محمد أكرم التميمي
لم تمض سوى أيام قليلة على اللقاء التاريخي الذي جمع قادة «التحالف الثلاثي» زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، ورئيس تحالف عزم خميس الخنجر، في مدينة النجف ضمن مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، حتى أعلن الصدر في تغريدة له عبر تويتر عن دعوته للحزب الديمقراطي الكردستاني إلى تقديم مرشح لرئاسة الجمهورية «مستوفياً للشروط» وهي إشارة لرفض مرشح الحزب هوشيار زيباري، تبعها بيان وموقف لكتلة الصدر أعلنت فيه تعليق مفاوضاتها السياسية وعدم حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فيما أعلن الإطار التنسيقي والديمقراطي الكردستاني وكتل أخرى أيضاً مقاطعة الجلسة.
تحركات ومواقف سرعان ما قلبت طاولة المفاوضات السياسية، وأحرجت الجميع، ودعتهم لإعادة ترتيب أوراق خارطة التحالفات السياسية من جديد، وسط هذه الأحداث المتسارعة يبدو المشهد السياسي أكثر تعقيداً وضبابية، ومخاوف من دخول البلاد في نفق مظلم وفراغ دستوري غير مسبوق، ما هو شكل الحكومة المقبلة والخارطة السياسية التي يخطط لها الصدر زعيم الكتلة الأكبر الفائزة في الانتخابات البرلمانية، ماذا يريد الفرقاء والحلفاء، مناصب، محاصصة، ضمانات، تطمينات، شراكة أم تقاسم الكعكة، كيف سيكون المشهد بعد جلسة البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية، مشهد بات يتكرر بعد كل دورة انتخابية، بينما يتطلع الشارع العراقي إلى تفاهمات سياسية تنتج حكومة قوية قادرة على تجاوز الأزمات الراهنة التي يمر بها البلد والعبور به نحو مرحلة الاستقرار السياسي والأمني والازدهار العمراني والنمو الاقتصادي وانتشال البطالة والحد من الفقر، إلا أن أمنيات الشعب العراقي دائماً ما تصطدم بحاجز الخلافات السياسية المعتادة.
الصدر يصر على تشكيل «حكومة أغلبية وطنية» مستقلة عن أي نفوذ إقليمي، فيما يرى الإطار التنسيقي ذلك بأنه تفرد بالقرار واستئثار بالسلطة، ويدعو لحكومة توافق وطنية شاملة، ويرى محلِّلون من خيار الإطار التنسيقي بأنه محاصصة جديدة تنتج حكومة هشة لا تختلف عن سابقاتها وتفشل في تحقيق ما يصبو إليه المواطن العراقي.
ولغرض معادلة الموازين وخلق آفاق متوازنة في العملية السياسية وإيجاد صمامات أمان بين جدران السلطات الثلاث، ووضع حد لبعض التراكمات المحاصصاتية لدى بعض الكتل المفاوضة بما ينسجم وعملية التغيير، يبدو تم إيقاف التفاوض لمدة محدودة حتى تتغير المعادلة وفق التوازنات الجديدة.
وبعيداً عن ما ذكر أعلاه ثمة تحول واضح بعد الانتخابات الأخيرة، ومفاوضات اختيار الرئاسات الثلاث يمكن للمراقب للشأن السياسي أن يلاحظه، وهو تراجع التدخل الإقليمي والدولي بنسبة كبيرة عن التدخلات السابقة في تشكيل الحكومات والتأثير على المشهد السياسي، وهو ما يدعو الجميع إلى بصيص أمل في نهاية النفق المظلم.
ويفترض أن ينتخب البرلمان العراقي بعد جلسته الأولى، خلال 30 يومًا، رئيساً جديداً للجمهورية، وتنص المادة 70 من الدستور في فقرتها الأولى على أن «ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه» والبالغ 329 نائباً، وبدوره يكلّف رئيساً للحكومة خلال 15 يومًا من تأريخ انتخابه، يكون مرشح «الكتلة النيابية الأكبر عدداً وفق الدستور.
** **
- صحفي وكاتب عراقي