الدمام - سلمان الشثري:
تلعب التقنيات الحديثة دورًا جوهريًا في تحقيق طموح أرامكو السعودية طويل الأمد المتمثّل في إحراز تقدّم كبير في اكتشاف الموارد الهيدروكربونية واستخلاصها. وهناك حاجة لهذه الموارد لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة بأسعار معقولة والتي من شأنها تعزيز الاقتصادات النامية وتحسين حياة الملايين من البشر.
تدعم شبكة أرامكو السعودية العالمية من مراكز البحوث - الواقعة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، والصين، والسعودية - هذا التطوّر في مجال البحوث والتقنية في قطاع التنقيب والإنتاج، وتحديدًا في مجالات مثل إدارة الإنتاج، والحفر، وهندسة المكامن، والجيولوجيا والجيوفيزياء. وتستفيد العديد من مشاريع تطوير الأبحاث الجارية من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مثل الروبوتات، والذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلات.
وسيتيح استخدام التقنية المتقدّمة في قطاع التنقيب والإنتاج لأرامكو السعودية الاحتفاظ بميزتها التنافسية في التفوّق في هذا القطاع، حيث تشكّل بعض العقبات التي تعمل الشركة على مواجهتها تحديات فريدة للغاية. وهو ما يشعل حماس موظفيها الذين يعملون على تطوير التقنيات. وتجنّب الطرق التقليدية في أعمالهم. وتولي الشركة اهتمامًا كبيرًا لتطوير المهندسين وتدريبهم لاكتساب المهارات المناسبة. وهو ما يمهد الطريق نحو المستقبل، حيث ستصبح التقنية الوسيلة الأكثر أهمية لتعزيز إنتاج النفط بأقل تكلفة ممكنة.
الطائرات المسيّرة بلا طيّار ووسائل التقنية القابلة للارتداء
وتعمل الشركة على تسريع استخدام الروبوتات الرائدة في قطاع الطاقة والطائرات بدون طيار في كافة الأعمال في قطاع الطاقة. وتشكل مجموعة من الروبوتات بما في ذلك الطائرات المسيّرة، والروبوتات التي تعمل تحت الماء، والجرارات الزراعية، والبلدوزرات الزاحفة، أسطول الشركة من الطائرات بدون طيار والروبوتات. وتوفّر هذه التقنيات الناشئة إمكانات تفتيشٍ بتكاليف أقل، وبكفاءة أكبر.
ومن أعالي السماء، يمكن للطائرات بدون طيار رسم خريطة لمنطقة بأكملها في وقت قصير. كما تقوم هذه الطائرات، التي يطلق عليها «الطائرات المسيّرة»، بتنفيذ عمليات مراقبة المشاريع، والمراقبة الأمنية، والمراقبة البيئية، إضافةً إلى تطبيقات أخرى. وتقوم الطائرات بدون طيار بفحص الأصول الحالية وجمع الصور الاستكشافية عالية الدقة من ارتفاعات شاهقة.
ومن شأن هذه التقنية جعل الاستجابة للحالات الطارئة أكثر أمانًا، حيث يصبح من الممكن التحقيق في الحوادث من دون تعريض حياة البشر للخطر، وتستفيد الشركة أيضًا من الآلات الأخرى الجديدة. كما تعمل الآن على استخدام المراقبة الآنية للبيانات، وتعلّم الآلات، والتحليلات التنبؤية، والروبوتات من أجل تحسين أعمالها بصورة أكبر.
باستخدام الطائرات المسيّرة والتقنيات القابلة للارتداء لفحص خطوط الأنابيب والآلات، نجح معمل الغاز في العثمانية بخفض الزمن المستغرق في الفحص بنسبة 90 %، وخفض تكاليف الفحص بنسبة 10 %، وتسريع استجابة السلامة والحالات الطارئة بنسبة 5 %. وقد وسَّع معمل الغاز في العثمانية استخدام الطائرات بدون طيار ليشمل الكشف عن تسرب غاز الميثان لمعالجة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ولعمليات التفتيش الداخلية في السفن بهدف التقليل من دخول الأماكن المحصورة إلى أدنى حد ممكن.
وحظيت تطبيقات التقنيات الجديدة التي طوّرتها الشركة في عام 2018 باهتمام عالمي، حيث حصلت الشركة على جائزة «أفضل تقنية في مجال التنقيب» في حفل جوائز النفط العالمية نظير استخدامها للطائرات بدون طيار. وفي العام التالي 2019، أدرج المنتدى الاقتصادي العالمي معمل الغاز في العثمانية ضمن قائمة «المنارات الصناعية».
