د. نوف بنت محمد الزير
كثيراً ما تردد اسم ليلة العمر على مسامعنا منذ كنا صغاراً؛ وكنا نعدها شيئاً مختلفاً ولكننا لم نكن نعرف تفاصيل الاسم!
ليلة العمر هي تلك الليلة الفريدة التي يلتقي فيها قلبان ويتعاهدان على وحدة المصير والهدف المشترك!
قلبان وُلِد كل منهما في بيئة مختلفة وفي كنف أبوين فاضلين وأسرتين كريمتين.. قلبان ظل كل واحد منهما يترقب الآخر دون أن يعرفه، أو يُدرك حقيقته، حتى حانت لحظة اللقاء!
يتخيل تفاصيل حياته ويرسم توقعاته.. ويخطط لمستقبله.. ويتوقع أبعاده.. ترسخ في أذهان كثير من الناس أن ليلة العمر هي تلك الليلة التي يلتقي فيها ركنان من أركان الحياة الكريمة في مشروع الحياة ليؤسسا مستقبل أسرة تعمر الأرض وتسعى في مناكبها.. وهذا هو الجزء الأكبر من الحقيقة وثمة أجزاء أخرى جديرة بالتأمل. إنها الليلة التي يبقي إمضاؤها في قلوب كثيرة بدءاً بأم الزوج التي بدأت منذ زمن تتلمس الشخص المناسب لتهديه فلذة كبدها وحصاد عمرها بعدما قضت سنين حياتها تُربيه وتعلّمه وتوجّهه ليعكس طموحاتها وآمالها وتقدمه للمجتمع عملة نادرة محل تقدير الجميع. وامتداداً لأم الزوجة التي برقت عيناها ودق نبض قلبها وهي ترى من يشتري القرب منها ليحظى بزهرة عمرها شريكة حياة ويكون لها صهراً أميناً.
ووالدي الزوجين اللذين يرين أنهما أمام مشروع حياة بذلا فيه عمراً ودهراً، وترقباه منذ اللحظة الأولى التي شعرا فيها بنعمة الأبوة!
وهي ليلة العمر لأخوة وأخوات العروسين الذين يرون أن ثمة جوهرة من جواهر عقدهم الثمين في طريقها لتكون عقداً مستقلاً يتبعه عدد من الجواهر في المستقبل بإذن الله. فمشاعرهم مختلطة بين بهجة الفرحة وبين ألم البعد والوداع، حينما تذرف دمعك وأنت تبتسم تشعر أن شيئاً ما يخترق فؤادك وشيئاً آخر يحرك مشاعرك وشيئاً ثالثاً يُشعرك أن الدنيا مهما كبرت فهي صغيرة!
إنها ليلة خالدة جدير أن توثق.. وجميل أن نعيشها بأجمل التفاصيل وأروع اللحظات ليلة أثيرة حتى عند أولئك الذين يبتهجون وهم يشاركونك فعالياتها بتهانيهم وحضورهم ودعواتهم ترى في عيونهم مشاعر جياشة.. وفي ابتساماتهم حكاية الحب الذي يمتد ليهمس لك أن الدنيا لا تزال بخير فنحن معك بقلوبنا وكل جوارحنا.
يا شريك حياتي: اليوم تبدأ رحلة العمر الحقيقية.. الرحلة التي قدّرها الله لنا، واخترناها حباً وكرامة وعمراً، وأعدها لنا أهلونا بثقلهم وحياتهم ونفائس أموالهم لنؤسس شركة العمر التي لا يقبل فيها إلا النجاح والتميّز والتفوق والثبات والاستدامة بإذن الله.
شركة من نوع خاص يتفانى فيها كل واحد منا بتقديم أجمل ما عنده.. وتجاوز كل التحديات في سبيل أن تكون الحياة أجمل وأكمل.
شركة ماؤها الحب وأكسجينها الإخلاص وتربتها البذل ورنيمها العطاء وموطنها الفؤاد!
كل تلك الأحاسيس والمشاعر لأجل كل عروسين ارتبطا بعقد متين وميثاق غليظ على أن يؤسسا أسرة صالحة ويعيشان في رغد .. ويدخلان بوابة الحياة الرحبة الفسيحة بطموح البهجة والسعادة والأمل وروح الكرامة والمودة والرحمة.
فلكما نقول من الأعماق: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما على خير.. وإلى حياة سعيدة تغشاكم فيها عناية الله وتحفكم فيها أكاليل السعادة وتحيطكم قلوبنا بدعوات لا تكل
بدوام التوفيق.