م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. صديقي إبراهيم مثقف غزير المواضيع والتعليقات والاستشهادات.. لذلك هو أنيس اللقاءات عادة.. صديقي إبراهيم لديه ميزة أخرى وهي أنه دائماً مغمور بدهن العود الممتاز.. فإذا عانقته شممت دهن عود طري يفعل فعل السحر فيمن يحب دهن العود مثلي.. أما إذا لم تكن كذلك فسوف تعرف الفرق إذا تصادف أن عانقت شخصاً تفوح رائحة فريون السيارة من غترته.. أو وهج الشمس من شماغه.. أو رائحة العرق من جسده.. أو دخان السجائر من ثيابه.. أو أنفاس الثوم أو البصل من فمه.. وحينما أثني على رائحة دهن العود في شماغه يناكفني ويقول: هذا الذي لا تشمه في الليبراليين!
2. صديقي إبراهيم ينزع إلى الوعظ بالتخويف من عذاب القبر وعذاب يوم القيامة وخطر مخالطة الآخر المختلف.. وقليلاً ما يُذَكِّر برحمة الله وسعة مغفرته.. كما يميل إلى التشدد في تطبيق شق البراء من عقيدة الولاء والبراء.. وحينما نقول له إنك تدعو إلى الكراهية باسم الله يستنكر ذلك ويقول إنه يدعو إلى الله بكراهية المخالف! وهو في كل ما يقول ومهما اختلفت معه مخلص في رأيه وظنونه.
3. صديقي إبراهيم يؤول الأمور والحالات والأحداث حسب رؤيته المغموسة كثيراً بجو المؤامرة.. وأن الذي يجري هو استهداف لمجتمعنا لإخراجه من دينه.. أما إذا أعياه الجواب فيقول: في فمي ماء.. وهذه النظرة السوداوية ليست فيه وحده، بل هي سمة عامة في جيل الصحوة.. ففي رأيهم أن ديننا مستهدف من الغرب.. ومجتمعنا مستهدف من الليبراليين.. ولغتنا مستهدفة من المتغربين.. وعاداتنا مستهدفة من المسلوبين المنهزمين.. وثقافتنا مستهدفة من الحداثيين.. ووطننا مستهدف من العلمانيين.
4. صديقي إبراهيم تدهشني مثابرته على الدفاع عمَّا يراه تياره.. وتعجبني مهارته في اقتباساته من المرويات والآراء التاريخية كتعبير عمَّا يراه.. وهو مثال للمواطن الذي أتمنى أن يتشكَّل منهم جزء من نسيج الوطن رغم اختلافي الكبير والعميق مع جوانب من فكره.
5. صديقي إبراهيم لديه مشكلة هي أيضاً سمة عامة تقريباً في الصحويين.. المشكلة أن تلك السمة تستفزني فأعلق عليها بحدة كلما مارسها علينا في (قروب الواتساب).. هذه السمة لا أريدها أن تفقدني إياه فهو صديق صالح لا شك في ذلك.. لكن أن يقلّل من علم عالم فقط لأنه على غير مذهبه.. أو يستهزئ بفكر مفكر فقط لأنه ليبرالي وليس صحوياً عتيداً مثله.. أو أن يتشدد في تأويلات تدعو إلى كراهية وعداء المخالف فقط لأنه يختلف عنا فكراً أو مذهباً أو ديناً.. فهذه مرحلة تجاوزناها ولا يليق بنا أن نستمر فيها.. ما عدا ذلك فكل شيء آخر منه مقبول بما في ذلك مواعظه لنا ونحن أعضاء (القروب) ندور حول حمى الستين وكلنا ذوي تعليم عالٍ.. ووعظنا فيه تقليل من إفهامنا.
6. صديقي إبراهيم باستقامته وأخلاقه ونجاحه العملي لا شك أنه إضافة وطنية صالحة.. فقط ليته يترك عنه وهم أن أي تمدن نسعى إليه هو استدراج للتفلّت من الدين وأنها شنشنة يعرفها منذ أخزم.