إبراهيم بن سعد الماجد
لماذا السعودي دائمًا يردد بفخر اسم مؤسس بلاده، كما يردد بفخر أيضًا اسم الموحّد؟
سؤال قد لا يكون مطروحًا بشكل مباشر من الآخرين، ولكنه يأتي ضمنًا في نقاشاتنا سواء الإعلامية أو الخاصة.
والجواب بكل بساطة على ذلك أن مؤسس هذه البلاد الإمام محمد بن سعود (1090 - 1179هـ) الذي أسس الدولة السعودية الأولى هو من وحَّد شطري الدرعية وجعلها تحت حكمه. كما قام بضم بعض البلدات الأخرى إلى الدولة السعودية الأولى، وهذه حنكة سياسية عميقة.
كما أنه هو - رحمه الله - من أمر ببناء حي الطرفية وانتقل إليه بعد أن كان حي غصيبة هو مركز الحكم، وكان مستقلاً في حكمه، ولم يكن له أي ولاء خارجي، وكذلك لم يتلق أي دعم سياسي أو عسكري من أي جهة كانت، بل كان كل ما قام به جهداً خاصاً، وكان الداعم الأكبر له بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، التفاف الناس حوله، لعلمهم بصلاحه وصفاء نيته، وما كان يقوم به من تحكيم شريعة الله بين عامة الناس وخاصتهم، فضلاً عن صلاحه في نفسه. ومن جهوده - رحمه الله - تأمينه طرق الحج، بعد أن كانت مظنة هلاك، وكذلك تأمينه التجارة وحفظ حقوق التجار الذين كانوا يأتون للدرعية كونها مركزًا تجاريًا مهمًا في المنطقة.
ومما يحفظ له - رحمه الله - قيامه بقيادة حملات التوحيد بنفسه، ودعوته للسلم، وتقديمه على الحرب، وأن كل ما يدعو إليه إنما هو من أجل أمن المواطنين، وحفظ أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، وإقامة شرع الله.
ومما يحفظ له كذلك تصديه للحملات المعادية بكل بسالة، ورفضه التنازل عن مبادئ الدولة.
هذا هو الإمام المؤسس فماذا عن الملك الموحّد؟
لقد كان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - على نفس المبادئ التي كان عليها الإمام المؤسس، من حيث الدعوة إلى إقامة شرع الله، وكذلك وحدة صف المسلمين، ونبذ كل ما يمكن أن يفرِّق وحدتهم وجماعتهم، وكان وقافًا عند حدود الله، ومجلسه دائمًا عامر بالذكر من تلاوة للقرآن وقراءة لسيرة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام.
وعلى نفس مبدأ الإمام محمد كان الملك عبدالعزيز، فكان في كل غزواته وحملاته يدعو الناس إلى الوحدة وإلى إقامة شرع الله، وإلى الالتفاف حول راية التوحيد.
وقد كان تأمين سبيل حجاج بيت الله الحرام أول مهماته التي حققها، وقد اضطلع - رحمه الله- بمهمة خدمة ضيوف الرحمن بنفسه مشرفًا على كل ما من شأنه راحتهم وأمنهم واستقرارهم أثناء أداء شعائرهم، وحتى عودتهم إلى ديارهم.
الإمام والملك كانا من رحم هذه الأرض ومن أهلها، ولم يأتيا على ظهر دبابة محتل، أو بدعم أجنبي، وإنما كانا - رحمهما الله - دعاة خير ومؤسسي دول، فكان جميع أهل هذه الأرض لهم جنود وإخوة عاهدوا الله على الوفاء فصدقوا ما عاهدوا الله عليه.
يوم التأسيس الذي صدر به الأمر الملكي الكريم يأتي في وقت مهم ودقيق، لتؤكّد قيادتنا وتذكر على ما قامت عليه بلادنا منذ ثلاثة قرون ألا وهو الوحدة والأمن والأمان والاستقرار وتحكيم كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إن القراءة الدقيقة لهذا اليوم (22 فبراير) لتؤكّد رسوخ المبدأ وثبات الموقف، في عالم مضطرب، آخر اهتماماته قيمه ومبادئه.
حفظ الله لنا قيادتنا وأمننا ولحمتنا.