عبده الأسمري
رفع «أشرعة» المشاعر من بحور «الشعر» ونصب «أعمدة» الأبيات على مراسي» القصائد» ورتب مواعيد «الأناقة الشعرية» على أسوار القوافي وكتب مواثيق «اللباقة الجوهرية» في اعتبار «النصوص»..
أسس «الزوايا» القائمة على الإبداع ورسم «الدوائر» المقيمة في الإمتاع ليقيم «حفلته» الأسطورية في «منصات» الجوائز لتأتي «الرقصة العرفانية» معلنة ما وراء حنجرة المغني موجهة «سهام أليفة» في محفل قريب من البحر وبعيد عن الزرقة انتهى بعناق الشموع والدموع.
بين كيميائية «التخصص» واستثنائية «النص» جهز «خلطته» السرية المركبة من «سر» الموهبة و»جهر» الهبة ليعلن قدومه الميمون فارساً أصيلاً امتطى «صهوة» الانفراد ونال «حظوة» التفرد.
إنه الشاعر الشهير جاسم الصحيح أحد أبرز شعراء الفصحى في السعودية والعالم العربي..
بوجه حنطي اللون وسحنة أليفة وتقاسيم زاهية باهية وملامح «شرقاوية» الأصول «حساوية» المنشأ وأناقة تعتمر البياض وعينين تتوارد منهما نظرات «الذكاء» ولمحات «النبوغ» وشخصية هادئة الطباع واسعة الاطلاع وصوت يتلألأ بالثبات والإثبات تتقاطر منه لغة فصيحة عميقة المفردات أنيقة العبارات في «محافل» الشعر وأروقة «التكريم» ولهجة عامة تعكس «النشأة» وتبرز «التنشئة» وخطاب فصيح مكتظ بالفصاحة وممتلئ بالحصافة قضى الصحيح من عمره عقوداً وهو يكمل «فراغات» الأدب بنصوص «مفيدة» وينهي جولات «الثقافة» بانتصارات «مديدة».
في قرية «الجفر» الحساوية الماكثة في قلب «التراث» والمقيمة في قالب «الموروث» ولد عام 1384 في «منزل» والده الذي يقبع في «ساحة» العنيزان الشهيرة بالاحتفالات في نهار ربيعي مفعم بالسخاء وتناقل جيران المكان «النبأ» السعيد ليكون «احتفالاً» بشرياً اجتاز سور «القرى» ليعلن «الفرح» المسجوع بالمواويل التي ملأت سماء الأحساء بأصداء «البهجة»..
تربى الصحيح بين أب فلاح فالح وأم حكيمة رحيمة فاقتبس من والده «إمضاءات» التوجيه وانتهل من والدته «إضاءات» التربية فنشأ بين ركنين من «الاحتفاء والاعتناء»..
تعتقت روحه صغيراً برياحين واحات «الأحساء» وتسربت إلى أعماقه روائح «المحاصيل» البيضاء المشربة بعرق «الكادحين» وارتسمت في ذاكرته نداءات «الرزق» العصماء الموشحة بعبق «الأولين» وتشربت نفسه أنفاس «البخور» القروي الذي كان ملمحاً للضيافة ومعلماً للبساطة وركض باكراً يسابق أقرانه متأملاً وجوه «البسطاء» في سوق قريته مقتنصاً فيها «تجاعيد» الكدح ومقتبساً منها «ابتسامات» الفرح ومذعناً لآيات « الفرقان» في جامع حارته الذي تعلم منه «فصل» الخطاب وانتهل منه « نبل» الجواب..
كبر وفي قلبه «ذكريات» الطفولة وحول ناظريه «ميادين» الرجولة وأمام عينيه مضامين «البطولة».
تردد الصحيح على «دكات» عشيرته التي كانت «مدارس» مؤقتة لتعليم «السير» وتوريث « الحكايات» ونشر « الملاحم» وظل يترقب مجالس «الوجهاء» من قومه ليكتب في ذاكرته «الصغيرة» مواريث «الاقتداء» موجهاً بوصلة «أمنياته» نحو « الشعر» الذي تحول إلى «حرفته» المثلى مولياً وجهة أحلامه شطر «الهندسة» التي كانت «وظيفته» الأولى..
