د.شريف بن محمد الأتربي
لم يسقط ريان وحده في البئر، بل سقط العالم أجمع في بئر عميق الله أعلم من سيخرج منه ومن سيبقى فيه. لقد كان سقوط ريان- رحمه الله- في البئر مؤذنا لنفير الاستعداد للرحيل المنتظر أو المفاجئ، كانت سقطة ريان في البئر موجعة له ولنا، كان ألم السقوط مختلفا لدى كل من قرأ أو سمع أو عاش أحداث البئر وما فيها من حكايات.
تناولت وسائل الإعلام بكل أطيافها العالمية والإقليمية والمحلية قصة سقوط ريان، ولأول مرة يجتمع العالم أجمع على رجاء واحد من الله جميعا، رجاء ليس فيه منفعة لأحد سوى ريان ووالديه أن يخرج لهم ولنا من البئر سالما معافى، وشاء الله أن يخرج ليولد أمل النجاة، وشاء الله أن يتوفى ليكون آية وعبرة لمن رآه.
سقط ريان وتألم وتألمنا جميعا لسقوطه 32 مترا في ثوان معدودة، يا الله يتخبط الجسد النحيل في حجارة ورمال البئر ليستقر في بقعة لا ضوء فيها ولا حياة ولا أمل في النجاة، وكلما تخيلت المشهد زاد وقع الألم في نفسي وفي جسدي وفي عقلي، طفل صغير بصحبة أبوية يختطف فجأة ليهوى في الأعماق ونهوى جميعا معه، وإن كان نهوى كل منا مختلف عن الآخر، كل منا رأى ريان وهو يقترب من حافة البئر لينزع غطاءه ويسقط فيه، كل منا لديه بئر يسقط فيه يوميا ولحظيا والله ينجيه ولكن لا أحد يكترث فقد تحول الستر الإلهي لنا جميعا إلى تعود، إلى شعور بالطمأنينة وعدم الرهبة، وفي كل بئر هناك الكثير والكثير من الحكايات، حكايات فرح، وألم وحزن وسعادة، إنها النفس يا عزيزي؛ بئرنا هي أنفسنا التي نعيش فيها نهوي فيها وتهوي بنا لا ندري من يقود الآخر ومن سينتصر في الخاتمة.
لقد كان سقوط ريان في البئر نذيرا من الله للعالم أجمع للناس جميعا لقد اقترب سقوطكم فماذا أعددتم له، هل اكتفيتم بالدعاء وبالدموع التي سالت أنهارا وأودية، أم بالمشاركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإطلاق الهشتاقات المؤازرة الداعمة، ماذا أعددتم لريان جديد سيسقط في البئر، ولن يعرف عنه أحد شيئا ماذا أعددتم لأنفسكم إذا هويتم في بئر أعمالكم، لقد تصدرت أخبار ريان- رحمه الله- كل وسائل التواصل ومثلت ترند لكل المتابعين، واليوم أو غدا لن يكون هناك ريان ولكن سنكون أنا وأنت في داخل البئر نبحث عن ريان الذي ولد ليكون أيقونة حياة لغد جديد لمن اتعظ بما رآه أو سمعه أو قرأه.
لا تنقذوا ريان فقد ولد ليموت ويبكي العالم كله عليه، ولكن أنقذوا أنفسكم قبل أن يأكلكم ذئب بئر ريان.