ميسون أبو بكر
يمكننا أن نتوقَّع أخطاء وسقطات من أشخاص عاديين لا باع لهم في الفن والثقافة والعلم، لكن الكارثة أن تصدر جمل كارثية عن فنانين ومثقفين فـ(غلطة الشاطر بعشرة) كما يقولون، وموقف محمد صبحي قبل أيام وإعلانه رفضه عرض تقديم مسرحيته في السعودية مقابل مبلغ مالي ضخم حسب ادعائه الكاذب لا يليق بمكانة فنان تابعناه وكنا شريحة من جمهوره في الماضي وأكرر الماضي لأنه لم يجدد من نفسه مؤخرًا ولم يشتغل على إضافة جديدة للفن والجمهور، ومع تراجعه فنياً لم يعد ضمن اهتمامات موسم الرياض لتدعوه كما دعت غيره للمشاركة في فعاليات الموسم.
تصريح محمد صبحي إن كان لا يليق أن يصدر عن فنان فهو أيضاً إساءة لزملائه الفنانين المصريين الذين حضروا إلى المملكة وقدموا عروضاً حظيت بجمهور كبير وضيافة تليق بهم وبمضيفهم، وقوله إنه حريص على الفن المصري غيور عليه فهو مثير للجدل والغرابة وفيه عنصرية مقيتة الفن والفنانون منها براء.
موسم الرياض ضم عروضاً مختلفة لفنون متنوعة وعلى مسارح عظيمة حملت أسماء سعودية بارزة وعربية كذلك في لفتة رائعة من المملكة لأهل الفن، وقد شهد الموسم حضوراً لإخوتنا الخليجيين والعرب من كل مكان لحضور الموسم بفعالياته والذي فاق حضوره التوقعات والتخيلات والذي عده مراقبون أنه الحدث الأهم بكل الإمكانات التي كرست له والحضور والمشاركين الذين وقَّعوا بحب أجمل كلماتهم وتعليقاتهم عن حضورهم ومشاركتهم على أرض المملكة والتي وصلت بحب قلوب السعوديين، فقد كان من الأولى أن يبتهج بهذا النجاح وهذا الحدث الكبير بدلاً من إثارة الجدل والتساؤلات حول موقفه الذي لا يدل على محبة وشعور فنان سعيد بما يحدث في المملكة.
موسم الرياض تمخض عن رؤية المملكة الجديدة التي من ركائزها الاهتمام بالثقافة والفنون المختلفة والانفتاح على ثقافات الآخر وتمازج الثقافات المختلفة فهل يزعج الفنان محمد صبحي هذا النجاح وإقبال الناس على الفنون المختلفة وفتح باب الترفيه الذي يعد المسرح أحد روافده المهمة لمجرد أنه لم يدع إلى المشاركة ضمن فعاليات موسم الرياض؟
لقد كنا جمهوراً مخلصاً للفن المصري في مراحل أوجه وأيضاً في الأوقات التي تعثر فيها وقدم أعمالاً لم تكن بحجم الفن المصري الذي كان بوصلة للعرب جميعاً مغاربة ومشرقيين ولا أنسى قول إخواننا المغاربة الذين رددوا مراراً لقد تعلّمنا العربية من المسلسلات والأفلام المصرية فقد كانت كرغيف السعادة لنا جميعاً تقاسمناها بحب وفخر ودون حسد. إن كان محمد صبحي لا يعتبر الفن ترفيهاً فتحت أي مسمى يدرج مسرحياته؟
بحب نقول لكل الفنانين الذين قصدوا المملكة يقدمون فنونهم المختلفة لجمهورها وعلى مسارحها العظيمة التي شيدت بشوق وشغف للفنون والجمال أهلاً بكم.. أسعدتنا بهجتكم بما يحدث على أرض المملكة التي تعانق المجد والحياة والتي أثبت جمهورها أنهم الأكبر عربياً.. وأنهم التواقون للقاء أهل الثقافة والفن بعد سنوات من حرمانهم لقائهم على أرضهم. ما أثاره الفنان محمد صبحي من جدل أثار التفرقة والعنصرية بين المتابعين أعاده للواجهة لأنه غائب منذ زمن ولم يعد يحظى بتلك الجماهيرية التي صنعها له جمهوره في فترة ذهبية، والذي يذكرني بالمثل .. «من يقرع الباب يسمع الجواب»، وأنا متأكدة أنه كان بغنى كفنان أن يجرح شعور زملائه الفنانين المصريين كما فعل. نقول لعمالقة الفن الذين ابتهجوا بحضورهم الموسم وأبناء الفنانين المكرّمين الذين لم تغفل المملكة تكريمهم: حللتم أهلاً على الحدث الأهم في الشرق الأوسط وبين جمهوركم وعلى أرض ترحب بكم، أسعدتمونا وفنكم الراقي.. مسارح المملكة تضيء بكم، تنبض بقلوبكم التي شاركتها النجاح، شكراً أن كنتم شركاء النجاح، فكل كلمة طيبة نبتت كسنابل في واحات هذا الوطن.. وكل ابتسامة حب وبهجة صديق سطعت كشمس شارقة.. ابتهج الفنان السعودي والمواطن السعودي بهذه المشاركة فنحن بكم نكبر ونشرق بحب في كون يتسع للجميع ويزهو بنجاحات المتميزين أصدقاء النجاح.