أتساءل ما العلاقة بين حزن المرأة وشعرها؟!
لماذا كلما هز الحزن قلبها، تساقط شعرها!!
لِمَ حين يخذلها حبيبها أو رجلها، تقص شعرها، ويكون هو أول من تثأر منه!!
كيف ربطت نساء العرب في العصر الجاهلي بين حلول المصيبة بهن؛ وحلق روؤسهن!!
كل هذه الأسئلة لم تنفك عن رأسي، وأنا جالسة في المشغل النسائي، عند صديقتي الكوافيرة اللبنانية رولا.
بينما تُعْمِل مقصها في شعر امرأة أربعينية، لفتني نظرات المرأة وهي تحدق في وجهها المنعكس على المرآة.
تبدو وكأنها تتحدى أحدهم.
رأيتها تضحك مع الكوافيرة، والرضا بادٍ على محياها، وكأنها تخلصت من عبءٍ ثقيل، وخصلاتها الشقراء تتساقط على الأرض.
دفعت ثمن القصة وفوقها (حلاوة)؛ كما قالت لرولا.
بعد مغادرتها سألت صديقتي:
يظهر لي أن القَصة راقتها كثيرًا حتى أعطتك فوق أجرتك مبلغًا زائدًا.
قالت: صحيح؛ والمبلغ الزائد، ابتهاجًا بطلاقها، والليلة تحتفل بذلك.
هنا فهمت سر تلك النظرات الحادة، وسبب دفعها حلاوة للكوافيرة.
ما زلت أنتظر دوري، فقد حضرتُ متأخرة، وقبلي زبونات ينتظرن أدوارهن أيضًا.
اتجهت رولا إلى صبية عشرينية ذات شعر أسود طويلٍ كالليل البهيم، سأَلَتهَا عما ترغبه، فقالت:
أريدك أن تصبغي شعري باللون الأشقر الرمادي، فغدًا عقد قراني.
شرعت رولا في تجهيز ألوان الصبغة ومزجها معًا.
عدت للتساؤل: لماذا تربط المرأة مشاعرها والتغيرات الحاصلة في حياتها بتغيير مظهر شعرها؟!
حتى هذه الصبية تودع العزوبية عن طريق تغيير لون شعرها!!
بينما أنا غارقة في تساؤلاتي، ظهرت على شاشة التلفاز إحدى المطربات المشهورات بقصةٍ صبيانية جدًا، سمعت امرأتين بجواري يأسفن لحالها، فقد قصت شعرها هكذا، انتقامًا من طليقها الخائن.
فتحت هاتفي لأطلع على آخر الأخبار ولتمضية الوقت، فإذ بي أرى مطربة أخرى حليقة الرأس، وعرفت أنها أيضًا فعلت ذلك بعد صدمة طلاقها من زوجها الذي تحبه بشدة.
أخيرًا بعد طول انتظار جاء دوري.
سألتني رولا:
- ماذا تحبين أن أفعل لك بخصوص شعرك؟
قلت: سشوار.
قالت: فقط؛ فأجبت:
- نعم فقط.
تبادر إلى ذهني سؤال، ونحن نشاهد برنامجًا سياسيًا عن الأحداث الأخيرة في لبنان، فقلت لها:
- لِمَ اخترتِ العمل مزينةً للشعر؟!
أعرف أنك حاصلة على بكالوريوس في القانون.
ردت بحسرةٍ، وقد زمت شفتيها جانبًا بشكلٍ ساخر:
- لم أستطع إيجاد وظيفة بشهادتي في بلدي، ولأني عاجزةٌ عن إحداث أي تغيير فيها، اتجهت إلى هذا العمل، لعلي أغير من مظهر ونفسيات زبوناتي على الأقل.
قالتها بينما بدا شعري بمظهر رائع، وقد ارتسمت نصف ابتسامةٍ على شفتي، منع من اكتمالها كلام صديقتي الأخير.
** **
- عائشة عسيري