رمضان جريدي العنزي
(تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)، أخبرنا به صلى الله عليه وسلم وحذرنا منه. ذو الوجهين كاذب منافق ومخادع وله تلون عجيب، مع الفساق فاسق، ومع أهل الصلاح صالح، ما عنده مبادئ وثوابت وعلاقاته الاجتماعية متأرجحة، ليس محلاً للثقة، وليس أهلاً لها، تابع، وشخصية ليست مستقلة، ومراوغاته ظاهرة وبائنة، ذو الوجهين يظهر السرور بك، والفرح بوجودك، ويبالغ في حفاوتك، ومن خلفك يطعنك بخمسين سهماً وسيفاً وخنجراً، يقول الشاعر صالح عبدالقدوس:
وإذا الصديق لقيته متملقاً
فهو العـدو وحقه يُتجنبُ
لا خير في ود امرئٍ مُتملقٍ
حلو اللسان وقلبهُ يتلهَّبُ
يلقاكَ يحلفُ أنه بكَ واثقٌ
وإذا توارى عنكَ فهو العقربُ
يُعطيكَ من طرف اللسان حلاوةً
ويروغ منكَ كما يروغ الثعلبُ
إن ذا الوجهين صفة مذمومة، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولا يتصف بهذه الصفة سوى السيئ، غير العاقل ولا الحصيف. إن لصاحب الوجهين أضراراً كبيرة على المجتمع، كونه يفسد كثيراً بين الناس، يفتعل الخصومات، ويأتي بالمشاحنات، ينم، يهمز، ويلمز، ويؤجج الفتن، ويجر على الناس الويلات والمشاكل. إن ذا الوجهين لا يؤتمن على نفس ولا عِرض ولا سر ولا مال، سيكولوجيته تخريب المجتمع، وهدم الحياة، وقتل البهاء والبياض. إن على العقلاء، أصحاب الحكمة والرأي والبصيرة، أن يبتعدوا عن ذي الوجهين مهما بدا طيباً في الظاهر، فإنه مستعد للانقلاب في أي لحظة، سراً وعلناً، وطعن الناس بسيوف الغدر بمنتهى البساطة، ودون الشعور بالذنب وتأنيب الضمير، فانبذوه يا رعاكم الله، واتركوه يتيه وحده في صحراء نفسه القاحلة.