تعلمنا، تسوقنا وعملنا من منازلنا، هذه أبرز الذكريات الجميلة التي نفخر بها أثناء أزمة كوفيد - 19. وما كان ذلك ليكون لولا البنية التحتية التقنية والمعرفة الرقمية ووجود الأجهزة المساعدة. هناك جانب آخر مشرق من التقنية الحديثة يمكن من لا يتحرك أن يصل، ومن لا يسمع وينطق أن يتواصل، ومن لا يتذكر أن يتذكر، ومن لا يعمل لعدم قدرته على مغادرة المنزل أن يعمل، ومن لا يلعب الكرة أو يجري أن يتسلى. هؤلاء يدعون بذوي الإعاقة وهم بيننا وفي كل منزل إن كان طفلا أو بالغا أو كبيرا بالسن. تشير الدراسات إلى أن واحدا من أصل خمسة معرض أن يكون من ذوي الإعاقة عند كبر سنه.
وبتنوع الإعاقات والقدرات تتنوع التقنيات، فقد تكون أجهزة أو أزرار مناداة أو سماعات أو نظارات ذكية، وقد تكون تطبيقات تعليمية وألعاب للتسلية. قد يساعد الذكاء الصناعي في تطوير تقنيات ذكية وقد يساعد الهندسة الميكانيكية في ابتكار أدوات وأجهزة معززة للحركة. كل هذه الأدوات تنطلق من الإنسان كمحور أساسي في تسخير التقنية الحديثة ليبتكر الحلول التي قد تكون أساسية في حياة الإنسان وتكون قطعة منه ليعيش ويتواصل.
التمكين التقني لذوي الإعاقة هو مشروع الابتكار حول الإنسان الذي حرم من التعليم، أو العمل، أو حتى من التسلية بسبب إعاقة خارجة عن إرادته. هذا الإنسان يريد أن يعبر عن مشاعره وعن احتياجه، يريد أن يكون جزءا فاعلا في مجتمعه وفي عائلته، يريد أن يعامل باحترام بعيدا عن الشفقة هو يستطيع أن يعمل لكن بطريقة مختلفة، ويتعلم بطريقة مختلفة ويتواصل بطريقة مختلفة.
بدأ التمكين التقني بتطبيق المتحدث العربي الذكي الذي صار رفيق 40 ألف مستخدم عربي حول العالم الذين لا يستطيعون النطق بطلاقة، ثم امتد ليتقصى جميع المعوقات وكيف يتم حلها بالتقنية والتصنيع الرقمي والإلكترونيات وإنترنت الأشياء. ولكي يستمر الابتكار أصبحت حاجة ذوي الإعاقة هي محور الاستثمار الاجتماعي الذي يخلق الحلول للأفراد، والمؤسسات والجهات الحكومية والخاصة التي ترغب في تمكين ذوي الإعاقة بالأدوات المساعدة.
ومن رحم الابتكار ولدت جمعية تواصل للتقنيات المساعدة لذوي الإعاقة لتكون بيت خبرة يرشد ذوي الإعاقة كيف يحسنون حياتهم، ويرشد المؤسسات والمنظمات كيف تسهيل البيئة والتعليم والعمل لذوي الإعاقة الذي وصل عددهم 7 في المائة من سكان السعودية. جمعية تواصل (www.tawasal.org.sa) جمعية أهلية بترخيص 1134 من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وبإشراف فني من وزارة الاتصالات. تهدف الجمعية إلى تطوير برمجيات وأنظمة حاسوبية، توفير التقنيات والأجهزة المساعدة لذوي الإعاقة الأشد حاجة، تدريب ذوي الإعاقة بمهارات تقنية حسب إعاقتهم، وتقديم الاحتياج لمراكز الأبحاث والجامعات لخلق مشاريع ابتكارية.
** **
بقلم: د. أمل سليمان السيف - مؤسس جمعية تواصل للتقنيات المساعدة لذوي الإعاقة - الحاصلة على جائزة سنديان للابتكار الاجتماعي لعام 2022