إنترنت الأشياء والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي
تسعى الشركة لتحقيق الريادة في تطبيق التقنيات المتقدّمة في قطاع الطاقة، ووضع معايير جديدة للإبداع وتطوير التقنية. وابتكرت حلولاً متطورة للغاية تستفيد من الحوسبة المتقدّمة وإنترنت الأشياء. وإنترنت الأشياء عبارة عن شبكة من أجهزة الحوسبة المتصلة ببعضها البعض. وهذه الأجهزة مربوطة بأجهزة استشعار إلكترونية تجمع باستمرار كميات ضخمة من البيانات. وحجم المعلومات التي تُجمع كبير إلى الحد الذي لا يمكن معه معالجتها بواسطة البرامج التقليدية، بل يتم تحليلها بواسطة الذكاء الاصطناعي، والذي يكشف عن الأنماط والاتجاهات والروابط. كما تستخدم الشركة الذكاء الاصطناعي لمعالجة هذه الكميات الهائلة من البيانات الضخمة، التي تُجمع بواسطة إنترنت الأشياء لتحسين عملياتنا.
لدى أرامكو السعودية منصة حفر بحرية هي الأولى من نوعها في المملكة، فهي تستخدم تعلّم الآلات المدعوم بالذكاء الاصطناعي لاكتشاف أوجه الخلل في الحفر آنيًا، وإرسال إخطارات آلية لتحذير أطقم العمل في أماكن عملها. وقد حاز هذا النظام، مؤخرًا، على جائزة «أفضل استخدام لإنترنت الأشياء في قطاع الطاقة» في حفل الجوائز العالمي لإنترنت الأشياء.
مراقبة آبار النفط في خريص
وأكملت أرامكو السعودية تركيب 40 ألف جهاز استشعار لمراقبة أكثر من 500 بئر نفطية في حقل خريص، وهو أحد أكبر حقول النفط في الشركة. وتقوم أجهزة الاستشعار التي تعمل بتقنية إنترنت الأشياء بتوليد البيانات الضخمة، التي يتم تحليلها بواسطة الذكاء الاصطناعي. ثم يعمل الذكاء الاصطناعي على إيجاد نماذج تنبؤية، والتي تتوقع مسار بئر النفط. وبفضل تلك التقنية استطاعت الشركة تقليل إجمالي استهلاك الطاقة بنسبة 18 %، وخفض تكاليف الصيانة بنسبة 30%، وتقليل عدد مرات الفحص بنسبة 40% تقريبًا.
ونظير هذه الخطوات العظيمة، أصبح حقل خريص مؤخرًا ثاني مرافق الشركة التي تُدرج ضمن قائمة «المنارات الصناعية» المرموقة التي يمنحها المنتدى الاقتصادي العالمي، والتي تُمنح تقديرًا للريادة في استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتحقيق التحوّل في المصانع وسلاسل القيمة ونماذج الأعمال لتأمين عوائد مالية وتشغيلية كبيرة.
تحقيق الإنجازات
وفي خطوة جديدة تؤكّد النجاح والريادة التقنية التي تتمتع بها أرامكو السعودية، فقد انضم مرفق بقيق لمعالجة النفط، مؤخرًا، إلى قائمة «المنارات الصناعية» ليصبح ثالث مرفق يحصل على تقدير المنتدى الاقتصادي العالمي. ويُعتبر معمل بقيق أكبر معمل لمعالجة النفط في العالم، ويتكفل بتوفير نحو 5% من إمدادات النفط العالمية. وتُعد إضافة ثلاثة من مرافق أرامكو السعودية الرئيسة إلى قائمة «المنارات العالمية» في أقل من ثلاثة أعوام خير دليل على أهمية برنامج التحوّل الرقمي في الشركة، والسرعة التي يتقدم بها. ومن خلال الريادة في استخدام حلول الثورة الصناعية الرابعة على نطاق واسع، تضع الشركة معايير جديدة لقطاع الطاقة العالمي. وأثناء هذه العملية، تعمل على تحقيق تحسينات كبيرة في التكاليف، والكفاءة، وجودة المنتجات، واستهلاك الطاقة والأداء البيئي.