افق يا زماني من سبات الحوالك
فلست بطيَّات الدهور بآفك
أنا مضرم الأحداق غافٍ عن الرؤى
وحيدٌ بلا مدد أدير معاركِي
أصفِّدُ أحلامي البِكارَ وأمتطي
أهازيجَ بوح من نشيد ملائكي
رهينُ ابتهالاتي وأنفاسِ عزلتي
وخيلي بوادي التيه دُمي السنابك
تدكُّ عَجاج الريحِ في كل غدوة
وتمسى وما برحت بغير التهالك
فحينا مع السمار اعتق حربتي
وأسرج خيلي من نعيكم الأرائك
وحينا أزجي آهة تلو آهةٍ
وأرفلُ في إيك من السهد آيك
عضيدٌ لأحزاني كسيفٌ لفرحتي
أقيم على نبض الملام مناسكي
وأسلو مع الأشجان حتى تخالني
طريد مفاز يتقى نطعَ سافك
فيا نفحة السلوان ياميعة الصبا
رهنت نزالي لا علي ولا لك
وغادرت شطآني بنجواي عاكفا
وما هالني في الله شوكة شائك
نشأت على الأحزان من يافع النهى
أشيَّد صرحا من رفيع المدامك
فبوحا مداد الأرض غنت ركائبي ....
وجابت قلاص الروح كل الممالك
فماوجدت نجواي من شاهق الورى
سجايا تعانقها كسمت الترائك
افقْ يا زماني واستهلَّ بصولةٍ
ونضَّ لنا باباً عريضَ المسالكِ
نأى عن سهادِ الخوف منذ عشيِّه
وشعَّ اصطلاء للحجى والمدارك
تهادى مع الأفلاك في لامع الفضا
وتزهو به الدنيا وراء النيازك
تآزر فيه اليوم والأمس والغدُ
فلاح كعنقودٍ وضٍ متبارك
نطيف به وردا من العمر ناجيا
إلى حيث نور الله في قلب ناسك
ونشعل عرس الأرض حباً فتنطفي
شرارة أضغان الصدور الفواتك
هنالك تخضر الحياة فليتها
تدوم بنا الدنيا إلى اللا تهالك
** **
د. يوسف الدعدي - جامعة الباحة