مسيرة التنمية والبناء التي قدّمتها محافظة وادي الدواسر، بتوجيهات ورؤى القيادة الرشيدة، تستحق أن يُحتفى بها بعمل توثيقي للأجيال التالية، يروي علامات مضيئة من تاريخ المحافظة قديماً، ويكشف جماليات وادي الدواسر، بأزقّته وبيوته المتواضعة.. أركانه وسطوحه.. عتباته.. وفجوات نوافذه.. وأسمال ناسه الزهيدة.
الجمهور يعرف ما هي مكانة وادي الدواسر، وما يمثّله بين محافظات المملكة، وما يقدّمه في مجال السياحة والثقافة، هي تجربة انتقال بالزمن، والتجوّل في أماكنه مع أهله قبل عشرات السنين، لمعايشة تفاصيل من هويته المكانيّة، ومتابعة مسيرة نهضته، من خلال عمل تأليفي، أجزم بأنّ المؤلف قد رعاه، وأحسن اختيار صوره وإخراجه، حتى خرج بالصورة التي رأيناها جميعاً.
جمع الأستاذ مبارك بن عوض الدوسري، محبي التاريخ في كتابه «من قديم مباني وشوارع وادي الدواسر»، في عرض مصوّر بأكثر من 150 صورة، ليأخذ القرَّاء في رحلة بصريّة رائعة، تحتفي بملامح محافظة وادي الدواسر قبل خمسة عقود، لأن لغة الصورة هي خير شاهد، وخير دليل على ما يود الإشارة إليه.
وتطالعنا الصور في ذلك الكتاب بما تزخر به المحافظة منذ أقدم العصور؛ لموقعها الجغرافي ذي الأهمية الكبيرة في خريطة جزيرتنا العربية، فهي تربط منطقة الرياض بثلاث مناطق إدارية أخرى هي منطقة عسير ومنطقة مكة المكرمة ومنطقة نجران، الذي جعلها مهداً لحضارات عريقة ومركز تواصل بين العديد من الحضارات القديمة التي استوطنت بها على مر العصور والأزمان.
ولقد شهد وادي الدواسر نهضة حضارية معاصرة في مختلف مجالات الحياة التعليمية والصحية والثقافية والاجتماعية والعمرانية وغيرها، ويصعب على المتابع لمظاهر تلك النهضة أن يقف بسهولة على كافة جوانبها لتعدد وتشعب مظاهر تلك النهضة، وضخامة ما تحقق فيها من إنجازات تعد إعجازاً بكل المقاييس، إذا وضعنا في الحسبان تلك الفترة الزمنية القصيرة التي تحققت من خلالها. غير أن من يحاول تتبع أسباب تلك النهضة التي تحققت فوق أرضه - كغيره من المحافظات - وبهذه الصورة المدهشة يسهل عليه أن يرجعها إلى العديد من العوامل المتصلة بالأمن والاستقرار، وحرص الدولة على تنمية الإنسان والعناية به وتوفير كافة وسائل الرفاهية والسعادة له، واستغلال كافة الموارد التي أفاء لله بها على المملكة، لتحقيق تقدم الوطن ورفاهية المواطن، وقبل ذلك وبعده تلك المنطلقات العقدية التي يقوم عليها نظام الحكم في المملكة.
والأستاذ مبارك بن عوض الدوسري يستحق كل تقدير وثناء من كل أهالي وادي الدواسر والمحققين بالبحوث التاريخية، فقد جمع شوارد الصور من أرض الواقع، وقدَّمها على طبق من ذهب للحريصين على معرفة تاريخهم المحلي.
أحيِّي الأستاذ مبارك بن عوض الدوسري بعد ظهور كتابه الأول في تاريخ وادي الدواسر، وأتمنى له التوفيق في المستقبل، لأنني على دراية تامة بما تحفل به خزائنه من معلومات يجب أن ترى طريقاً للنشر للتعريف بمحافظة وادي الدواسر وجهود رجالها المخلصين في شتى الميادين، وهو من المؤهلين للقيام بهذا العمل إن شاء الله تعالى.
** **
- محمد بن عبدالله آل شملان