د. محمد بن صقر
ذكر العالم هربرت سيمون عام 1971م مقولة قبل أكثر من خمسين عاماً تقريباً متمثلة في أن كثرة المعلومات التي نعترضها بشكل متكرر من أجهزة الكمبيوتر سوف تشتت انتباهنا وتضعف من التركيز وأن الحاجة في المستقبل تحتم علينا عمل الموازنة النفسية والعملية بين احتياجنا للمعلومات وتركيزنا على أعمالنا وقد أطلق عليها في ذلك الوقت فقر الانتباه، والآن مع تدفق المعلومات والمعارف بشكل كثيف وآن أصبح الإنسان وعلاقته بالعالم الافتراضي ووسائل التواصل بشكل مستمر حيث يقضي جل وقته خلف الشاشات يراقب ويتابع ما يحدث حوله من أحداث ويأخذ بيانات ومعلومات جلها غير دقيقه ولا تستند على أية حقائق علمية أو براهين بالإضافة إلى الإعلانات التي تخرج بصور وأشكال نوعية الهدف منها هو خطف الأذهان ولفت الانتباه مما جعل من يتحكمون بالسوق أو من يريدون أن يقدموا محتوى هدفهم الأول هو لفت الانتباه باعتباره أحد المكونات الاقتصادية لهم يلي ذلك يجعلون ما لفت الانتباه في دائرة الاهتمام ومع نمو المحتوى على نحو متزايد وفوري، يصبح الانتباه العامل المحدد في استهلاك المعلومات ومن المحفزات القوية لهذا التأثير القوي كون تفكير البشر محدوداً، وبالتالي فإن تقبل المعلومات بشكل محدود أيضاً. مما جعل الاقتصاديين يقومون بأساليب كثيرة للتأثير على المستخدمين منها استخدام عامل الوقت الذي يجعل المستخدمين يريدون المعلومات بشكل سريع, ويضاف عليها التصاميم البصرية والمؤثرات والكلمات الرنانة فتكون أحد الأساليب لجذب المستخدمين وأيضاً إغراء المستخدمين بأساليب فيها نوع من الإسفاف والتسطيح ونتيجة لذلك قد يشعر بعض المستخدمين بالإحباط نتيجة عدم قدرتهم على التحكم والسيطرة على الوقت الذي يقضونه على أجهزتهم خاصة وأن تصميم المنتجات الرقمية يستدعي التعلق بها والمزيد من التعلق مما يجعلهم مدمنين على التمسك بتلك الأدوات، العامل الثاني هو استمرار النزعات المادية في تصميم المنتجات لدى الشركات التي تثير الانتباه في التطور حيث ستختار العديد من الشركات ابتكار منتجات وإعلانات تسويقية قائمة على التحديات وتشتيت انتباه المستخدمين الهدف منها الاستحواذ على الانتباه المشتت من قبل الشريحة الواسعة من المستخدمين والتي سيرمى فيها المنتج ليكون أكثر تداولاً وسوف يستمر المصممون في دراسة سلوك المستخدمين وما يحبون وما يكرهون وما يستحوذ على انتباههم بشكل طوعي أو بشكل قوي. فقد تطورتلإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية مثل الفيسبوك وانستغرام وسناب والتيك توك وغيرها الكثير... لتفرض نفسها على المتصفح أو المستخدم بغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو موقعه في المجتمع فنجد كثيراً من الشخصيات تتعامل مع هذه الوسائل بصورة يومية وفي المقابل، تستمر بعض الشركات في إنتاج التصاميم المشكلة للعادات والاتجاهات والتي تغوي المستخدمين يوماً بعد يوم وتستحوذ على انتباههم بطريقة دبلوماسية لا تلفت الأنظار. فواقع الاقتصاد الرقمي المعتمد على فقر الانتباه أصبح في تطور سريع مما يحتم علينا دراسة السلوك بأكثر عمقاً والاستثمار في توجيه هذا الانتباه إلى المنتجات الاقتصادية الأكثر نفعاً أو الأكثر تأثيراً وتوجيهاً ففي الوقت الذي تطغى موجات المحتويات الإعلانية وتدفع الأذهان للتشتت لمحاولتها إقناعها بشراء سلعة أو الاستثمار يمكن أن يكون هناك موجات أكثر تغذية للأذهان وتوجيهها بشكل أكثر حرفية.