د.عبدالعزيز الجار الله
حادثة المغرب (قيل ما قيل فيها) عن الطفل المغربي ريان أورام، الذي توفي يرحمه الله رحمة واسعة يوم السبت الماضي أثر سقوطه في بئر بإقليم شفشاون شمال المملكة المغربية يوم الثلاثاء قبل الماضي.
وكان عمق البئر المهجورة (32) مترا في أرض طينية، لربما أن ريان توفاه الله نتيجة السقوط المباشر، أو تعرض لإصابات شديدة أفقدته الوعي ثم مات، أو أصيب بصدمة نفسية لحصاره لمدة خمسة أيام في ظلمة الليل والنهار بلا أكل أو شرب ونقص في الأكسجين، فالاحتمالات والأسباب كثيرة، والآن هو عند رب رحيم لطيف بعباده، سيكون بإذن الله شفيعا لوالديه يوم الحساب، لكن ريان المغربي والعربي جعل الأرض العربية والشعوب العربية تتوحد وتنتظر خروجه كل دقيقة تتبع أخباره عبر أجهزتها النقالة والمحطات التلفزيونية تتابع تطورات إنقاذه.
إذن ريان المغربي الطفل العربي وحد مشاعر العرب وذكرنا بمغربنا العربي وشرقنا الأوسط، وشمالنا الإفريقي، وقوافل تاريخنا العربي والإسلامي، حين كانت القوافل العربية تتنقل عبر الصحاري من الشمال الإفريقي وعبر مصر والشام إلى الجزيرة العربية، ورحلات معاكسة من الجزيرة العربية والخليج العربي والبحر الأحمر، إلى بلاد المغرب وجبال أطلس والصحراء الكبرى وشواطئ المحيط الأطلسي، تتنقل عبر آبارها المحفورة والمطوية بالحجارة في كل نواحي صحاري إفريقيا العربية وجنوب غرب آسيا، تعدادها يتجاوز المليون بئر مهجورة، انخفض عنها منسوب المياه وهجرت، كانت التنقلات في بلاد العرب حين كانت الجغرافيا واحدة والأقطار موحدة، كان الرحالة والزراع والأرياف والبادية يحفرون الأرض بحثا عن الماء، وتتوافر العيون والآبار بكثرة على طرق القوافل وفي السهوب الزراعية، والمستوطنات الصغيرة تحت الهضاب وعلى شفير الأودية وفي نهاية القيعان والرياض الزراعية، وعندما انتقلنا إلى حياة الدولة الحديثة هجرت هذه الآبار وأصبحت شراك ومصائد للأطفال والسكان تبتلعهم وتخفيهم في جوفها.
ذكرنا ريان رحمه الله، بالعاطفة العربية التي لا حدود لها، وكيف أن العاطفة العربية والإنسانية ليس لها محددات من طالس وخرائط، ذكرنا بأطفال لم ننسهم كانوا ضحايا ثورات الربيع العربي التي أحرقت أوطان العرب، خطط لها الغرب أوروبا وأمريكا وأشرفت عليها إيران بالميليشيات والسلاح وتدمير الدول.
ريان سيبقى حالة عربية تذكر بأننا نعيش في تحضر جديد لا وجود للآبار المهجورة.