سمر المقرن

لا تتوقف الحياة بسبب ضياع شيء أو إنسان، فالوقت لا يتوقف عندما تتعطَّل الساعة، والشمس لا تكف عن الإشراق والكرة الأرضية لا تتوقف عن الدوران. أما حكاية لا يمكن أن أعيش دون «.....» فهي فكرة خاطئة تضع أغلال الأسر في يد الإنسان فتسلّمه لنيران اليأس والهلاك!

بلا شك يتألم الإنسان لفقد شخص عزيز وقد يعيش وفي قلبه غصة ولكن سرعان ما يداوي جرَّاح «النسيان» الماهر الآلام ويطبب الجروح ثم تستمر الحياة، والإنسان العاقل هو من يستخدم محنه ومصائبه وحتى عجزة كأدوات بناء لحياة جديدة.

وحتى لو خسر الإنسان إحدى حواسه أو أحد أطرافه فيمكنه أن يصنع من محنته تفوقاً ونجاحاً وهناك نماذج عبر التاريخ لأشخاص فقدوا أشياء غالية فلم يركنوا لليأس وصنعوا من الفقد كمالاً ومن العجز بطولات في كافة المجالات. منهم: العالمة الأمريكية هيلين كلير التي أُصيبت بالحمى القرمزية التي أفقدتها السمع والإبصار وهي في عمر عام ونصف فلم تستسلم والتحقت بمعهد لفاقدي البصر وتعلّمت طريقة برايل للقراءة وتعلّمت الكتابة وأتقنت 4 لغات هي الألمانية والفرنسية واليونانية واللاتينية وحصلت على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة هارفارد، وصارت من أشهر الكاتبات في العالم ومن أقوالها: عندما يغلق باب السعادة يفتح باب آخر ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلاً إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فتحت لنا.

وهناك أيضاً نماذج أخرى عديدة لصناعة الكمال من الفقد مثل السباح العالمي المصري مصطفى خليل الذي بترت كلتا قدميه في حادث قطار ليكون أول سباح في العالم ببتر مزدوج ينجح في عبور المانش ثلاث مرات عبور ومنهم مرة ضد التيار.

وهناك الصيني تشانج هونج 47 عامًا وهو ضرير تحدى إعاقته ونجح في تسلّق قمة جبل افريست بعد الأمريكي الضرير أيضاً إريك ويتشنماير ومن أقواله: «بغض النظر عمَّا إذا كنت معاقًا أو طبيعيًا، سواء كنت قد فقدت بصرك أو يديك أو ساقيك، لا يهم ما دمت تملك تفكيرًا سليمًا يمكنك دائماً إكمال شيء لا يمكن للآخرين القيام به».

وهناك نيك فيوتش الذي ولد وهو يعاني من متلازمة نقص الأطراف الأربعة وليس لديه إلا قدم صغيرة فصنع من إعاقته نجاحاً وأسس منظمته غير الربحية (الحياة بدون أطراف) وألف كتابه بدون أرجل بدون يدين بدون قلق» وحصل على جائزة أفضل ممثّل أفلام قصيرة.

وهناك عالم الفيزياء ستيفن هوكنغ الذي تحدى الإعاقة وبعد أن توقَّع الأطباء ألا يعيش أكثر من سنتين ظل لعمر الـ72 عامًا وأصبح عالماً في الفيزياء ومن أقواله: انظروا إلى النجوم وليس أقدامكم.