الإغراب يلفت الانتباه ويثير الاهتمام فيشبع غريزة النرجسي المتطلب للتقدير والاهتمام الذي لا شك أن فيه تعويضا عن الحب المفقود والحنان المنشود الذي قضت الذات شطرا من عمرها وهي تطارد سرابه، فكتاب المتنبي حوى آراء غريبة لم ينجح في إقامة الحجة عليها، كعلوية المتنبي وحبه لخولة أخت سيف الدولة، وكأن خبيئة الحب الفاشل المستكنة في اللا شعور كانت تحاول التعويض عن فشلها عن طريق آلية التقمّص لشخصية المتنبي التي هامت بحبها الذات الشاكرية، فجَعلَتْ المتنبي علويا مظلوما يطالب بحقه ويصارع في سبيل إظهار علويته المخذولة سعيا وراء مجده المسلوب! مثلما أنّ شاكرا المظلوم عاطفيا هو من أسرة تنتمي إلى البيت العلوي.
سأطلب حقي بالقنا ومشايخٍ كأنهمُ من طول ما التثموا مُرْدُ
وكان كذلك معذبا بحبه خولة التي ما كان يستطيع الحصول عليها، فغدت حياته جحيما ما بين حق مسلوب وحب محروم! مثلما تعذبت الذات الشاكرية بسعيها خلف تلك المرأة الساحرة الخائنة دون أن تبلّ رمقها إلا ببريق سرابها! لكنّ ما نسبه إلى المتنبي ظنون لا حقيقة لها في ميزان النقد الصحيح، وإن كانت حقائق قطعية عند الذات النرجسية، ولا بد من الاستماتة في ا لدفاع عنها، لأن هذه الذات محتاجة إليها، فالتقمّص اللا شعوري هنا مفيد جدا للتخفيف الداخلي لآلام الصراع النفسي الضاغطة على الذات، كما أن الإغراب مفيد جدا في جذب الانتباه والتقدير الخارجي، فلكلا الآليتين (التقمص والإغراب) وظيفته الخاصة في التعويض والتخفيف من الآلام.
وكذلك نشره للمخطوطات التراثية يمتاز غالبا بالإغراب في العناوين أو التعليقات، فالكتاب المعروف قديما وحديثا باسم «طبقات الشعراء» لابن سلام أخرجه باسم «طبقات فحول الشعراء»، وكأنّه كان يتوقع الاستشكال والانتقاد، فالأمور الغريبة معرضة للانتقاد بطبيعتها، فما إنْ ظهر مقال علي جواد الطاهر حتى انبرى للرد بكتاب كامل «برنامج طبقات فحول الشعراء» يكاد ينفجر توترا وغضبا! في حين أن الأمر أهون من ذلك جدا، وكأنه كان متوترا بأثر رجعي! ونصّ في المقدمة على أن السبب المانع له من الإغضاء عن مقال الطاهر هو ما في تعامله الأدبي معه من «غرائب» سواء في مراسلاته الشخصية أو علاقة مقاله المنشور برسائله الشخصية إلى محمود شاكر (انظر مقدمة البرنامج 9 – 10) وفي هذا دلالة على ولعه بالإغراب والغرائب إبداعا أو نقدا! ولا استبعد أن غرابة ما تَصوره سلوكا مخادعا من علي الطاهر أثارت فضوله فتحمس لكشف خبيئة هذه الغرائب الطاهرية لا حبا فيها ولكن غيرة - فيما يبدو - ممن تَخيله منافسا له في أخص خصائصه! أما الشروح اللغوية التي زعمها استدراكاتٍ على اللغويين فقد تَمدد فيها الإغرابُ اللغوي وضرب بأطنابه، وكأن الذات النرجسية رأت فيها العروة الوثقى للنجاة في عالم جدْبٍ من الحب والحنان والاهتمام! فما أجمل أن يستدرك اللغوي المعاصر على كل القدماء فلا يرتفع حينئذ إلى مقامهم ويقف معهم جنبا إلى جنب فحسب بل يعلوهم على وجه من الوجوه! وفي هذا – دون شك – إشباع لحاجة التقدير والاهتمام وتعويض عن ذلك الشعور المكبوت؛ شعور النبذ والدونية. وكذلك الأمر في استدراكاته اللغوية الأخرى التي دوّنها في حواشي جمهرة الزبير بن بكار وتفسير الطبري، وإغراباته الأخرى في نمط صعب ونمط مخيف وغيرها مما سأتناوله فيما سيأتي.
وقد تعجب بعض النقاد من توقف محمود شاكر عن الاستمرار في إبداعاته وتطويرها، كما تعجب إحسان عباس في دراسته المذكورة آنفا من ذلك، ولام شاكرا على صمته بعد قصيدة القوس العذراء قائلا «إن الناس في هذه الأيام لا يدينون إلا للمذهبية» (دراسات عربية وإسلامية 15)، ولكن لو عَلم الدافع النفسي الخفي لهذه الإبداعات اليتيمة لارتفع تعجبه؛ فمن يتحكم الإغرابُ في إبداعه سرعان ما يمل إذا تحقق هدف إغرابه فيولي وجهه شطر إغراب جديد، فليس قصدُه الأول تأسيس مذهب قائم يُرسِّخ به طريقة فنية أو منهجا نقديا، ولذلك لم يستمر بعد كتاب المتنبي ليطور نهجا نقديا خاصا، وكذلك الأمر في مقالاته النقدية الأخرى كنمط صعب ونمط مخيف التي لم يكتبها إلا بعد إلحاح من صديقه يحيى حقي ليبين فيها منهجه النقدي، فكتبها واستطرد فيها كثيرا، وملأها غثاء وثرثرة، ثم لا تخرج منها بصورة واضحة لما يمكن أن يُعتد به منهجا أو مذهبا في النقد. وكذلك الأمر أيضا في تحقيقاته التي سرعان ما ينصرف عن إكمالها إلى غيرها كتفسير الطبري وجمهرة الزبير بن بكار والإمتاع للمقريزي.
وحتى المواقف المفصلية في سيرته يمكن تفسيرها بافتراض الإغراب، كاصطدامه حين كان طالبا مع أستاذه طه حسين وإصراره على ترك الجامعة مع إلحاح والده وأساتذته الذين قدموا بيت أبيه لرجائه أن يعدل عن قراره، ومع رجاء أستاذه طه حسين نفسه، وهو متصلب في رأيه لا يبدي أيّ لينٍ أو مداراة؛ فهذا إغراق في التصلب فوق الحاجة بمراحل، ويَصْعُب فهمه إلا من خلال ما سبق ذكره من الانتقام الخفي، أو بما نقوله هنا من الإغراب في الموقف كسبًا للثناء من الموافق والمخالف؛ إذْ يضحّي هذا الصبيُ بمستقبله دفاعا عن المبدأ المنتهك وغيرة على قيمة الجامعة المتهدمة في نفس الصبي!
** **
- د. خالد الغامدي