تحظى المملكة العربية السعودية بجذور تاريخية راسخة، وعمق تراثي وحضاري يمتد لأكثر من ثلاثة قرون، إذ كانت اللبنة الأولى لها، تولي الإمام محمد بن سعود مقاليد الحكم في الدرعية منتصف عام 1139هـ/ 22 فبراير 1727م، معلنًا تأسيس الدولة السعودية، على أسس من الوحدة والأمن، ومناصرة الدعوة الإصلاحية وحمايتها، والاستقرار والاستقلال السياسي التام، والتنظيم والتطوير في شتى المجالات، وتأمين طرق التجارة والحج.
فكان لتلك الأسس التي قامت عليها هذه الدولة المباركة، وما عاشه المواطنون وما عرفه الأبناء عن الآباء، والآباء عن الأجداد من أمن وعدل ورخاء في ظل حكم الدولة السعودية وحكامها من أئمة وملوك أسرة آل سعود، أن منّ الله عليها بالبقاء والثبات والصمود، في وجه كيد خصومها وأعدائها، واستمر حكم الدولة السعودية الأولى إلى عام 1233هـ/ 1818م، وبعد مضي سبع سنوات تمكن الإمام عبدالله بن تركي بن محمد بن سعود، من تأسيس الدولة السعودية الثانية عام 1240هـ/ 1824م، والتي انتهت بدورها عام 1309هـ/ 1891م، إلا أنه لم تمضِ عشر سنوات حتى تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1319هـ/ 1902م من تأسيس الدولة السعودية الثالثة، وتوحيدها باسم المملكة العربية السعودية، وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها.
وقد عُرف عن مؤسس الدولة السعودية الإمام محمد بن سعود الملقب (بأبو الشهيدين)، الشجاعة والجرأة، والإقدام والثبات، والنباهة ونفاذ البصيرة، فقد كان سياسيًا حكيمًا، ومخططًا ماهرًا، متدينًا مناصرًا للدعوة الإصلاحية، فلم يلتفت إلى عذل عاذل، ولا لوم لائم، ولا رأي مرتاب، ساعيًا للوحدة ولم الشمل، ناشرًا للسلام، نابذًا للفرقة والنزاع، باذلًا في سبيل ذلك الغالي والنفيس، محافظًا على استقرار دولته واستقلالها التام، ملتمسًا لأحوال رعيته، آخذًا بجميع الأسباب التي تكفل لدولته العزة والتمكين، والتنظيم والتطوير، كان بحسن السيرة معروفًا، وبالوفاء وحسن المعاملة موصوفًا.
واستشعارًا لأهمية هذا اليوم التاريخي لتأسيس الدولة السعودية 22 فبراير 1727م، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله) في 24 جمادى الآخرة 1443هـ أمره الملكي رقم أ/ 371 بأن يكون 22 فيراير من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم (يوم التأسيس).
دمت يا وطن العز والمجد شامخًا.
** **
د. منيرة بنت قفل الشمري - أستاذ التاريخ الحديث المساعد بقسم التاريخ جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل