رقية سليمان الهويريني
من أحد مهام هندسة المرور التخطيط واستشراف حجم الحركة المرورية المرتبطة بمواقع المنشآت، فتخطيط النقل داخل المدن وأطرافها لم يعد مجرد اجتهادات، وإنما هو علم بذاته يعتمد على المعلومات الدقيقة وبناء نماذج رياضية وإحصائية تهدف إلى تقدير أعداد الرحلات الداخلة للمنشآت والخارجة منها بمختلف أنواعها تجارية أو سكنية أو صناعية. ويُعتبر ذلك أساساً مهماً في تقصي حجم الحركة المرورية واستشرافها للتصدي لمشكلات الازدحام والاختناقات المرورية، وهذا العلم يستعين به المخططون عند تحديد استخدامات المخططات الجديدة. ويتبع التخطيط معالجة المواقع الخطرة بالمدن باستخدام برنامج خاص لتحديد وتحليل ومعالجة تلك المواقع وتقييم الأساليب المتبعة بهدف تحسين السلامة المرورية وتأمين بيئة أكثر أماناً لمستخدمي الطرق، وتخفيف الازدحام، ومنع تكرار وقوع الحوادث المرورية في أماكن معينة، والكشف عن مواقعها المتكررة ومعالجتها؛ للإسهام بدور حقيقي وفاعل في تحسين مستوى السلامة المرورية في المدن.
ولقد اهتمت الدول المتقدمة بإعداد أدلة خاصة بها للتنبؤ بالحركة المرورية المستقبلية للمنشآت الجديدة، بعد أن تفاقمت المشكلات المرورية وبرزت بؤر الاختناقات المرورية نتيجة التوسع الحضري في المباني التجارية والحكومية والسكنية وتفاعل النشاطات المختلفة. وما يُؤسف له في مدينة الرياض وجود جهات متعددة أُسندت لها المهمة، دون تنسيق بينها، فهناك الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والأمانة بالإضافة للمرور! لذا حدث غياب تام للهندسة المرورية لا سيما ما يتعلق بشوارع الأحياء التي تُدمر بالحفريات المتكررة من قِبل المؤسسات والشركات وحالات الترقيع المتكررة! فضلاً عن البناء العشوائي للمرافق دون دراسة للتدفق المروري وتخصيص مواقف كافية للمركبات. فالترخيص لمنشأة تجارية أو صناعية مثلاً قد يكون له أثر سلبي على الحركة المرورية المحيطة بها بعد افتتاحها، وغياب التخطيط الإستراتيجي المرتبط بالهندسة المرورية وضعف التنسيق بين الجهات المختلفة تسبب بحالة من الازدحام الشديد، لذا ينبغي إيجاد مخطط للنقل وتعظيم أهمية هندسة المرور التي تقوم بتقدير عدد الرحلات اليومية أو خلال ساعة الذروة سواء الداخلة إلى المنشآت أو الخارجة منها «المتولدة عنها» والسعي لتوزيع تلك الرحلات على الشوارع والطرق المحيطة بطريقة انسيابية، وبالتالي يمكن التوصل إلى قرار موضوعي تجاه الترخيص للمنشآت أو إجراء تعديلات وقائية على الطرق والتوقعات المحيطة، وما يترتب عليه من تحسين التحكم في حركة المرور واتجاهاتها وتوزيعاتها.
وحينما ندخل الحضارة ونُغفل ثقافتها أو لا نُفعِّل أدواتها.... تبدأ المعاناة!