في بداية الأمر نتقدم بالتهنئة العاطرة لخادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، والشعب السعودي، بمناسبة إعلان يوم التأسيس، ونحمد الله ونشكره على أن منّ على هذه البلاد بهذه القيادة الحكيمة، المتطلعة، ونبتهل إليه أن يسبغ على بلادنا نعمة الأمن والأمان. كما نحمده على هذا الرباط القوي وهذه العلاقة الوثيقة المتميزة بين القيادة وأفراد الشعب السعودي.
إن يوم التأسيس.... هو اليوم المهم جداً، وهو اليوم الذي أسس فيه الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ، 1727م، يؤكد رسوخ هذا الوطن الأشم، الضارب في أعماق التاريخ، منذ ثلاثة قرون وإلى اليوم، فالمملكة العربية السعودية ليست دولة ناشئة أو طارئة، بل هي دولة عريقة سبقت في تاريخ تأسيسها دولاً عظمى كثيرة، دولة لها عمقها التاريخي، وجذورها السياسية التي تكونت في عام 1139هـ (1727م) ومازالت ولله الحمد مستمرة حتى اليوم.
ولم يكن أفراد المملكة العربية السعودية وقيادته يشهدون هذا الإنجاز الكبير لولا التلاحم الكبير والعلاقة الفريدة والتميز بين القيادة والشعب، بالإضافة الى الكم الكبير من تضحيات الآباء والأجداد، وما صادف هذه الدولة وأفرادها من تحديات، وصعوبات استطاعوا تجاوزها والتغلب عليها لبناء وطن يمتد عمره إلى ثلاثة قرون. محققين بذلك نجاح وأمن واستقرار قلما شهدته الجزيرة العربية.
إن مناسبة الاحتفال بهذه الذكرى الخالدة فرصة للأجيال المقبلة ليتعرفوا على تاريخ بلادهم، وما سطره الآباء والأجداد من بطولات جعلت رقعة الوطن تمتد إلى ما هي عليه من مساحات، في وحدة لا مثيل لها في التاريخ، وبإنجازات غير مسبوقة، وتنمية شاملة وصلت إلى كل جزء في هذا الوطن الحبيب.
وبرؤية تاريخية للدولة السعودية يظهر ويتبين ويتضح لنا أنها ليست دولة طارئة لا على التاريخ، ولا على الجغرافيا، دولة متواصلة في فتراتها التاريخية، وهذا التواصل بين الحقب الثلاث يؤكد أن الأساس الذي تشكلت من خلاله هذه الوحدة بين أبناء الشعب الواحد في التاريخ الحديث جاء بعد عقود من التشتت والفرقة والنزاعات والخلافات والشقاق، كانت إرادة وتصميم وعزائم القيادة وتضامنها مع السكان لتحقيق الوحدة وبناء ورقي الدولة، وتجاوز كل المعوقات التي كانت تتربص بهذا الهدف وتحول دون تحقيقه.
إن الهدف من صدور الأمر الملكي الكريم بإحياء هذا اليوم التاريخي البهيج هو نوع من الوفاء لأئمة الدولة وملوكها الذين أسهموا في مراحل هذا البناء، وفي ذات الوقت فنحن بهذا العمل نجسد في (يوم التأسيس) أن المملكة العربية السعودية تمتلك قيمة رفيعة لدينا من خلال اهتمامنا بتاريخها، ونستحضر جميعاً قصة أمجاد دولتنا العظيمة، وأئمتها وملوكها ورجالاتها، وابطالها الذين صنعوا هذا التاريخ بإصرارهم. كما ينبغي علينا جميعاً أن نفتخر بتاريخنا، نمجده ونحتفي به، ونذكر بكل مسارات دولتنا من خلال (يوم التأسيس) مستذكرين من يعود له الفضل في تأسيس الدولة السعودية الأولى وهو الإمام محمد بن سعود، الذي انطلق من الدرعية في رحلة محفوفة ومليئة بالمخاطر، في شجاعة فذة لبناء دولة عظيمة، شكلت واحدة من أهم المشاريع الوحدوية التي لم تعرفها الجزيرة العربية ولم تشهدها منذ قرون بعيدة.
إن اعتماد (يوم التأسيس) يوم 22 فبراير كل عام واعتباره الامتداد الطبيعي للدولة، والاحتفاء به وانفراده بيوم إجازة رسمية لجميع الطلاب والطالبات وقطاعات الدولة، مما يدلل على قيمة هذه المناسبة الوطنية المهمة، والسعي نحو ترسيخها بالشكل الذي يليق بمكانتها في نفوس أبناء وبنات المملكة العربية السعودية. نبتهل إلى الله أن يديم على بلادنا نعمة الأمن والأمان وأن يحفظ قيادتنا ويسبغ عليها الصحة والعافية، وأن يجعل مملكتنا الحبيبة دائماً متسنمة ذروة سنام المجد، محققة أعلى درجات النجاح والتألق والإبداع.
** **
د. مريم بنت خلف العتيبي - جامعة الامير سطام بن عبدالعزيز