حينما تلم بنا الخطوب وتبلغ القلوب الحناجر في ابتلاء الله لنا في هذه الحياة، فالقليل من يصبر وينظر لعواقب الأمور بحكمة وروية وإذا شعرت بأن وطأة الصبر ثقيلة ووقت الابتلاء قد طال فارفع يديك لله، واسأله فهو الكريم الرحيم ملك الكون وملك الملوك وعنده مفاتيح الغيب ولكن لا يصل بك الأمر إلى اليأس وتسخط وتنبذ دينك أو تشكك فيه وتعتقد بأن الحياة سيئة فالبعض هداهم الله حينما تقول له هذا الكلام يرد عليك ويقول: هذا كلام تنظير وكلام إنشائي للتخدير أو غير عملي وواقعي. ونسي أن الحلول التي يريدها هي عند الله سبحانه. يقول د. مصطفى محمود - رحمه الله: «الله سبحانه هو الحي الذي لا يموت الذي لم يمنحه أحد الحياة لأن حياته من ذاته وحياته حقيقية ومطلقة وبدون حدود وما عدا الله فحياته مشوبة بالموت والعدم، وفي علم الفسيولوجيا هناك عمليات تتم في جسم الإنسان بالتوازي في نفس الوقت وهي البناء والهدم وهي حياة وموت وتمثل الحياة منذ ولادة الإنسان ومراحل عمره حيث تكون مرحلة البناء أكثر من الهدم في الطفولة والشباب ثم تكون متوازية في الرجولة وعندما يبلغ الإنسان سن الشيخوخة تكون عملية الهدم أكثر من البناء حيث ثبت عملياً أن كل يوم تموت ستين مليون خلية ثم يجددها الله عن طريق العظم فهما عمليتان مستمرتان في حياة الإنسان والمخلوقات الأخرى». وكذلك على مستوى النفس هناك حياة وموت وبناء وهدم فالحياة والبناء يتمثلان في الطاقة الإيجابية من الإيمان والحب والأمل والتفاؤل والإشراق والبهجة والتأمل والسرور أما الموت أو الهدم لهذه النفس فهما في الطاقة السلبية وهي تكون في اليأس والحزن والقلق والحسرة والتشاؤم والاكتئاب وهذه عناصر قاتلة للإنسان وتجعل حياته كئيبة لذلك نهى الله سبحانه عن اليأس وقد اقترن اليأس في القرآن الكريم بالكفر حيث قال: {لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}. وقال تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، وقال تعالى: {فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}، لذلك إذا رجحت كفة الإيجابية على الإنسان فإنه يصبح شخصية إيجابية ويعيش سعيداً مرتاح البال، أما إذا رجحت كفة اليأس فيصبح مصدراً للطاقة السلبية ويصبح كئيباً ويمكن أن يقضي عليه حيث ينتحر أو يمرض، لذلك طالما أنت على صلة قوية بالله فلا يمكن أنُكسَر أو تيأس أو تُهزم، لأن كل ما في هذا الكون بيده سبحانه ويأتمر بأمره لأنه هو الروح والمدد ولن تشعر بالأمراض النفسية ولكن على أن يكون تواصلك بالله قوياً وبتأمل وخشوع وسجودك ببكاء وانكسار لله وليس مجرد حركات نؤديها كعادة، حينها يكون لديك قوة أقوى لا تزلزلها الزلال ولا تؤثر فيها الفتن والنوازل لأنك استمددت قوتك من الله، لذلك سيصبح لديك قوة للروح والجسد وصرت تشعر بالسعادة والهدوء والسكينة وقد نفى الله تعالى عن المؤمنين الخوف والحزن في الآخرة، ووعدهم كذلك بالسعادة والحياة الطيبة في الدنيا {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}، وقال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.