يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}سُورة الذاريات آية (21) يعتبر المظهر الخارجي لكل إنسان مِّنَّا هو العلامة الفارقة، التي توضح الملامح الخلقية، مثل القوام ولون البشرة وطول القامة وعرض المنكبين وغيرها من السّمات الظاهرة التي تميز المرء عن غيره فيه هبة من الباري عزَّ وجلَّ في إعطاء كل فرد ذاتية خاصَّة تميزه عن غيره هذا بالإضافة إلى الخصائص والسّمات البشرية الأخرى.. النفسيَّة والعقلية والاجتماعيَّة التي تعطي الإنسان ذاتية تتمايز عن ذاتية الآخرين ومن خلال ما ذكر في الأسطر السّابقة حاول يا أخي القارئ الكريم أن تنظر إلى وجه رجل مسن من أقاربك أو جيرانك أو معارفك، ودقق النظر في وجهه، ستلاحظ تجاعيد عديدة وطبات في بشرة الوجه، وسترى أنَّه يوجد اختلاف بين وجه المسن وغيره من المسنين أو الطاعنين في السن، ولكن قسَمات الوجه تعكس- كما هو الحال في أيِّ فرد مِّنَّا فهذه العوامل الوراثية والبيئة يكون لها أثرها لمظهر هذا المرء عن غيره من سائر البشر لو علمنا أن عدد سكان الكرة الأرضية يزيد عن ثلاث بلايين نسمة، فإننا نعجب كثيراً من عدم وجود اثنين متشابهين تمام الشّبه، وقد تكون هذه هي الحقيقة التي يصعب تصديقها، إلاَّ أننا كشرقيين لنا سمات خاصَّة تختلف عن الغربيين وعن سكان آسيا وأفريقيا وسكان المناطق الباردة من الكرة الأرضية.
وحتى بين أفراد السّلالة الواحدة نجد أن التمييز واضح بين كل فرد وآخر، وأن التشابه نادر حتى في حالة التوأم غير المتشابهة، إلاَّ أن الاختلاف يكون طفيفاً في بعض الخصائص مما يجعل لكل فرد منهما ذاتية خاصَّة وإذا نظرنا إلى الشكل والجسم مقارنة بشكل وجسم أشقائك فإنك قد تجد تشابهاً كبيراً في الشكل والوجه وأن هناك اختلافاً في بعض الخصائص كطول الوجه أو استدارته أو غزارة الشعر أو قلته أو سواد العينين واختلاف لون العين في الفرد الآخر.
وفي بعض الأحيان قد يكون التّشابه بين فرد وآخر من الوضوح التام، حيث يشكل أحياناً بعض المتاعب، مثلما يحدث في حالة طلب أحد الخطرين من قبل الجهات الأمنية في دولة معينة، حيث تنتشر صورته في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى، ويكون التشابه أحياناً قريباً بين هذا الشخص، وذلك الشخص، قد لا يمت إليه من قريب أو بعيد بأيِّ صلة من الصلات فيحدث ذلك بعض المتاعب للشخص البريء نتيجة السّمات الخليقة فالوراثة والبيئة وخبرات الإنسان، لها دورها في تشكيل الفروق الفردية.
ويعد هذا العرض السّريع الَّذي يوضح ذاتية المرء وانفراده بصفات وخصائص جسمية إضافة إلى خصائص عقلية ونفسيَّة واجتماعية، تجعل الفرد الواحد صورة غير متكررة بين العديد من البشر، وإن كانت السّمات والخصائص البشريَّة الاختلاف فيها في الكم وليس في النوع، فإن هذا يدل على الإعجاز الإلهي الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم الذي تعالت قدرته وحكمته.
والله الموفق والمعين.