م. بدر بن ناصر الحمدان
فَنُّ التَوَقُّف، من أكثر الأشياء التي عليك أن تتقنها مُبكراً في حياتك، إذ لا يجب أن تكون «مُسْتَمِرا» دائماً، بدا لي الأمر أكثر نضجاً، أين ومتى وكيف اختار المحطة التي أُقرّر النزول بها، مكتفياً برحلة جميلة، أوصلتني لوجهة من السلام الداخلي، والتصالح مع النفس.
لتتمكن من «عَيْش» اللحظات التي قد لا تعود، أو تلك التي لا يعوضها شيء، فلا مزيداً من المسافات التي لا تنتهي، تذكّر دائماً أنك لست مُجبراً على أن تصل الى خط النهاية، ربما يكفي منتصف الطريق، حيث يمكنك قراءة تَفَاصِيل مُهْملَة، في ردهات مُدن، لم تمر بك، ولم تمر بها.
يقول صديقي (ريك وارن): «تذكر المسافة التي قطعتها، وليس فقط المسافة المتبقية لك، فأنت لم تصل إلى المكان الذي ترغبه، ولكنك لست أيضاً في المكان الذي كنت فيه»، هذه النصيحة تمنحك توازنا نفسيا كبيرا، وتجعل منك شخصاً مستقراً مع ذاتك، وتُحوّلك إلى إنسان مليء بالقناعة، ومُفعم بالحياة.
(أن تتوقف، يعني أن تبدأ)، لذا فهذه الحروف ستكون آخر محطة في رحلة «المكان الثالث»، والظهور الأخير لهذا القلم، في كنف هذه الزاوية التي تشرفت بها في صحيفة بهذا الحجم من التاريخ والتجربة، ثائر بداخلي دفنته منذ زمن، ولا أعتقد أنه سيعود، فما عُدت أنا، ولم يتبق سوى مساحة من ذكرى جميلة، وغداً يحمل معه الأمل، ثمة حكايات بداخلي لم تروا بعد.
مُمْتَنّ جداً، لذائقة كل أولئك الذين رافقوني في هذه الرحلة، وساعدوني على «التَوَقُّف».
اعتذر إن كنت خذلتكم، ولم نُكمل ما بدأناه معاً..!
«يوماً ما، سنلتقي صُدفة، أنتَم لا تَعرفونني، وأنا لا أتذكركم».