أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
(هيَّا نُرَتِّب هذه ..
الزهور .
في ذاك الإناء الجميل.
ما دام ليس عندنا رز).
قال أبو عبدالرحمن: هو بهذه الترجمة نثر عادي لا نشعر بجماله الفني عند اليابانيين.. والذي نفهمه في أمثال أهل نجد: السواليف ولا البيع الردي!!
** ولم تكن نبوةٌ مُكْتَسَبَةْ
ولو رقى في الخير أعلى عَقَبَةْ
بل ذاك فضل الله يؤتيهِ لمنْ
يشاءُ جلَّ اللهُ واهب المِنَنْ
برهان الدين إبراهيم بن هارون اللقاني (- 1041هـ)
*** للهِ تدبيرٌ محتَّمُ القضاءْ
كالموت والمآلِ خيراً أو شقاءْ
فذاك كونيٌّ محقَّق يَقَعْ
وليس للمخلوق فيه متَّسَعْ
ولا عقابَ فيه يُجْزى أو ثواب
إلا الرضا بالحكم في أم الكتابْ
والعبدُ ذو الحرية الكونيةِ
تجاه دينٍ واجبِ الشرْعيةِ
لكنه يُجْزى على اختيارِهِ
والتركُ حُوبُهُ على اقتدارِهِ
- أبو عبدالرحمن الظاهري
* أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب
وفيضي آبار تكرور تِبراً
أنا إن عشت لست أعدم قوتاً
وإذا مت لست أعدم قبراً
- القاضي الجرجاني
** قال الفقيه إسماعيل بن علي بن حسين البغدادي المأموني المعروف بابن الرفاء في تصوير حرص ابن آدم:
دليل على حرص ابن آدم أنه
ويبسطها عند الممات إشارة
ترى كفَّه مضمومةً وقت وضعهِ
إلى صِفْرها بعد جمعهِ
قال أبو عبدالرحمن: في بعض الأساطير أن يد اليهودي أوَّل ما يَخْرُج منه، وتخرج مبسوطة، ويموت وهي مقبوضة بعكس هذه الصورة.. وهي أبلغ في وصف ماديَّتهم، وجشعهم، ودناءتهم.. إن المولود يُولد باكياً مقبوض الكف؛ فإذا مات فتحها.. وعلل الناس ذلك بأنه إشارة إلى حرص الإنسان حياً، وأنه خرج من الدنيا بغير شيء.
*** وقال شاعر آخر:
وفي قبض كف الطفل عند وِلادِه
وفي بسطها عند الممات إشارة
دليل على الحرص المركَّب في الحيِّ
ألا فانظروني قد خرجتُ بلا شيء
* لِما تُؤْذن الدنيا به من صروفها
وإلا فما يبكيه منها وإنها
إذا أبصر الدنيا استهلَّ كأنه
يكون بكاء الطفل ساعة يُولدُ
لأوسع مما كان فيه وأرغدُ
بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ
** كتم اللسانُ عليك فاستَمَعَتْ
وكذا عقولُ ذوي العقول على
قد كنتُ تُبْتُ من الهجاء فإن
فطنٌ لما جمجمتَ مُستمِعة
أسرار أهل الجهل مُطَّلِعة
شاء اللئام أعدتُها جَذِعة
ابن الرومي: ديوانه 4/ 133، تحقيق عبد (رب) الأمير مهنا الطبعة الأولى/ 1411 .
قال أبو عبدالرحمن: الجَمْجَمة عدم الإفصاح، وهذا شعرٌ فكريٌّ مَنَحَ الهجاءَ جمالاً.
* * *
المرموزُ له المُتَعَيِّن : من أبسط النماذج في الأدب التراثي ما يُسَمَّى في بديع البلاغة العربية (توجيهاً) لا يحتمل غير وجهين كخيَّاط أعور خاط لبشار بن برد قباء ؛ فأقسم بشار على أن يقول فيه شعراً لا يعلم الناس أنه مديح أو هجاء، ثم قال:
خاطَ لي عمروٌ قباءْ
ليت عينيه سواء
قال أبو عبدالرحمن: إن كان المعاصرُ بشاراً رأى القِباء، وأنه لا عيب فيه، وأنه مُشْبِعٌ رغبةَ بشار فالبيت مديح؛ إذْ تمنى أن تكون عيناه سلميتان.. وإن كان في القباء عيب، وأحسُّ من بشار أنه غير راض عنه فالبيت هجاء؛ إذْ تمنى أن تكون العين السليمة كالعوراء.. ولكن ما حالنا نحن المعاصرين ما دمنا لا نعلم شيئاً عن قباء بشار، ومدى رضاه به؟!.. إن حالنا بكل تأكيد أن البيت هجاء؛ لأن الشعر يقصد وضوح المدح بلا احتمال ينغِّصه.. وأما قلب كافوريات المتنبي إلى هجاء فهي في وقتها مديح لزعيم له هيبة ومنه خطر، وليس خيَّاط بشار كذلكّ.
* * *
التاريخ عِلمٌ :
أرسطو مثلاً يربط المعرفة التاريخية بمظاهر الذاكرة، ويرى أن التعرُّف التاريخي يُخْلي مكانَهُ للشعر؛ فهو أقرب إليه منه إلى العلم.. وفرانسيس بيكون (الذي يخالف أرسطو) يجعل التعرُّفَ التاريخي خارجَ العلم وتفسيرِه؛ على أنه نوع من الفن، وأنه نظام سياسي أخلاقي مساعد لا يثير أي اعتراضات.. قال راكيتوف : وقد ظل هذا التفسير سارياً مدة طويلة من الزمن، و في القرن التاسع عشر فقط حُقِّقت مسألة إمكانية العلم التاريخي، وظهرت حلول جديدة.. المعرفة التاريخية ص 110 لأناتولي راكيتوف، وهو كاتب ماركسي.
قال أبو عبدالرحمن: التاريخ وقائع منها السياسيُّ والحضاري والعلمي والأدبي؛ فهو موضوع لكل المعارف البشرية.. وبعد ذلك فالتاريخ ذو أصول ومنطق؛ فهو حقل علمي قائم بنفسه، والزعم بأن التاريخ أقرب إلى الشعر بمقابل العلم إنما يكون عندما يكون همُّ المؤرِّخ والقارئ المسامرة بكل نادرة بدون اعتناء بالنقد والتحليل والتفسير والاستنباط والتأصيل، وإلى لقاء قريب عاجل إن شاء الله، والله المستعان
** **
(محمد بن عمر بن عبدالرحمن العقيل) - عفا الله عَنِّي، وعنهم، وعن جميع إخواني المسلمين -