علي الخزيم
الأجيال الحديثة من الشباب والأطفال ممن ولدوا وسط بيئة جودة الحياة السعودية بمملكة العزم والحزم والإنسانية؛ لا يدركون معنى الحديث عن (شَظَف العيش والفاقَة) فربما حَسب أحدهم أنك تتكلم عن نوع جديد من الفطائر أو المثلجات، إذ إن هذه الشهوات هي ما يلاصق أذهان أكثرهم غالب وقتهم! وقد تجد تفسيراً منطقياً لهذا التوجُّه طالما أنهم يعيشون - ولله الحمد - في بحبوحة من الرغد والعيش الكريم وبظل قائد مسيرة التنمية الحديثة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -أيدهما الله - غير أن المنطق كذلك يصل بنا إلى قناعات أعلى لتدبير أمورنا ومداخيلنا المادية وضبط ميزانيات منازلنا لتكون أنماط حياتنا أفضل مما نتوقعه أو نعيشه تحت سطوة المَنطِق والسلوك المُنفلت بالصَّرف دون تَدَبُّر، ويقيناً فإن جدولة المصاريف وترتيب الاحتياجات من أولوية الضروريات إلى تنحية الكماليات لحين الاستطاعة؛ لا يُعد بخلاً وتقتيراً، ولن يكون تقصيراً بحق الأسرة لاسيما أن الاحتياجات واللوازم تتوفر بوقتها وبوجهها الصحيح.
ونهج الـ(هِيَاط) وهي كلمة فصيحة من معانيها بالسِّياقات (المُبالغة والجَلَبَة والصَّخَب) كثيراً ما تسبَّب بتعكير صفو حياة بعض الأسر نظراً لتبديد المال وغياب حسن التصرّف بالمُرتَّبات والدخل الفردي حتى تبرز أواخر الشهور بوادر التذمُّر والتَّشكِّي ورمي كلمات غير مقبولة وربما بذيئة بحق أحد الزوجين نتيجة لاحتدام الجدال وسخونة الموقف بينهما بما يتم تبادله من تُهم التقصير أو التبذير من طرف لآخر، وهي بلا ريب نتائج متوقَّعة جَرَّاء الانجراف خلف مُغريات التسوق، وتقليد (المهايطين) عبر وسائل التواصل الإلكترونية دون مقدرة مادية أو بلا حساب للعواقب وفراغ الجيوب والمحافظ بالثلث الأخير من الشهر، وهو الموعد - كما يقول مستشار أسَرِي - للخناقات وارتفاع الأصوات، ومع تكرار الحالات وما يصاحبها من عُقم الحلول وصلابة بعض الرؤوس تتزايد حالات الخُلْع والطلاق لهذه الأسباب التي تُعد بعُرف الشرع والنظام وشِيَم الكرام غُثاء وزَبَد يمكن قشعة وإزالته عن المنظر وعن صورة حياة الأسرة مباشرة دون تريُّث؛ والحرص على عدم إمهال تلك القشور الخِلافِيَّة لتتراكم وتكتم أنفاس بقية أفراد البيت الواحد.
لا يمكن اعتبار جميع عمليات الشراء والتَّسوق عبثية، غير أن ممارسات (تَسَكُّعية) تدخل بدائرة العبث التسوقي كنتائج للتجوال بالأسواق لتمضية الوقت والفرجة دون نية الشراء والتسوق، لكن الانقياد لإغراءات العروض يستنزف أموالاً ما كان يجب أن تُهدر عبثاً، فقد أشارت إحصاءات إلى أن حجم إنفاق المُستَهلِكين السنوي عبر نقاط البيع بعدد غير قليل بمدن المملكة سجّل ارتفاعاً نسبته 20.48 % يعادل 7 مليارات ريال إلى قبل يناير المنصرم، وتُبيّن إحصائية ثانية أن أكثر من مليار ريال بالأسبوع يتم إنفاقها بين المقاهي والمطاعم والوجبات السريعة، وتُحذِّر دراسات من أن تزايد عدد مطاعم الوجبات السريعة يتسبب بارتفاع أمراض الأوعية الدموية والإصابات بالنوبات القلبية، وزادت مبيعات الملابس والأحذية خلال شهر أكثر من نصف مليار ريال بعد أن ارتفعت قيمة المبيعات الشهرية بين أكتوبر ونوفمبر الماضي بنسبة 21.3 % وبزيادة حوالي 597 مليون ريال، (جودة الحياة تتحقّق دون إسراف وتبذير).