تأثر الصحيح بتلك «القصائد» التي كانت تتناقلها «المنازل» وتوثقها «الألسن» وتحتضنها «الكتب» وظل يبحث عن ضالته ويرضي غروره بحفظ «أشعار» المتنبي وأبي تمام وأبي نواس وغيرهم حيث أتقن «القراءة» وأجاد « الإملاء» وامتهن «الإلقاء» وبرع في «الكتابة» ومال إلى «البلاغة» ومكث في «النقد» وانتهى بالتأليف..
التحق بأرامكو وهو ابن الخامسة عشرة ونال «الإشادة» بواقع «الإجادة» واختير ضمن بعثة دراسية إلى أمريكا حصل من خلالها على شهادة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة بورت لاند عام 1410 وعمل بعدها مهندساً ميكانيكياً.
أحب الشعر وعشق المفردة فنال «الظهور» المستحق شاباً أبهر «كبار» الأدباء في منطقته ووصل «صدى» إبداعه الباكر ليعانق عناوين «المجلات» ويزاحم « محتوى» الصحف في نصوص وقصائد شعرية كانت «براهين» أولى على « دلائل» لاحقة أثبتت وجوده «نجماً» في سماء الأدب و»وسماً» في فضاء المعرفة.
نال الصحيح عدة جوائز ومنها جائزة الثبيتي عن ديوانه «كي لا يميل الكوكب» عام 1436 وشهادة الاستحقاق في تخصص الشعر العربي عن ديوانه «أعشاش الملائكة» من جامعة الحضارة الإسلامية بيروت وجائزة أفضل ديوان شعري في مسابقة البابطين للإبداع الشعري عام 1434 عن ديوانه «ما وراء حنجرة المغني» وجائزة نادي أبها عن أفضل قصيدة مرتين وجائزة نادي المدينة المنورة مرتين ونال جائزة عجمان للشعر أربع مرات ونال عام 1419 جائزة أفضل قصيدة على مستوى العالم العربي في قصيدته «عنترة في الأسر» ونال جائزة الشارقة لمدة ثلاث سنوات متتالية وحصد المركز الثالث في مسابقة أمير الشعراء عام 1428هـ؛ ونال المركز الأول في الدورة السابعة والعشرين لجائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم بإمارة عجمان عام 1431هـ.
وحصل على المركز الرابع في مسابقة البردة الدولية في دورتها التاسعة، ونال جائزة سوق عكاظ الدولية للشعر العربي الفصيح في دورته الـ12. وحصد جائزة السنوسي الشعرية عام 1439 عن ديوانه «قريب من البحر بعيد عن الزرقة». ألف الصحيح عدة دواوين وهي «كي لا يميل الكوكب» و»رقصة عرفانية» و»أولومبياد الجسد» و»ظلي خليفتي عليكم» و»أعشاش الملائكة» و»حمائم تكنس العتمة» و»وما وراء حنجرة المغني» و»عناق الشموع والدموع» و»نجيب الأبجدية» و»سهام أليفة» و»ألنا له القصيد» و»قريب من البحر بعيد عن الزرقة» و»الأعمال الكاملة -ثلاثة مجلدات» و»تضاريس الهذيان».
أجاد الصحيح اللعب في كل «مراكز» الميدان الشعري وكان فيها «اللاعب» و»المدير الفني» وصانع اللعبة ومحرز الهدف ومقتطف النصر وحاصد الفوز ليبقى «العنوان» الأمثل لتفاصيل «التفوق» و»الديوان» الأكمل لتراتيل «التذوق».
اعتلى جاسم الصحيح «صروح» الثناء بأحقية «الاقتدار» وأسبقية الانتصار في شؤون «المعاني» ومتون « التفاني».